الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عندما يوظف النظام السوري جيش التحرير الفلسطيني في معاركه غير الأخلاقية

عندما يوظف النظام السوري جيش التحرير الفلسطيني في معاركه غير الأخلاقية

12.05.2019
محمود زغموت


السورية نت
السبت 11/5/2019
أعادت معارك ريف ادلب الجنوبي وريف حماه الشمالي الحديث عن الدور الذي لعبه "جيش التحرير الفلسطيني" خلال سنوات الحرب السورية، كقوة رديفة لقوات النظام السوري. إذ خاض كثيراً من المعارك، وشارك بارتكاب انتهاكات تعرض لها الشعب السوري، خاصة في مناطق الغوطة الشرقية والزبداني ومضايا ومناطق أخرى من ريف دمشق، وكذلك في بعض مناطق ريف درعا وريف السويداء.
وهذا بالرغم من ارتكاب النظام السوري جرائم حرب بحق اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم في المخيمات، والتي يفترض أنها الحاضنة الاجتماعية لجيش التحرير، من خلال عمليات القصف والحصار والتجويع والتصفية الميدانية على الحواجز، وعمليات الاعتقال العشوائي والاختفاء القسري والقتل تحت التعذيب التي طالت آلاف اللاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن تدمير مخيم اليرموك وتهجير سكانه، دون الالتفات لما يمثله من رمزية ومكانة لدى الشعب الفلسطيني، إلى جانب تدمير وتهجير جزئي تعرضت له مخيمات أخرى بفعل آلة البطش العسكرية السورية، كمخيم درعا ومخيم حندرات ومخيم سبينة ومخيم الحسينية ومخيم خان الشيح، بالرغم من كل ذلك، لم تفلح هذه الجرائم  في دفع قيادة جيش التحرير المتمثلة باللواء طارق الخضراء وقادة ألويته وأركانه، لمراجعة حساباتها والوقوف للحظة واحدة أمام مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية إن كان بقي في جعبتها شيء من هذه القيم.
الجديد أن صفحة جيش التحرير الفلسطيني على موقع "فيس بوك" نشرت عدداً من الصور، تظهر وحدات سلاح المدفعية التابعة لجيش التحرير وهي تشارك في عمليات قصف قالت أنها في مناطق ريف ادلب الجنوبي وريف حماه الشمالي، مؤكدة حسب تعبيرها أن " أبطال جيش التحرير إلى جانب بواسل الجيش السوري يصنعون النصر القادم".
ومن المفيد الاشارة هنا أن هذا الجيش مسلوب الارادة، وقيادته الحالية مجرد واجهة لا حول لها ولا قوة، منذ أن أحاله النظام لمجرد ميليشيا تتبع رئاسة أركان الجيش السوري بشكل مباشر، وتأتمر بأوامرها، خاصة بعد أن عزلت مخابرات النظام مطلع ثمانينات القرن الماضي عشرات الضباط، بذريعة أنهم محسوبين على الراحل ياسر عرفات، وقامت بتعيين ضباط بعثيين في أماكنهم، بل واشترطت على كل من يرغب بالتطوع كضابط في صفوف جيش التحرير أن يكون منتسباً لحزب البعث العربي الاشتراكي وأن يحمل  رقماً حزبياً.
وبناء عليه، من البديهي، إن لم يكن من الواجب علينا نحن الفلسطينيون، التأكيد أننا بريؤون من أفعال هذا الجيش باعتباره خارج الإرادة والقرار والاجماع الوطني الفلسطيني ويتبع بالكلية للنظام السوري.
لجيش التحرير الفلسطيني والنظام في سورية تاريخ طويل من الشد والجذب ومحاولات التطويع والاخضاع والتوظيف، إذ بدأ النظام مبكراً العبث بالورقة الفلسطينية ومحاولة ضرب عناصر الجيش بإخوة الثورة والسلاح في مخيمات لبنان، وذلك عندما أصدرت القوات السورية أوامر لوحدات جيش التحرير بضرب مواقع مقاتلي حركة فتح، الأمر الذي واجهه العقيد "عطية عوض" القائد العام لقوات جيش التحرير الفلسطيني في لبنان بالرفض المطلق، حيث اهتزت على اثرها ثقة "حافظ الأسد" بجيش التحرير، وبناء عليه تم البطش برافضي الأوامر وزُج بهم في أقبية الاستخبارات العسكرية. وقد دفع العقيد عوض حياته ثمناً لموقفه، حيث تم استدعائه إلى دمشق بأمر من شعبة الاستطلاع والأمن العسكري، وغُيّب على إثرها في أقبية النظام منذ مطلع الثمانينات إلى مطلع الألفية الثالثة حيث تبلغ ذووه نبأ وفاته دون تسلم جثمانه أو الافصاح عن مكان الدفن.
وهناك مئات حالات رفض الأوامر والانشقاق سجلها عناصر وضباط جيش التحرير منذ أواخر عام 2011، كان أبرزهم العقيد "قحطان طباشة" الذي استشهد في مواجهة قوات النظام وهو يؤمّن نزوح المدنيين على الحدود بين درعا والأردن عام 2012، وكذلك العقيد "خالد الحسن" الذي انشق عن النظام برفقة ستة ضباط من بينهم الملازم أول اياس النعيمي، وما يقرب من مائة مجند وصف ضابط من صفوف جيش التحرير، واستشهد لاحقا في المواجهات مع تنظيم الدولة "داعش" عند اقتحامها مخيم اليرموك.
الخلاصة أن هذا الجيش الذي كان قد تأسس بقرار من مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في القاهرة عام 1964، بهدف مواجهة المشروع الصهيوني، لم يعد له من اسمه نصيب، وبات بهذه الصورة عبئاً أخلاقياً على الشعب الفلسطيني، وأداةً طيعةً في يد النظام، يحركه وفق أهوائه ومصالحه، بعيداً عن الأهداف التي نشأ من أجلها.
ونظراً لكوننا كفلسطينيين اليوم، نمر في حالة غير مسبوقة من الضعف والانكشاف، وتنامي الشعور بالإحباط لدى نخب وشرائح واسعة ومؤثرة في الشارع الفلسطيني، خاصة في دول اللجوء، إلا أن غياب المرجعية السياسية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير والفصائل الكبرى عن تحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين ومخيماتهم، يغري كثير من الأطراف بتوظيف الورقة الفلسطينية، لما تمثله من رمزية ومكانة في ضمير الأمة، ويسهّل استخدام العنصر الفلسطيني في معاركها الخاصة، ما يلقي بالتبعات على الوجود الفلسطيني في الخارج برمته.
 الملفت أن مشاركة جيش التحرير رمزية وغير مؤثرة في نتائج المعارك، إلا أن اصرار النظام على الزج بالعنصر الفلسطيني، وما يحمله هذا الفعل من اساءة خطيرة لصورة المقاتل الفلسطيني وعدالة قضيته، لا تصب في النهاية إلا في خدمة مصالح العدو الصهيوني. بخلاف ما يزعمه النظام بشكل دائم عن موقعه في "المعسكر" المناهض لهذا العدو.