الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو تعيد ترتيب أوراقها في إدلب وشرق الفرات… والمعارضة السورية أمام خيارات صعبة

موسكو تعيد ترتيب أوراقها في إدلب وشرق الفرات… والمعارضة السورية أمام خيارات صعبة

06.07.2019
هبة محمد


القدس العربي
الخميس 4/7/2019
دمشق – "القدس العربي": هددت تركيا من جديد النظام السوري، بأنها لن تترد في الرد على استهداف قوات النظام السوري لنقاط مراقبتها في منطقة خفض التصعيد، في محافظة إدلب، شمالي سوريا، كما حذرت من انهيار العملية السياسية في سوريا، ووقوع كارثة إنسانية، جراء استمرار الهجمات، فيما كان اللافت، إشادة موسكو بحجم التنسيق مع انقرة والتي ارتقت إلى "مستويات استراتيجية" حسب وصفها.
وجاء التوعد التركي – الموجه ضمنياً إلى موسكو- بالرد على هجمات النظام السوري في كلمة لسفير أنقرة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف "صادق أرسلان"، خلال الجلسة الـ41 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في مقر المنظمة الدولية في جنيف السويسرية، حيث ندد بالاعتداء على محافظة إدلب، مؤكدًا أن ذريعة "الحرب على الإرهاب" لا تبرر الهجمات العشوائية ضد الأحياء المدنية. وأضاف "أرسلان" أن هجمات النظام السوري أدت إلى مقتل مئات المدنيين ونزوح 330 ألفًا آخرين من منازلهم في إدلب، خلال الأشهر الأخيرة، حيث تعمد النظام استهداف البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، مؤكداً على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي مع تركيا لحماية إدلب والمضي قدمًا بالعملية السياسية.
بعد استراتيجي
إن ما يحدث من تصعيد من قبل النظام في ادلب وارياف حماة في الشهرين الماضيين، هو تسخين للجبهات واستفزاز ممنهج، ووفق المعطيات الحالية فإن النظام وحلفاءه يجهزون لشن حملة وشيكة ضد المنطقة. وفي هذا الاطار توقع الباحث السياسي طلال عبدالله جاسم، ان تكون الوقائع في ادلب، مقدمة لحل عسكري مؤجل، معتبراً أن الحل الأخير في المنطقة سيكون عبارة عن "حملة على مرحلتين، الأولى تمكن النظام والروس من السيطرة على طريق اللاذقية – حلب، وطريق حلب – دمشق" وذلك لفتح طرق التجارة.
باحث سياسي يتحدث لـ "القدس العربي" عن حل عسكري مؤجل وحملة على مرحلتين
وأعرب عن ثقته بأن ذلك "لا يحتمل التأجيل كثيراً خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار التململ الشعبي لدى حاضنة النظام، ولفت المتحدث لـ"القدس العربي" ان "المناطق الباقية سوف تؤجل إلى فترة لاحقة بحيث تستطيع تركيا تدبر امر اللاجئين ضمن الأراضي السورية دون احراجها او احراج العالم بموجة كبيرة من اللاجئين، مع أخذ مصالح تركيا ومصادر قلقها بعين الاعتبار".
وحول انهيار العملية السياسية، قال جاسم، انه لا بد من النظر لما يجري من خلال بعد استراتيجي لا تكتيكي، معتبراً ان سياسة الدول الضامنة أو ما يسمى بمسار "أستأنة" مهمتها "أمنية عسكرية وكان هناك تفويض دولي لها بذلك وبقيادة موسكو، وهي تقوم بمهمة إعادة الأراضي لسيطرة الحكومة السورية بعد إجراء مصالحات وتسويات" لافتاً إلى ان الامر لن يختلف في إدلب من حيث النتيجة. ولكنه يختلف من حيث الأسلوب والتوقيت، وذلك تجنباً لاي إحراج لتركيا، حسب الباحث الذي رأى أن جبهة النصرة ستكون العنوان الاساسي والبوابة لأي حملة عسكرية مقبلة، إذ "زادت فرص الحسم العسكري بعد اجتماع الروس والامريكان في اسرائيل، ويبدو ان هناك محاولة لإنشاء مسار أكثر قوة وفاعلية".
روسيا، وفي جميع تصريحاتها الرسمية كانت تظهر رغبتها دوماً في الاستحواذ على آخر منطقة خارجة عن سيطرتها شمالاً، بذريعة حماية قواعدها العسكرية، لكنها اصطدمت بمصالح تركيا، ما أعاق خططها ودفعها لقبول اتفاقات عدة بخصوص المنطقة كان آخرها مقترح المنطقة العازلة الذي قدمته أنقرة، كما انها أيضاً لم ترحب كثيرا بإقامة منطقة آمنة عميقة، حسب مراقبين لـ "القدس العربي". فيما عبرت تركيا بدورها مراراً عن عدم الرضا على الحال السائد في إدلب، ما جعل فكرة العمل العسكري قائمة في أي لحظة.
من جهته اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاربعاء، "أن الجهود التي تبذلها بلاده وتركيا في سوريا، تعد عاملاً مهماً للاستقرار العالمي"، حيث ادلى بذلك خلال استقباله سفراء 18 دولة، بدأوا عملهم في العاصمة الروسية موسكو. وأوضح بوتين أن العلاقات القائمة بين أنقرة وموسكو، ارتقت إلى مستويات استراتيجية، مبيناً أنه على تواصل دائم مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وأشار حسب وكالة الاناضول إلى أن تركيا وروسيا تعملان من أجل إحلال السلام والاستقرار في سوريا، وأن هذه الجهود تستحوذ على أهمية بالغة بالنسبة للاستقرار العالمي.
ما يجري اليوم في سوريا، حسب قراءة الباحث السياسي طلال عبدالله جاسم عبارة عن محاولات من قبل الروس لإعادة ترتيب وضع منطقة ادلب وشرق الفرات، لافتاً إلى ان تركيا تفعل ذلك بشكل منفصل، وسط ترقب إيراني، حيث اعتبر المتحدث ان "الامور مرتبطة بتوافقات محلية لا بد منها، وتسويات دولية تبدو ممكنه في الشهور المقبلة خاصة بعد لقاء اسرائيل وكذلك لقاء بوتين – ترامب واردوغان – ترامب في اوساكا، الا ان العامل الإقليمي هو الاشد تعقيدًا، حيث ان مناطق ادلب وشرق الفرات تشكل محيطاً حيوياً تركياً، ولا يمكن ترتيب حل فيها بدون حفظ مصالح تركيا وتطمينها تجاه مصادر قلقها، والا ستدفع روسيا والنظام وداعميهما اثماناً باهظة جداً لأعاده السيطرة على هذه المناطق".
خيارات المعارضة
من الواضح ان المجتمع الدولي ليس مهتماً بشكل كافٍ ليتخذ قراراً حاسماً لحماية سكان هذه المناطق وتأمين احتياجاتها وتنميتها، وهذا يضع قيادة المعارضة امام خيارين، أحلاهما مُر. يقول الخبير السياسي ان الخيار الأول هو الاتفاق مع الحكومة السورية من خلال تسويات وهو خيار سيئ للغاية أثبت فشله في درعا والغوطة ومناطق اخرى، وهذا ما يفقد المعارضة السيطرة على كل مناطقها ولا يبقى لهم سوى العودة إلى حكم النظام وهذا ما تدعمه روسيا.
أما الخيار الثاني فيتلخص بالمواجهة العسكرية والصمود على الارض وهذا يستوجب توافقاً مع الحكومة التركية، وسيكون له ارتدادات كثيرة وكبيرة وأقلها وسم الجميع بصفة الإرهاب، وفي حال فشله ستكون عواقبه كارثية من حيث تدمير البنى التحتية والتضحية بشباب الثورة بدون ثمن، ولن يكون بمقدور الاغلبية العودة إلى ديارهم لفترات طويلة، والاتفاق مع الاتراك على قيام مواجهة حقيقية صعب الحدوث وان حدث يحتاج إلى مباركة امريكية من الصعب توفرها والى تصعيد مع روسيا وإيران، تركيا بغنى عنه. لكن إن نجحت المعارضة في الصمود والثبات ستتغير قواعد اللعبة تماماً.
وانتهى المتحدث بالإشارة إلى ان روسيا والصين واغلب الدول العربية إضافة لإسرائيل وإيران (مع اختلاف دوافعها) تدعم النظام السوري وحلفاءه في عملية عسكرية واسعة في إدلب. وهم يفضلون معركة شرسة يقتل فيها أكبر عدد من المقاتلين من كل الأطراف بمن فيهم المقاتلون الشيعة الذين سيجري التخلص منهم بعد انتهاء ملف ادلب وملف شرقي الفرات.