الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا.. ثورة تحت القصف

سوريا.. ثورة تحت القصف

14.02.2016
د. خالص جلبي



الاتحاد
السبت 13/2/2016
سألت شخصاً في سوريا وهو تحت قصف البراميل عن رؤيته لما يحدث في سوريا كشاهد فقال لي: أعتقد أن الثورة السورية كثورة حرية وكرامة إنسانية هي تهديد جدي للاستكبار العالمي، ونظام بشار هو نظام وظائفي يقوم بدور متميز في خدمة النظام العالمي، وهذا هو سر تواطؤ النظام العالمي ممثلاً بقواه الكبرى معه، لذلك لن تكون الحلول السياسية إلا محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظام أصبح الإبقاء عليه مستحيلاً، وكذلك ستكون محاولة لهزيمة ثورة استعصت على الحسم العسكري، بمصادرة أهدافها وجعل التغييرات الناتجة عنها في حدودها الدنيا، وهذا سيتوقف على مهارة المفاوض الممثل للثوار، ومن ثم فالخيار هو إما الثوار المعتدلون الذين يؤمنون بقيم المجتمع المدني، أو الجماعات الإسلامية بظلاميتها وعدوانيتها، للنظام العالمي، وهم عموماً "دواعش" على درجات بكل أسف، وهذا يجعل الجهد الإصلاحي في العالم الإسلامي ملحاً وراهناً، لأن هذا الفهم الظلامي للدين، هو العقبة الحقيقة الكبرى أمام تقدم للمجتمعات العربية والإسلامية، الأمر الذي نادراً ما نلتفت إليه، في معركة الحرية والتحرير.
ثم يضيف الدكتور عمار من نمر في حوران:
(لم تغير المعاناة أخلاق الناس أبداً، بل عرت الكثيرين منا وانكشفت القيم الحقيقية الحاكمة لشعب يتحدث عن الفضائل، ويدعي انتسابه إلى خير دين! وهذا هو السبب الرئيس لطول الثورة، بل وتراجعها، أمام الهجمة الروسية الأخيرة. لقد تحولت الثورة التي تقوم على التضحية والفداء إلى الحرب، والحرب أعلى قيمها الغنيمة، وهذه هي القيمة، أي قيمة الغنيمة هي مقتل الثورة وهي المسيطرة اليوم، والحرب تحيي في النفس أسوأ ما فيها من غرائز، والثورة كما تبدو اليوم هي فرصة للتغير)، ويوجه المحلل اللبناني ميخائيل عوض التحية إلى مسؤول "المخابرات الجوية" في النظام جميل الحسن، لما له من دور في "صنع البراميل المتفجرة التي أخذ بها الأسد بعد نصيحة منه"، معتبراً أنها "كانت أكثر فعالية من الصواريخ المجنحة، وأقل كلفة". وأقر عوض، في برنامج "حوار اليوم" على "الفضائية السورية" أنّ "استخدام هذه البراميل، وفر على خزينة النظام ملايين الدولارات، حيث كلفة البرميل الواحد لا تتجاوز 150 دولاراً بينما كلفة كل صاروخ موجه هي 500 ألف دولار".
وكانت "منظمة العفو الدولية" أدانت في أحد تقاريرها استخدام نظام الأسد لهذا السلاح معتبرة إياه "جرائم ضد الإنسانية"، ومؤكدة أنه "قتل أكثر من 3000 مدني في 2014 في محافظة حلب، بينما أوقع أكثر من 11 ألف قتيل في سورية منذ عام 2012".
وبحسب صور أظهرتها الأقمار الصناعية فإن 90 بالمئة من مدينة داريا في ريف دمشق أصبحت ركاماً بسبب قصف المدينة بأكثر من 3430 برميلاً متفجراً خلال عام 2015 فقط وفق ما أكده المجلس المحلي لداريا، وبالنسبة للمفاوضات فكتب "إدوارد حشوة" كلاماً منطقياً يقول فيه: (المسألة السورية لم تعد محددة بين النظام والمعارضة هي الآن شكل من صراع إقليمي ودولي يتجاوز سوريا، تريد الدول الحصول على مصالحها ولا تحفل كثيراً بالدم السوري ولا بخراب البلد لذلك يجب على طرفي التفاوض أن يعرفا هذه الحقيقة ومن يكون ذكياً هو الذي يعجل في وقف الحرب الدولية على الأرض السورية).
إلى أين ستمضي الأمور في سوريا؟ ثلاثة أمور أنا متأكد منها وثلاثة رجماً بالغيب، فأما الغيب فلست مسؤولاً عنه، أما الحقائق الأكيدة فهي أن هذا الكون لم يبن عبثاً ولم يخلق سدى، وأن رحمة الله أعظم من كراهيات البشر وحروبهم، وأن الزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض، وأن الطغاة يكنسون والغزاة يدحرون والنصر للشعوب لما فيه خير وأبقى، فهذا هو القانون الأزلي.