الرئيسة \  تقارير  \  معاريف: ماذا يفيدنا قتل السنوار في زمن جيل “الأقصى في خطر”؟

معاريف: ماذا يفيدنا قتل السنوار في زمن جيل “الأقصى في خطر”؟

15.05.2022
القدس العربي


القدس العربي
السبت 14/5/2022
بينما نحد على موتانا المتزايدين، كانت نهاية الأسبوع السابقة بهيجة على نحو خاص لزعيم حماس يحيى السنوار؛ فهو يحاول منذ شهرين بكل قوته أن يتصدر موجة الإرهاب تجاه إسرائيل. يحاول ولا ينجح. نهض الجمعة الماضي واكتشف فجأة بأن الصحافة الإسرائيلية هي التي تتوجه كمتصدر لموجة الإرهاب الحالية.
أراد السنوار أن يكون الرجل الذي يبعث بالمخربين إلى مدن إسرائيل، لكن لا عملية من العمليات الست القاسية التي شهدناها ترتبط به. بيأسه، أعلن المسؤولية عن عملية “أرئيل” رغم أن المخربين لم يكن لهما أي صلة بالذراع العسكرية لحماس.
وفي يوم الاستقلال، عندما كان دمنا يغلي في ضوء المذبحة الوحشية للمحتفلين في “إلعاد”، بدأ بعض المغردين يشيرون إلى السنوار بأنه الرجل الذي يجب قطع رأسه لوقف الإرهاب. ومن هنا كان الطريق قصيراً إلى مقالات نهاية الأسبوع لكبار الصحافيين، ويمكن أن نتخيل كيف يرى السنوار، وهو الذي يتقن العبرية، الكلمات التي أغدقت عليه المديح والتيجان التي وضعتها على رأسه.
فلنقل هنا والآن: بات السنوار ابن موت، واليوم الذي تستعيد فيه إسرائيل الحياة لنفسها التي منحتها له في السجن حين استأصلت الورم من رأسه، بات أقرب مما هو بعيد. باستثناء أنه لا صلة بينه وبين موجة الإرهاب الحالية. هو فقط واحد من عشرات الآلاف الذين يبثون الكراهية في الشبكة، وليس الأكثر تأثيراً بينهم.
لكن في عالم الشبكة الاجتماعية، فإن ما يظهر في المعركة الأولى كتغريدة وفي المعركة الثانية كعنوان في الصحيفة، ينجح اليوم في المعركة الثالثة في الدخول أيضاً إلى غرف اتخاذ القرارات. بعد أن قرأ رئيس الوزراء نفتالي بينيت صحف نهاية الأسبوع، وصل إلى تقويم الوضع، الأحد، مليئاً بالقوة ومصمماً على أن يأمر بخطوة هجومية في غزة.
رجال الجيش و”الشاباك” شرحوا له بتؤدة وصبر بوجود خطة ممتازة لعملية ناجعة في غزة، وأن القوات جاهزة لها، باستثناء أنها لن تؤثر بحد ذاتها على المخرب التالي الذي سيأتي إلى مدننا. وهي ستتسبب لنا في أن نودع، قبل أوانهم، عدة عشرات من الإسرائيليين الأعزاء، من جنود ومدنيين. ووقف وزير الدفاع بني غانتس بكامل طوله من خلفهم، وعطلوا اندفاع بينيت.
سلسلة الأحداث هذه، التي حملت بكاملها على أبخرة وهمية ودون أي أساس من الصحة، تثير إحساساً بأن “الكل أغبياء”، كما يقول الناس الأسوياء حين ينظرون إلى التيار العكر من الشبكة الاجتماعية. وعندها جاء الإمساك بالمخربين اللذين نفذا عملية “إلعاد” وصورة السيجارة في فم المخرب (والتي يتوجب على الجيش أن يحقق في من التقطها ونشرها).
كمية الاندفاع والطاقة والتفكير التي وظفها مئات آلاف الإسرائيليين في نقاش عاصف وعاطفي عن هذه السيجارة، أعطت إحساساً بأن هذا دليل قاطع على أن الكل أغبياء. كما أنها أثارت أفكاراً حول كيف نبدو لو أن مئات الآلاف من الإسرائيليين الطيبين أولئك الذين سيوظفون هذه الطاقة في كفاح لتعليم أفضل لأبنائنا، من أجل جهاز صحي عامٍ أفضل، أو من أجل تقليص الساعات التي نقضيها ونحن ثائرو الأعصاب في أزمات السير – وهي أمور أهم بكثير لحياتنا من تلك السيجارة.
بعد 20 سنة
تتميز موجة الإرهاب هذه بظاهرة جديدة وبمخربين من نوع جديد أسميهم “إرهاب الشبكة”. هؤلاء مخربون دون انتماء تنظيمي، دون خلفية نشاط سياسي، وفي الغالب أيضاً دون خلفية دينية متزمتة. تبدو حماس والجهاد الإسلامي وباقي منظمات الإرهاب، في نظرهم، أموراً تعود للجيل القديم. هم يعيشون في الشبكة، وهي التي تحركهم للعمل.
أولئك الذين قبض عليهم أحياء وحقق معهم يروون بأنهم رأوا في الشبكة بأن “الأقصى في خطر” وهذا حركهم للعمل، ما يشدد مرة أخرى من قوة علامة الأقصى التي كتبت عنها قبل أسبوعين. ليس مثل مخربي “إرهاب الأفراد” قبل سبع سنوات، ممن بحثوا أساساً عن خروج “مشرف” من العالم، لأن هؤلاء المخربين لا يطلبون الموت لأنفسهم؛ يريدون أن يقتلوا أكبر قدر من الإسرائيليين ثم يعودوا بعد ذلك إلى بيوتهم.
وبالتالي، فإن قتل السنوار لن يكفي لوقف الظاهرة. المطلوب هنا تصد مركب، أساساً في ساحة الشبكة، وفي جمع المعلومات. وعلى “الشاباك” أن يحسن أداءه الإلكتروني كي يعرف كيف يستخرج من تبن أقوال الكراهية والتحريض تلك الحبة لأولئك الذين هم مستعدون لتحويل التحريض إلى فعل.
الشاباك” وقيادة الإعلام الوطني يعملان على منع وإسكات الكثير من مصادر التحريض، ولكن يجب الانتقال إلى نهج هجومي في الشبكة. ثمة أمور كثيرة يمكن فعلها لمن ينشر التحريض والتصوير والكشف لتفاصيل محرجة عنه؛ لتجفيف مصادر هذا المستنقع. “الشاباك” يعمل في هذا المجال، ولكن ذلك لا يكفي.
مجال آخر مهم، ومجد الاستثمار فيه هو ما يسمى “المجال الذكي”: في موجة الإرهاب السابقة غطيت طرق الضفة بكاميرات المتابعة التي توفر معلومات حرجة لحل ألغاز العمليات بعد أن تقع. يمكن ربط هذه الكاميرات بمفاعل إلكترونية تعرف كيف تحذر من العملية قبل الموعد وفقاً لدلالات مفيدة. في وحدة 8200 سبق أن اقترحوا وضع مفاعل إلكترونية كهذه، ولكن الفكرة ردت بسبب الكلفة العالية، أما الآن فحان موعدها.
أما بخصوص الجانب العملياتي فيجب أن يقام جدار الفصل من جديد وجعله ناجعاً. في الشهر الماضي أحيينا 20 سنة على “السور الواقي”، تلك المعركة التي هزمت إرهاب الانتحاريين. عاملان حققا هزيمة الإرهاب في حينه: احتلال الأرض، مما سمح بحرية العمل لجمع المعلومات الاستخبارية؛ وجدار الفصل. بقيت حرية العمل في أيدينا، لكن حكومات إسرائيل الأخيرة أهملت الجدار عن وعي، والآن يجب إغلاقه من جديد.
وثمة سؤال لا يحب الإسرائيليون الجدال فيه: ما هي حدود دولتنا؟ على ماذا وعلى من نعتزم مواصلة الحكم؟
في منظور 55 سنة، نرى بأن العنف الفلسطيني يتفجر في دوريات أجيال. في 1967 احتللنا الضفة وبقي الفلسطينيون مذهولين، واستغرق هذا 20 سنة حتى جاء عام 1987، فقام جيل جديد لم يشهد الهزيمة، وانطلق إلى الانتفاضة الأولى. بعد 15 سنة من ذلك، أي في 2002، جاء جيل آخر وقاد موجة إرهاب إجرامية أخرى سميت “الانتفاضة الثانية”. وها نحن بعد 20 سنة من “السور الواقي” نقف أمام جيل جديد من الإرهاب الفلسطيني.
أو كما قال لي أحد قادة “السور الواقي”: “نحن، المقاتلين والقادة من السور الواقي، اشترينا بأجسادنا 20 سنة هدوءاً للمجتمع الإسرائيلي، فماذا فعلتم بهذه الـ 20 سنة؟
بقلم: ألون بن دافيد
 معاريف 13/5/2022