الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الحرب سالكة جواً معقدة براً ؟

الحرب سالكة جواً معقدة براً ؟

20.09.2014
راجح الخوري



النهار
الجمعة 19-9-2014
أقفل باراك اوباما شقّ الباب الذي كان مارتن ديمبسي قد فتحه موحياً انه قد يوصي بإرسال قوات اميركية لقتال "داعش" في العراق بقوله: "لن نذهب الى حرب جديدة في العراق". هذا يعني ان وظيفة التحالف الدولي ستقتصر على القصف الجوي لمواقع الارهابيين في العراق وسوريا، وان القتال الميداني سيكون من واجب العراقيين وفي اطار استعادة وحدتهم الوطنية، ومن واجب المعارضة السورية بعد دعمها تدريباً وتسليحاً!
وهكذا تبدو المهمات الجوية أسهل بكثير من المهمات الأرضية، فقياساً على ما تتطلبه عملية تنظيم صفوف المكونات العراقية، التي لم تتمكن مثلاً حتى الآن من تسمية وزيري الدفاع والداخلية في الحكومة الجديدة، وقياساً على ما تحتاج اليه المعارضة السورية المعتدلة من وقت لتنظيم صفوفها وتدريبهم وحشدها، يصبح من المفهوم لماذا تحدث اوباما عن سنتين او ثلاث سنوات لدحر "داعش" .
في العراق ليس واضحا اذا كان حيدر العبادي تعلّم او سيُسمح له بأن يتعلّم من أخطاء سلفه نوري المالكي التي أدت الى الانهيار المريع للجيش امام الإرهابيين، لكن فؤاد معصوم الذي يعرف هذه الحقائق كما يعرف ان التحالف الدولي لن يستمر اذا استمرت الانقسامات بين العراقيين سارع الى ابلاغ السفراء الاوروبيين بأنه والحكومة الجديدة متجهان الى مصالحة جذرية توحّد العراقيين لمواجهة "داعش" !
هنا يبرز دور "الصحوات" من مقاتلي القبائل السنّية الذين هزموا "القاعدة" عام ٢٠٠٨، والذين قالوا انهم يستطيعون تجنيد ٥٠ ألفاً ويتحمسون لقتال "داعش"، لكنهم يتساءلون عما اذا كان حيدر العبادي لن يكرر ما فعله المالكي الذي سبق ان قمعهم ونكّل بهم حتى بعدما ضربوا "القاعدة"، لكن العبادي أكّد أمس لوفد من الأنبار تمسكه بمصالحة وطنية حقيقية .
تحتاج عملية إحياء "الصحوات" وإسقاط الشكوك وإعادة بناء الثقة الى وقت ليس بالقصير، وهذا يرجّح الاحتمالات بأن المعركة ستستمر زمناً طويلاً، ولأن الانتصار الحقيقي على الارهابيين خاطفي الاسلام يتعدى هزيمتهم في الميدان الى استئصالهم في الفكر والممارسة، لم يبالغ الأمير سعود الفيصل عندما تحدث عن الحاجة الى هيكلية تمتد عشر سنوات لإلحاق الهزيمة الناجزة التي تجتثّهم من الجذور .
في سوريا يبدو الوضع اكثر تعقيداً، اولاً لأن جون كيري أعلن ان لا حل هناك غير الحل السياسي (!) من دون ان يحدد أطراف هذا الحل، خصوصاً بعدما قال ان واشنطن (حرام) فوجئت بأن نظام الأسد كان حاضناً للجماعات الإرهابية، وثانياً لأن المعارضة السورية التي ستقاتل "داعش" عليها ان تقاتل النظام ايضاً، وثالثاً لأن عملية ترميمها وتدريبها وتسليحها تحتاج الى الكثير من الوقت، وهذا ما يؤكّد مرة جديدة ان هزيمة الإرهابيين ليست مسألة معركة بل قضية حرب منهجية طويلة .