الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إعمار سوريا

إعمار سوريا

18.08.2018
يونس السيد


الخليج
الخميس 16/8/2018
تتأرجح قضية إعمار سوريا ما بين الحماس الروسي والدول الحليفة لموسكو، والفتور أو التحفظ الغربي، خصوصاً لدى واشنطن، والربط الأممي لقضية إعادة الإعمار وعودة اللاجئين بالتسوية الشاملة للنزاع السوري بإشراف المنظمة الدولية.
صحيح أن الحرب لم تنته بعد، وأن الحل السياسي للأزمة لا يزال بعيد المنال، ولكن موسكو تضغط بقوة للحصول على موافقة الغرب والأمم المتحدة في موضوعي عودة اللاجئين وإعادة الإعمار، التي تشير التقديرات الأولية إلى أنها ستزيد على 250 مليار دولار، مستفيدة مما يمكن وصفه بالإنجازات الميدانية التي حققتها قوات النظام، بدعم منها في الشهور الأخيرة. وانطلاقاً من ذلك، تسعى موسكو لحشد تعاون المجتمع الدولي في قضية إعادة الإعمار من البوابة الإنسانية الأكثر تأثيراً في الغرب، وهي قضية عودة اللاجئين التي تحوّلت إلى مشكلة جديّة، وأدت لانقسامات بين الدول الأوروبية خصوصاً.
في هذا الإطار، كشفت التقارير الإخبارية مضمون مذكرة للحكومة الأمريكية، أكدت فيها أن موسكو استخدمت قناة اتصال مع واشنطن اقترحت فيها تعاوناً أمريكياً- روسياً في قضيتي الإعمار واللاجئين. لكن واشنطن تحفّظت على هذه المقترحات وبررت المذكرة الأمريكية ذلك، بأن سياسة واشنطن يمكنها أن تدعم مثل هذه الجهود فقط إذا تم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب السورية المستمرة منذ سبع سنوات، بما في ذلك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة. وكان الاتصال الذي جرى عبر قناة، تستخدم أساساً للاتصالات العسكرية، قد تم في 19 يوليو/تموز الماضي بين رئيس الأركان العامة للجيش الروسي، فاليري جيراسيموف، ورئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، جوزيف دنفورد، وتم الاتفاق خلاله على إبقاء المقترحات سريّة. ويبدو أن كل التحرك الروسي جاء على خلفية قمة ترامب - بوتين في هلسنكي، حيث نالت موسكو موافقة مبدئية بشأن استعداد أمريكي للتعاون في هذا المجال، فيما حاولت واشنطن التركيز على أن المقترحات الروسية لا علاقة لها بقمّة هلسنكي.
على أية حال، من الواضح أن موسكو تنشط على كل الجبهات العسكرية من خلال الدعم المباشر لاتفاقات التسويات والمصالحات المحلية، والسياسية من خلال التركيز على الحل السياسي ومؤتمرات سوتشي وأستانا، وإن كانت تتعامل بحذر مع مؤتمرات جنيف، وكذلك الإنسانية من خلال دفع المجتمع الدولي لحل قضيتي اللاجئين وإعادة الإعمار. ويبدو أنها تمكنت من جذب فرنسا وألمانيا إلى موقفها، حيث تسعى إلى عقد قمة رباعية معهما في أنقرة بمشاركة تركيا، لبحث هاتين القضيتين إضافة للجوانب الأخرى المتعلقة بالنزاع السوري.
ومن المؤكد أن الحملة الروسية، على هذا الصعيد، باتت تصبّ تماماً لصالح دعم وتثبيت أركان النظام السوري، وتفاقم من معاناة المعارضة وخسائرها، بعدما كانت تستخدم هاتين الورقتين، اللاجئين والإعمار، كأداتي ضغط على النظام يمكن أن يوجههما المجتمع الدولي.