الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا هذه الحرب على الإسلام السياسي؟

لماذا هذه الحرب على الإسلام السياسي؟

22.04.2019
عباس شريفة


نداء سوريا
الاحد 21/4/2019
إن صراع الثورة المضادة مع (الإسلام السياسي) ليست بالطبع بحجة الإرهاب كما هو المعلن في السوق السياسية ، ولكن لسبب وحيد وهو أن الإسلام السياسي بكل علله و أخطائه هو من أهم حوامل الربيع العربي والثورة والتي إن نجحت وانتصرت تعني إنهاء حالة الاستتباع الاستعماري في المنطقة العربية.
فالثورة المضادة بأطرافها الثلاثة (الحلف الصهيوني العربي - إيران وحلف الممانعة - والسلفية الجهادية وداعمها) تتفق فيما بينها على عداء الإسلام السياسي من هذا المنطلق و لتركيا أيضاً باعتبارها مؤازرة لهذه الحركات وداعمة لها، و من منطلق إجهاض الثورة السيادية في المنطقة التي تسبق ثورة الحرية السياسية في الدول.
وهنا علينا النظر للتحرر بمستويين، مستوى إنجاز الثورة على مستوى الأقطار العربية ومستوى إنجاز المشروع على مستوى المنطقة المزدحمة بالمشاريع، فالتحول الديمقراطي في المنطقة العربية هو في مخيلة الدول الاستعمارية مقدمة للانعتاق السيادي وإنهاء حالة التبعية في منطقة لو تقدمت ونهضت فستكون جزءاً معترفاً به في إدارة العالم بين نادي الكبار.
لذلك تتحرك القوى الإقليمية بهذه الوحشية ضد الإسلام السياسي لا بكونه مجرد خصم سياسي وإنما لكونه العمود الفقري في بنية الربيع العربي كما تعتقد دول الاستكبار.
فإسرائيل تأخذ دور المخطط وراسم الأدوار، والعرب دور الممولين لأدوات المواجهة والتنفيذ، والسلفية الجهادية باعتبارها صاعق تفخيخ للثورة من داخلها، وإيران وإن كانت عدواً للحلف الصهيوني لكنها عدو مفيد من حيث الأداء ومتأخر في العداوة عن ثورة الربيع العربي من حيث الترتيب، فإيران عملت مع الأمريكان والسلفية الجهادية على إجهاض الربيع العراقي وحولت حواضر العرب السنة إلى رميم، و هي تمارس نفس الدور في اليمن وسوريا.
وهنا ربما يُخدع البعض بمظاهر الصراع ويعتقد أنها نهاية الإسلام السياسي في المنطقة، بناءً على معطيات بأس الثورة المضادة بأجنحتها المختلفة، وبناءً على خفوت شعارات الجماعات الإسلامية السياسية من الفضاء الإعلامي وحالة الضمور الأدائي، وهذا افتراض لا يثبت فعدم الظهور لا يستلزم منه عدم الوجود، والهزيمة السياسية التي منيت بها جماعات الإسلام السياسي لا يعني أنهم أصابوا مكمن قوتها الذي يجهله الكثيرون ممن يديرون هذه الحرب القذرة، وإن علموه فلا يستطيعون التصريح به، وهو هنا الإسلام نفسه فعملية تحويل أي مسلم إلى منتظم في الإسلام السياسي لا تكلف أي جهد تثقيفي لأنهم يعبرون عن الإسلام المجتمعي نفسه وعملية عزل جماعات الإسلام السياسي عن المجتمعات الإسلامية غاية في الصعوبة بسبب الالتصاق الكبير وغياب الفروق الفكرية الواضحة .
فما تحمله جماعات الإسلام السياسي من أفكار ليس مستغرباً عن شباب المسلمين لأنهم يتلونه في القرآن والسنة، والإسلام بطبيعته دين مشتبك مع الشأن العام بكل جوانبه لا يمكن إنكار ذلك، مما يعني أن الثورة المضادة مضطرة إلى نقل معركتها إلى مواجهة الإسلام نفسه باعتباره خزان طاقة الثورة أولاً والإسلام السياسي ثانياً وهو ما بدأته فعلاً، حيث بدأنا نسمع بالطعن في التراث وصحيح البخاري والاستهزاء بالشعائر والدعوة إلى تأويل النصوص القرآنية لابتداع دين جديد، وإقامة مؤسسة ضخمة تولت هذا التحريف والتضليل (مؤمنون بلا حدود ) وهو ما يعني اشتباك معركة الهوية والحرية من جديد بطريقة لا يمكن الفصل بينهما.