الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تركيا وسوريا.. تغير قواعد اللعبة

تركيا وسوريا.. تغير قواعد اللعبة

29.07.2015
أحمد فودة



الشرق القطرية
الثلاثاء 28/7/2015
بعد تفجير سروج التركية، بدأت تركيا في تنفيذ إستراتيجية جديدة للتعاطي مع الأحداث في سوريا، تقوم على التدخل العسكري المباشر ضد تنظيم داعش المتهم بتنفيذ التفجير، من أجل تحقيق عدة أهداف، أبرزها منع تمدد التنظيم حتى الحدود التركية السورية، وخلق منطقة عازلة على الحدود لمسافة عدة كيلو مترات، وكذلك منع إقامة دولة كردية في شمال سوريا بعد نجاح الأكراد في السيطرة على جزء مهم من مدن شمال سوريا، وذلك حتى لا يكون ذلك بمثابة تجربة ملهمة لأكراد تركيا الذين يسعون إلى إقامة دولة مستقلة لهم في جنوب شرق تركيا.
أما الهدف الثالث فهو منع تمدد واستمرار التحالف الذي بدأ بين النظام السوري وتنظيم داعش في بعض المناطق، والذي يهدف إلى إطالة أمد بقاء النظام وتوحده مع التنظيم ضد قوات الثورة السورية.
هذه الإستراتيجية التركية الجديدة تأتي في ظل التغيرات الجديدة التي تشهدها الساحة السورية، حيث يخسر النظام مواقع جديدة ويخسر معها بعضا مما تبقى لديه من مقاتلين ومساحات جغرافية بمواردها الاقتصادية ومزاياها الإستراتيجية، وتتراجع مع ذلك يوما بعد آخر قدرة النظام على الاستمرار.
فوفقا لتقديرات دولية، فإن النظام السوري خسر جزءا كبيرا من جنوده، حيث لم يعد لديه أكثر من مئة ألف مقاتل جزء منهم غير مضمون الولاء، حيث يتم تجنيدهم عنوة ضمن وحدات جيش النظام. ولدى النظام عدد مماثل من المليشيات الشيعية والمحلية التي ينضوي جزء كبير منها تحت اسم "لجان الدفاع المدني" و"الجيش الوطني"، وهي مليشيا غير منضبطة وليست على درجة عالية من التأهيل ولا تملك أسلحة فاعلة.
هذه التحولات دفعت النظام إلى تغيير إستراتيجيته من "جيش في كل ركن"، إلى إستراتيجية "إعادة تجميع القوات" لتدافع عن المناطق ذات التجمعات العلوية في الساحل، تحت ما يسمى "الحرس الجمهوري للساحل".
وسوف يترتب على التدخل العسكري التركي، تزايد وتيرة تنفيذ النظام لإستراتيجيته الجديدة وتمركز قواته في منطقة الساحل، وحينها سيكون من السهل على قوات الثورة الانقضاض على هذه القوات والسيطرة على منطقة الساحل بعد تأمين الحصول على مزيد من الأسلحة الهجومية التي ستأتي بالتأكيد عن طريق تركيا من أجل حسم الموقف العسكري في سوريا، إذ إن عدم الحسم سيؤدي إلى عملية استنزاف للجيش التركي لا يستطيع تحملها في ظل تطورات الأحداث في العراق وربما في المستقبل في إيران التي يتوقع أن تواجه تمردا من جانب بعض عرقياتها مثل الأكراد والعرب السنة، بعد انتهاء أزمة البرنامج النووي التي كانت تمنع هذه الانفجاريات الطائفية.
يجب الإشارة إلى أن عملية حسم الموقف العسكري في سوريا يتوقف أيضا على عوامل إقليمية ودولية، أهمها يتعلق بالنظام الجديد الذي سيحكم سوريا وتوجهاته خاصة في ظل الرفض الإقليمي والدولي لتولي الإسلاميين الحكم في سوريا. وهو ما يعني أن عملية الحسم ستنتظر حسم القوى الإقليمية والدولية موقفها من بديل النظام السوري المنتظر.
لكن هذا لا يعني بحال أن التطورات العسكرية دورها ثانوي في هذا الأمر، ذلك أنه من الممكن حدوث مفاجآت عسكرية تؤدي إلى الحسم العسكري دون انتظار الموقف الإقليمي والدولي. ولعل دخول تركيا على الساحة قد يكون بداية هذه المفاجآت.