الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الموت تحت التعذيب في سجون بشار

الموت تحت التعذيب في سجون بشار

26.03.2015
ياسر الزعاترة



الدستور
الاربعاء 25-3-2015
الصور التي نشرتها الجزيرة عن أشخاص قتلوا تحت التعذيب في سجون بشار الأسد ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد، وهي ليست المرة الأولى التي تنشر هكذا صور ووثائق.
إذا قدر للتاريخ أن يكتب وقائع هذه المرحلة، فإن بشار الأسد وداعميه سيدخلون التاريخ من أوسع أبوابه بقتلهم الآلاف من السوريين والفلسطينيين تحت التعذيب، وسنسمع عن وقائع تشيب لهولها الولدان، مع أن ما نشر حتى الآن يبدو كذلك بكل تأكيد.
إن نظاما بدأ حملته لقمع ثورة الشعب بقتل الطفل حمزة الخطيب تحت التعذيب بطريقة تقشعر لها أبدان أي مخلوق لديه القليل من الإنسانية، لن يتوانى بعد أن حمل السوريون السلاح عن تكرار التجربة لآلاف المرات، لاسيما بعد أن ذهبت التعبئة الطائفية نحو مدياتها الأبعد.
لهذا النظام (الأب والابن) سجل حافل في ميدان القتل تحت التعذيب، وثمة شهادات وروايات (رواية “القوقعة” نموذجا) يشيب الرضيع لهول ما فيها من وقائع، وشخصيا استمعت ذات مرة لخال صديق لي (وهو طبيب سوري) عن وقائع التعذيب التي تعرّض لها وشهدها في سجن تدمر حيث مكث 12 عاما، وأكمل العشرين في سجن آخر، فكانت المشاهد فوق ما يستوعبه الخيال الآدمي، فمن يفعلون ما روى وروى سواه ليسوا بشرا، بل من هم من أسوأ أنواع الوحوش بكل تأكيد.
اليوم يبدو أن ذكريات تدمر وصيدنايا والسجون الأخرى ستكون نزهة بالنسبة لما يحدث في سوريا منذ أربعة أعوام، فهنا والآن يسفر النظام الدموي عن حقيقته، بعد زمن باع خلاله طبيب العيون بعض التحضر على الناس لبعض الوقت بعد أن لم تكن لديه حاجة لممارسة التعذيب في ظل الرعب الذي اجتاح البلد من أبيه.
وما إن اندلعت الثورة قد أسفر  عن وجهه البشع ، كما أسفر النظام عن وجهه الطائفي المقيت، وإن لم يكن خافيا في أي يوم عن الناس الذي كانوا يذوقون الأمرين منه على كل صعيد.
ليس السوريون فقط هم من ذاقوا ويلات التعذب في سجون بشار خلال الأعوام الأربعة الماضية، بل انضم إليهم إخوانهم الفلسطينيون أيضا، وما نشر من وثائق يشير إلى أن جحافل من هؤلاء ماتوا أيضا تحت التعذيب، وليسجل للأسد الابن نصيبه من دماء الفلسطينيين، وذلك بعد أن سفك منها الأب الكثير الكثير خلال عقود.
ليس لدى المرء ما يقوله على هذا الصعيد، فالوقائع أكبر من الوصف، حتى ما نشر إلى الآن، لكن ما سينشر لاحقا سيكون مرعبا بكل المقاييس، وسيعرف التاريخ أي قاتل هذا، وأي قتلة ساندوه لاعتبارات طائفية مجنونة، وإن لم يخل المشهد من زبانية من كل الملل والنحل أدمنوا التعذيب حتى صاروا وحوشا لا بشرا.
نظام كهذا لا يمكن أن يبقى جاثما على صدر السوريين حتى لو استمرت الحرب سنوات طويلة أخرى، وما زرعه من موت وثارات سيجعل التعايش معه، ومع زبانيته مستحيلا، فهنا والآن ثمة إجرام يجعل من فكرة التسامح والنسيان أمرا مستحيلا بكل المقاييس، كما يجعل القصاص أمرا واجبا، وإن كان من الصعب أن يطال الجميع، لكن قصاص السماء سيتحقق بكل تأكيد.
إلى داعميه بالمال والسلاح؛ ثمة مجرمون كثر يشاركونه الوزر. إنهم أولئك الذين يدافعون عن إجرامه، بصرف النظر عن اللغة التي يستخدمونها، أو الشعارات التي يختبئون خلفها.