الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الذئب التركي في "جرابلس"

الذئب التركي في "جرابلس"

31.08.2016
د. صفوت حدادين


الرأي الاردنية
الثلاثاء 30/8/2016
ما أشبه الليلة بالبارحة، فبعد ثمانية و سبعين عاماً يتكرر نفس مشهد التوغل التركي في الأراضي السورية، ففي ١٥ يوليو من عام ١٩٣٨ اقتحم العساكر الأتراك لواء "الاسكندرون" و انسحب جيش الانتداب "الفرنسي" مقابل ضمان دخول "تركيا" صف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
اليوم تلعب "روسيا" دور "فرنسا" في منح الضوء الأخضر للأتراك لاقتحام "جرابلس" بمبرر ملاحقة عناصر "داعش" و يتلقف الأتراك الفرصة بكلتا اليدين فيبدأون حملتهم لقطع الطريق على "الأكراد" في اقامة دولتهم في شمال "سوريا" و هي كابوس الليل الذي جرّ "الأتراك" لقلب مواقفهم تجاه الأزمة السورية.
النظام السوري اكتفى بادانة "التدخل السافر في السيادة السورية" و تشابه رد الفعل هذا مع رد الفعل من "روسيا" التي ابدت انزعاجها من التحرك التركي و كأن "اردوغان" لم يحصل على مباركة "الكرملين" قبل تحريك عساكره لاجتياز الحدود مع "سوريا"!
"الجيش الحر" الذي هو الآن العوبة بيد "الأتراك" و بالتالي بيد "الروس"، و يحفزه على ذلك وعود منحه حصة من "سوريا الجديدة"، يشكل الدرع الواقي للعساكر الأتراك بهدف تخفيف الخسائر البشرية و سينتهي مصيره إلى مصير القوات الكردية التي في هذه الأثناء تشكو مرارة الخيانة بعد أن استخدمها التحالف و تخلى عنها في ليلة و ضحاها!
"تركيا" تحاول الإيحاء بأنها دخلت إلى "جرابلس" في مهمة و بعد إنهائها ستخرج و تسلم المناطق المحررة إلى "الجيش الحر" لكن التاريخ يعيد نفسه و هدف "تركيا" الذي لا تنكره رغم أنها تحاول وضعه بالتوازي مع محاربة "داعش"، و كأن حدودها لم تترك يوماً معبرا للقادمين من أصقاع الأرض للالتحاق بالتنظيم الارهابي، هو قتل الدول الكردية المزمع اقامتها في الشمال السوري في مهدها و هذا لن يحدث في ظل التطورات العسكرية و الجغرافية دون عزل مناطق السيطرة الكردية عن بعضها.
الخطير في الأمر أن "تركيا" تعلم أن قضية "لواء الاسكندرون" لم تمت بل أن الأزمة السورية أحيت المطالب بعودة "لواء الاسكندرون" إلى "سوريا" و بروز قضية جديدة كالوجود التركي في "جرابلس" سيحول الأنظار نهائياً عن "لواء الاسكندرون" لا بل أنها لا تجدد غضاضة في الاستيلاء على "جرابلس" و ربما أكثر إن حدث و انهار النظام السوري فجأة و هذا سيناريو متوقع إن توصلت التحالفات تحت الطاولة إلى إخراج النظام السوري من المعادلة بغض النظر عن شكل الإخراج للسيناريو هذا.
إطالة أمد الصراع السوري سيتسبب بمزيد من خسائر وحدة التراب السوري و انسلاخ اجزاء منه و الذئب التركي بالمرصاد لنصيبه من الدولة السورية المنهارة بينما النظام السوري في الانعاش بانتظار انقطاع "الأوكسجين" الروسي!