الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا غضبت بثينة شعبان؟!

لماذا غضبت بثينة شعبان؟!

16.04.2014
ياسر الزعاترة


الدستور
الثلاثاء 15/4/2014
غضبت مستشارة بشار الأسد بثينة شعبان من إقدام “بعض المحطات الصديقة (طبعا في مقدمتها الميادين والمنار) في الآونة الأخيرة على بث مقابلات وتقارير توحي -نوعا ما- بأن سوريا ودولتها لم تكن لتصمد لولا دعم (فلان وفلان) من الدول والأحزاب (الإشارة لحزب الله واضحة هنا)”، وشددت على أن “هذا الأمر مرفوض، فسوريا صمدت بشعبها الذي قدم إلى الآن أكثر من ربع مليون شهيد”!!
ولما اهتمت وسائل الإعلام بتصريحها، عادت إلى نفيه، قائلة، إن “حزب الله ولبنان في جبهة المقاومة وما نسب إلي على فيسبوك لا يمكن أن يصدر عن أي مواطن سوري، نحن نواجه أعداء سوريا الذين يخدمون الصهيونية”.
والحال أن النفي أكثر إثارة من التصريح، ذلك أن الأول يبدو منطقيا من الناحية السياسية، أعني لجهة دفاع مستشارة رئيس “بطل” يزعم أنه ينتصر على الإرهاب “بفضل التفاف الشعب من حوله”، لأن ذلك هو ما تؤكده وسائل إعلامه، وجحافل من شبيحته، بما في ذلك الكثيرون ممن يظهرون على “المنار” و”الميادين” يوميا، حتى لو تكررت الأخبار والتقارير التي تشير إلى دور حزب الله في المعركة.
لم يكد تصريح بثينة شعبان يصدر، يليه النفي، حتى كان قائد قوات الدفاع الجوي في الحرس الثوري الإيراني يقول إن “نظام الأسد لم يسقط لأن إيران لم ترد ذلك”، وهنا بدا التصريح الجديد أكثر إثارة، ليس لأنه يؤكد أن صمود النظام قد تم بإرادة إيران، وبالتالي دعمها الكامل، بل -أيضا- لأنه يؤكد أن تدخل حزب الله لم يكن إلا بناءً على أوامر من إيران، وإن كان هذا البعد الأخير من تحصيل الحاصل، لأن الأمين العام للحزب لم ينف يوما تبعيته للولي الفقيه في طهران (لا مشكلة في ذلك عند جحافل من القوميين الذين يشتمون أردوغان -يوميا- بحجة أنه يتحرك بناءً على طموحات عثمانية، كأن استعادة الخلافة العثمانية لا تحتاج إلى أكثر من قرار أو توجه من منه!!).
بعد تصريح المسؤول الإيراني، وربما قبله بقليل، كان بشار نفسه يخطب في جامعة دمشق، وبالطبع من أجل إظهار تماسك النظام، الأمر الذي يعلم الجميع أنه تم بطريقة أمنية موغلة في السرية (لم نر الخطاب صوتا وصورة)، وفي ظل إجراءات أمنية مشددة، لكن أهم ما رصدته الوكالات مما قاله هو ما يعنينا هنا.
قال “إن هناك مرحلة انعطاف في الأزمة التي تعيشها سوريا، إن كان من الناحية العسكرية والإنجازات المتواصلة التي يحققها الجيش والقوات المسلّحة في الحرب ضد الإرهاب، أو من الناحية الاجتماعية من حيث المصالحات الوطنية وتنامي الوعي الشعبي لحقيقة أهداف ما تتعرّض له البلاد”.
مرة أخرى نعود إلى تصريح بثينة شعبان، وهنا نرى أن ما قالته في التصريح الأول الذي تعرّض للنفي هو الصحيح، فالزعيم “البطل” هنا لم يتحدث عن حزب الله، ولا عن كتائب الشيعة القادمين من الخارج، ولا عن إشراف الحرس الثوري، ولا عن إرادة إيران التي أنقذت نظامه، بل تحدث عن “الجيش والقوات المسلحة”، وعن “تنامي الوعي الشعبي لحقيقة ما تتعرّض له البلاد”، يعني التفاف الجماهير من حوله، والأخير تثير السخرية، كأن غالبية السوريين ملائكة يمكن أن يقبلوا بحكم طائفي دكتاتوري وفاسد في ظل انفجار الهويات في العالم.
نشير إلى ذلك كله كي نؤكد أن ما يجري اليوم في سوريا قد تحوّل إلى حرب بين الشعب السوري، وبين إيران وأدواتها من جهة أخرى، وأن دور الجيش “الباسل” قد بات هامشيا إلى حد كبير، هو الذي خسر عشرات الآلاف من ضباطه وجنوده (بخاصة العلويين) في المواجهة (لا ثقة بمن تبقى من الآخرين)، ولم يعد بوسعه دفع المزيد من الخسائر، ولذلك يكتفي بتوفير الغطاء الجوي والمدفعي، فيما يترك الهجوم واستعادة بعض المواقع لمقاتلي حزب الله والكتائب القادمة من الخارج بإشراف وتدريب الحرس الثوري نفسه (الدفاع عن دمشق تحديدا ومناطق أخرى يتم من قبل نفس الفئة أيضا). والنتيجة أن سوريا اليوم محتلة عمليا من قبل إيران وأدواتها، ومن قبل بقايا الجيش الذي يتعامل معها كقوة احتلال.
سيرد الموتورون هنا بأن تدخل حزب الله وإيران وأدواتها يأتي ردا على تدخل آخرين لصالح المعارضة، وهو ما لا يُرد عليه فقط بالقول إنه لا يستوي من جاء ينصر شعبا يتعرّض للقتل، بمن جاء ينصر طاغية، أي من جاء ينصر الحسين الثائر بمن يقاتل مع يزيد (بينما يرفع راية الحسين)، بل يُرد عليه أيضا بأن الشعب السوري هو الذي ثار، وهو الذي قاتل ويقاتل ويبذل التضحيات، وهو الذي يتلقى البراميل المتفجرة، ولولاه لما كان لأي تقدم أو صمود أن يحدث، بل لما كان للمقاتلين القادمين من الخارج أن يجدوا ملجأ في سوريا.
ننتهي إلى القول، إن إيران وحلفاءها يخوضون معركة ضد الشعب السوري، ومن يقاتل الشعب السوري، فهو يقاتل غالبية الأمة، وعليه أن يتحمل نتيجة ذلك، لأن أحدا لن يعلن الحرب على غالبية الأمة، ثم يكسب تلك الحرب مهما طالت، وعليه أن يختار بين حلٍّ يرضي السوريين، وبين استنزاف طويل لن يكون استمراره ولا نهايته في صالحه بحال من الأحوال.