الرئيسة \  تقارير  \  الغرب مستعد لتحمّل ضغوط حرب طويلة في أوكرانيا

الغرب مستعد لتحمّل ضغوط حرب طويلة في أوكرانيا

21.06.2022
إيلي يوسف


واشنطن: إيلي يوسف
الشرق الاوسط
الاثنين 20/6/2022
تأمل الولايات المتحدة أن تؤدي زيادة المساعدات العسكرية الأميركية والغربية إلى أوكرانيا، إلى جانب “عزلة” روسيا المتزايدة على المسرح العالمي، إلى الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتغيير موقفه. وتؤكد إدارة الرئيس جو بايدن استعدادها للمخاطرة بحصول اضطراب اقتصادي أميركي وعالمي كبير، يصاحب حربا طويلة الأمد، للتصدي لخطر ابتلاع روسيا لجارتها أوكرانيا والسعي لتحقيق طموحات انتقامية أخرى. كما أن تغيير العديد من الدول الأوروبية، موقفها المتردد، وموافقتها على زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا، يعكس استعدادا متزايدا للمخاطرة أيضا بالتصعيد غير المقصود مع روسيا.
وتحدثت وسائل إعلام أميركية عدة، عن أن هذا الدعم الغربي الكبير، قد شجع حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على التعهد باستعادة كل الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا، وعلى القول إنها لن تدخل في مفاوضات جديدة مع روسيا، قبل أغسطس (آب) المقبل.
وفيما عُدت المساعدة الأميركية الأمنية الأخيرة لأوكرانيا بقيمة مليار دولار، دليلا على تصميم واشنطن على ضمان استمرار المقاومة الأوكرانية في دونباس، كشفت دول أوروبية أيضا، بما في ذلك ألمانيا وسلوفاكيا، عن تقديم شحنات من الأسلحة المتطورة، بينها طائرات هليكوبتر وأنظمة الصواريخ متعددة الإطلاق.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” إن تصاعد المعارك في دونباس، في ظل إصرار روسيا على موقفها، وضع الولايات المتحدة أمام خيار صارم: إما أن تواصل دعم أوكرانيا، مع ما يصاحب ذلك من تأثيرات على الاقتصادين الأميركي والعالمي، وإما وقف هذا الدعم والسماح لموسكو بالانتصار. ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الخارجية الأميركية، قوله إن “مسؤولي إدارة بايدن ناقشوا احتمال نشوب صراع طويل الأمد مع تداعيات عالمية حتى قبل بداية الغزو في فبراير (شباط) مع بدء التحركات الروسية على الحدود”. وأشار إلى أن إدارة بايدن تأمل أن تعمل الأسلحة الجديدة وموجات العقوبات المتتالية والعزلة الدبلوماسية لروسيا على إحداث فارق في المعركة والوصول إلى نتيجة تفاوضية تنهي الحرب. ومع ذلك وحتى لو لم تتحقق هذه الأهداف على الفور، فإن فشل روسيا في ابتلاع أوكرانيا، أوقف خطط بوتين لمهاجمة دول مجاورة أخرى أو أعضاء في حلف الناتو، وهو ما دفع واشنطن لقبول الآثار المدمرة للاقتصاد العالمي، الأمر الذي أكده الرئيس بايدن في مقابلته الصحافية مع “أسوشييتد برس” خلال الأيام الماضية.
من جهة أخرى طالب نواب جمهوريون من إدارة الرئيس بايدن الرد بشكل واضح على التهديدات التي أطلقها الرئيس بوتين باستخدام السلاح النووي. وقال النواب إن تصريحات مسؤولي الإدارة الأميركية، لا تكفي لردع روسيا بعد تلويح رئيسها مجددا بهذا السلاح. ورغم عدم تقديمهم اقتراحات محددة في هذا المجال، رأى معلقون أن مطالباتهم لا تعدو جزءا من التنافس السياسي وتبادل تسجيل المواقف، خلال عام انتخابي حاسم الخريف المقبل.
في سياق متصل، أكد مسؤول دفاعي أميركي أن أوكرانيا، تمكنت في الأيام الأخيرة من تحقيق بعض الانتصارات في جنوب البلاد، بما في ذلك الهجوم الناجح على زورق قطر روسي، بصاروخ “هاربون” الأميركي المضاد للسفن. وأضاف أن القوات الأوكرانية تمكنت من التقدم في مناطق بدونيتسك، في محاولة لتخفيف الضغط عن مدينة سيفيردونيتسك، التي تسعى روسيا لتطويقها بالكامل، والاستيلاء عليها، نظرا لأهميتها الاستراتيجية. وقال المسؤول إن القوات الأوكرانية تمكنت بنجاح من إطلاق صاروخ “هاربون” واحد على الأقل، من ضمن شحنات الأسلحة التي حصلت عليها أخيرا، وأصاب سفينة القطر الروسية.
- روسيا تواجه نقصا في القوات
من جهة أخرى، أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها، إلى أن مساعي روسيا لتعزيز عملياتها في دونباس، بما يشكل لها مرحلة حاسمة من الحرب، يصطدم بنقص القوة البشرية لقواتها، التي استنفذ أكثر من ربعها في الأسابيع الأولى من الحرب، مع استمرار النزيف فيها. وأضافت الصحيفة، أنه منذ بداية ما يسميه الكرملين “عمليته العسكرية الخاصة”، حاول مواصلة حملته بجيش مهيأ لوقت السلم. لكن النتيجة كانت متفاوتة. إذ ورغم أن القوات الروسية قد حققت مكاسب في شرق أوكرانيا وجنوبها، فإنها تكبدت خسائر ساحقة في محاولة موسكو الأولية للاستيلاء على كييف، في ظل تقديرات تشير إلى خسارتها عددا من الجنود يوازي ما خسره الاتحاد السوفياتي في 15 عاما في أفغانستان. ومع ذلك، كانت القيادة الروسية مترددة في اتخاذ خطوة إعلان الحرب، والتي من شأنها أن تسمح لها بإصدار أوامر بالتعبئة الكاملة للرجال في سن القتال. ويقول المحللون إن هذا من شأنه أن يربط مصير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل وثيق للغاية بالنتيجة. وبدلاً من ذلك، اتخذت موسكو عددا من الإجراءات المؤقتة لتعزيز قواتها المستنفدة من المعارك، بدءا من تقديم عقود مربحة قصيرة الأجل إلى السماح لمن هم فوق الأربعين بالتطوع، مما يحتمل أن يوفر عشرات الآلاف من الجنود الآخرين.
ويقول محللون إن القوات الأوكرانية، التي باتت مجهزة بشكل متزايد بالأسلحة الغربية، وبمساعدة الاستخبارات الأميركية، قتلت ما بين 10 آلاف و15 ألف جندي روسي، مع احتمال إصابة عدد مواز من الجنود، مما أخرجهم من القتال. وهو ما ردت عليه القيادة الروسية بإبعاد القادة الرئيسيين من الميدان، كإيقاف الجنرال سيرغي كيسيل، قائد جيش دبابات الأول في الحرس الوطني، لفشله في الاستيلاء على مدينة خاركيف. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن نائب الأدميرال إيغور أوسيبوف، قائد أسطول البحر الأسود الروسي، أوقف عن العمل بعد غرق طراد الصواريخ الروسي “موسكفا”، في أبريل (نيسان) الماضي. وقال المحللون إنه تم سحب الوحدات التي تكبدت أكبر الخسائر ويتم الآن إعادة تشكيلها بجنود جدد أو دمجها مع وحدات أخرى قبل إعادتها إلى أوكرانيا لمواصلة القتال في الشرق.
- ضغوط إضافية على الكرملين
وألقى ذلك ضغوطا كبيرة على الكرملين للعثور على قوة بشرية جديدة، حيث بدأ الجيش الروسي في الحصول على عقود قصيرة الأجل لعدة أشهر، للمساعدة في ملء وحداته القتالية، وبدأ ضباط التجنيد في إرسال طلبات إلى قدامى المحاربين للإبلاغ عن مكان وجودهم إذا تم إطلاق تعبئة أوسع. وعد قرار مجلس الدوما الروسي بإزالة القيود المفروضة على عمر الجنود الذين يوقعون عقودا قصيرة الأجل، محاولة لضم مجموعة واسعة من المقاتلين المحتملين. وهو ما يسمح للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 40 عاما بالتطوع، ويفتح الباب أمام قدامى المحاربين من ذوي الخبرة في النزاعات التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفياتي، بما في ذلك حربا موسكو في الشيشان. كما رفع الجيش الروسي الرواتب الشهرية للجنود المتعاقدين إلى ما يقرب من 4 آلاف دولار شهريا، أي حوالي أربعة أضعاف متوسط الراتب في روسيا، إلى جانب مكافآت تقدم عن كل طائرة ودبابة يتم تدميرها. ويمكن للمجندين الاشتراك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، الأمر الذي عده المحللون العسكريون أمرا “غير مثالي” لتنفيذ خطط موسكو، لأن التعاقد القصير الأجل يعطل تماسك الوحدات العسكرية.