الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا بحاجـة لبروز قوة عسكرية معارضة

سوريا بحاجـة لبروز قوة عسكرية معارضة

23.10.2014
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاربعاء 22-10-2014
حتى لا يجد الذين يهمهم الشأن السوري ،والمفترض أنه لا يهم الدول المجاورة وحدها وإنما العرب كلهم، بأوضاع كالأوضاع التي تعيشها ليبيا فإنه لابد من أنْ تتضافر الجهود الخيرة لإنهاء هذه الحالة المربكة التي تعيشها المعارضة السورية التي لا يجوز تحميلها أكثر مما تحتمل طالما أنها قد بدأت من الصفر وطالما أن هذا النظام الإستبدادي قد أنهك الحياة السياسية في هذا البلد الذي كان سباقاً في الممارسة الديموقراطية والتداول على السلطة قبل أن يُبتلى بظاهرة الإنقلابات العسكرية.
كل حركات التحرر وكل ثورات العالم كان يبدؤها تنظيم سياسي ،حزبي أو جبهوي، بالمبادرة إلى تشكيل ذراعه العسكري الواسع الذي يستوعب طاقات الشعب المعني كلها فالثورة الجزائرية كانت قد بدأتها جبهة التحرير التي لا تزال حزباً حاكماً حتى الآن وكذلك الأمر بالنسبة للثورة الفيتنامية والثورة الفلسطينية التي أطلقت شرارتها حركة "فتح" في الفاتح من عام 1965 والتي لم تستطع مواجهة الواقع الذي استجد بعد عام 1967 الذي ترتب عليه ظهور تنظيمات وصل عددها في البدايات إلى أكثر من عشرين تنظيماً كان للدول المجاورة والبعيدة أيضاً النصيب الأكبر فيها.
لم يسمحْ حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري لأي تنظيم سياسي لا يساري ولا ماركسي ولا قومي ولا ديني ولا ما يشكل إمتداداً لأي جهة خارجية بالدخول إلى إطار الثورة والمشاركة فيها ولذلك فإنه قد حافظ على وحدة هذه الثورة ولذلك فإنه قد حماها من أي إختراقات إستخبارية سواءً كانت عربية أم غير عربية وهذا هو ما حصل مع الثورة الفيتنامية مع الفوراق والخصوصيات الكثيرة بين التجربة الجزائرية والتجربة الفيتنامية.
أما بالنسبة لتجربة فلسطين فإن المعروف إن حركة "فتح" قد شكلت العمود الفقري للثورة الفلسطينية وأنها هي من تحكم في ضبط الأوضاع داخل منظمة التحرير وحالت دون سيطرة الاختراقات الجانبية عربية وغير عربية على هذه المنظمة والإنحراف بمسارها وهنا فإن الكل يعرف كل تلك المحاولات التي قام بها النظام السوري في عهد حافظ الأسد بعد إخراج قوات هذه المنظمة من بيروت ومن طرابلس والبقاع وكل المناطق اللبنانية وإن قبل ذلك.
إن مشكلة الثورة السورية أنها انطلقت من الصفر وأنها بدأت واستمرت على مدى الأعوام الأربعة الماضية بدون عمود فقري وبدون تنظيم رئيسي ولذلك فإنها أصبحت فريسة للتدخلات الإقليمية وإنها بقيت تخضع للأمزجة الشخصية وبالتالي فإن عدم قدرتها على ضبط الأمور قد أفسح المجال لكل هذه التشكيلات الخارجية والمحلية وقد أفسح المجال لبروز التنظيمات المتطرفة كـ"داعش" و"النصرة" مما جعل كل محاولات الوحدة والتوحيد دونها خرط القتاد ومستحيلة.
الآن هناك "الإئتلاف" الذي بقي رؤوساً مؤتلفة وقلوباً مختلفة ثم وهناك الحكومة الوطنية التي بقيت سبباً للخلافات وتصادم المصالح الإقليمية والتي هي في حقيقة الأمر لم تفعل شيئاً وغير منتظر أن تفعل شيئاً وهذا يتطلب بروز قوة عسكرية رئيسية ليس من الميليشيات وكل هذه التنظيمات الفعلية والوهمية وإنما من ضباط وجنود الجيش العربي السوري الذين تخلوا عن مواقعهم والتحقوا بثورة شعبهم.. إن بروز مثل هذه القوة هو ما سيؤدي إلى الإطمئنان بأن مصير سوريا لن يكون كمصير ليبيا وهو ما سيقطع الطريق على كل هذه التشكيلات المحلية وغير المحلية ،ومن بينها بالطبع التنظيمات المتطرفة، من العبث مستقبلاً بوحدة هذا البلد العظيم وبتوجهاته الديموقراطية.