الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حماية الشعب السوري

حماية الشعب السوري

05.07.2018
د. رحيل محمد غرايبة


الدستور
الاربعاء 4/7/2018
 المعيار الصحيح الذي ينبغي أن يكون مقياساً سليماً لكل المواقف السياسية على جميع الصعد المحليّة والإقليمية والدولية سواء على المستويات الرسمية أو الشعبية يتمثل "بحماية الشعب السوري" على وجه الاجمال ليكون آمناً في وطنه وفي جميع مدنه وأريافه وعلى جميع ترابه الوطني.
  ما وجدت الأنظمة السياسية الحاكمة الاّ لخدمة شعوبها وتأمين معيشتهم وحفظ كرامتهم وصيانة حرياتهم، وعندما تعجز الأنظمة عن القيام بهذه المهمة الجوهرية ذات الاولوية الاولى فقد فقدت مبررات وجودها، وفقدت دورها الحقيقي ولم تعد تستحق البقاء، وهذا ينطبق على جميع الأنظمة والحكومات بغض النظر عما تحمله من سمات أيدولوجية وشعارات سياسية وخطابات إعلامية، سواء كانت منبثقة من الدين أو القومية أوالليبرالية أوالعلمانية.
 ينبغي أن يكون هذا المعيار محل توافق جميع الأطراف السياسية والاجتماعية المختلفة، لأنه لا سبيل للتعايش بين المختلفين الاّ من خلال إيجاد المرجعيات الموحدة التي تحظى بالتوافق من أجل استمرار الحياة، ولا تستقيم الحياة بلا مرجعيات تشكل كلمة سواء عند الاختلاف، وسيبقى الاختلاف موجوداً إلى يوم القيامة.
معيار ( حماية الشعب السوري ) الذي يتعرض إلى حرب إبادة من أطراف كثيرة وعديدة محلية وإقليمية وعالمية، ينبغي أن يكون المنطلق التي تشتقق منها المواقف السياسية، وترجمة هذا القول ينبغي أن تظهر في مواقف الشعوب العربية ازاء ما يحدث في سوريا منذ اندلاع الأزمة، فالمطلوب من الدول الكبرى التي وضعت يدها في الحرب الداخلية الدائرة منذ سبعة أعوام في تدخل سافر على الأرض عبر استخدام القوة المادية والمعنوية بكل أشكالها أن يتم النظر اليها من هذا المعيار، فهل ما تقوم به هو من أجل حماية الشعب السوري؟ ويتم توجيه السؤال إلى الولايات المتحدة و روسيا أولاً وإلى القوى الإقليمية إيران وتركيا ثانيا، وكذلك الدول العربية التي تدخلت بثقلها المادي والسياسي، فهل تخدم هذه الدول مصالحها الخاصة أم تدخلت فعلاً لتأمين الحماية للشعب السوري وتحقيق مصالحه.
ونحن الأردنيين الذين يعيشون النكبة السورية بكل أبعادها، ينبغي أن نحسم الاختلاف الشعبي الواسع إلى حد الانقسام بيننا من خلال النظر إلى مصلحة الشعب السوري أولاً وتأمين حماية المدنيين، وليس الوقوف إلى جانب النظام تارة وتارة اخرى إلى جانب المليشيات المسلحة، وهذا ينطبق على الموقف السياسي ازاء الدول المتصارعة على اشلاء الشعب السوري، فقد تدخلت جميع الدول البعيدة والقريبة الطبخة السورية ولكنها لا تقيم وزناً الاّ لمصالحها الذاتية المغرقة بالأنانية.
المواقف الأردنية الرسمية والشعبية وموقف المؤسسة العسكرية الاردنية ازاء محنة السوريين، وخاصة في فصولها الأخيرة في درعا ؛ تستحق التقدير والتثمين، لأنها تنبعث في أغلبها من التفكير في كيفية حماية الشعب السوري، وفي تأمين الاغاثة الممكنة للمنكوبين والمشردين، وحماية الأطفال والمرضى والشيوخ والنساء ؛ الذين دفعوا لوحدهم ثمن الصراع الداخلي على السلطة، وثمن الصراع الإقليمي على المصالح، وثمن الصراع الدولي والتنافس المحموم بينها على توسيع دائرة نفوذها في رسم الخارطة الجديدة للمنطقة ومن أجل الاستحواذ على الحصة الكبرى من اجل إعادة التشكيل تحت عنوان التسوية الكبرى.