الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا بلد الذل والأغلال

سوريا بلد الذل والأغلال

12.12.2018
رضوان زيادة


سوريا تي في
الثلاثاء 11/12/2018
ما زال للصورة سحرها، فبالرغم من أن كل سوري يعرف أن التجنيد الإجباري قبل الثورة أشبه بالعبودية وبعدها أشبه بخيانة لدم أهله وأخوته فإن الصورة التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر شباباً سوريين يساقون بالسلاسل إلى شعبة التجنيد يظهر الحال الذي وصلت إليه سورية اليوم، ومصير الشباب السوري الذي ما زال داخل سوريا لأنه لم يستطع الهروب أو اللجوء أو أنه لم يقتل على يدي عصابات الأسد وميليشياته الطائفية.
التشبيه بين الصورة وبين العبودية تشبيه في الصميم اليوم، فلا وجود لمعنى المواطن في سوريا منذ استلام حزب البعث في سوريا لكنه اليوم أصبح ليس مجرد عبد وإنما أصبح عبداً حقيقياً، فمطلوب منه ليس الدفاع عن الوطن وقيمه وإنما الدفاع عن قاتل مجرم يسكن قصر المهاجرين، المطلوب التضحية بكل دماء وأرواح السوريين فداء له، ولا شيء آخر.
لم يعد لسوريا الوطن اليوم أية قيم يمكن أن يدافع عنها السوري، فسوريا اليوم هي سجن كبير ومسلخ لا تكف أخبار السوء عن الخروج منه، ذكريات السوريين عنه مليئة بالدم والألم والتعذيب.
يخاف السوريون من مجرد التفكير بأن يجبروا على العودة إلى وطنهم، ففي الفيديو الذي أظهر عدداً من ضباط الجيش الحر المنشقين عن الجيش النظامي بالإضافة إلى عدد آخر من السوريين والذين كانوا في الجزائر وحاولت السلطات الجزائرية إعادتهم إلى مطار المزة، يظهر الفيديو حجم الألم الذي يسكنهم من فكرة عودتهم إلى "الوطن" فهم يبكون ويعبرون عن خوفهم بكل الوسائل من أن الوطن بالنسبة لهم يعني اليوم الموت.
لم يعد لسوريا الوطن اليوم أية قيم يمكن أن يدافع عنها السوري، فسوريا اليوم هي سجن كبير ومسلخ
تلك صور من سوريا اليوم التي لم تصبح بعد طاردة لأبنائها وكفاءاتها وإنما طاردة لكل الكفاءات العلمية والأدبية حتى تلك غير المسيسة منها فالكل يبادره الشعور بأن الوطن أصبح مقبرة تتسع للجميع وأن الأسد لا يبالي في تحويل سوريا إلى مقبرة بالمعنى الحرفي للكلمة لكل سوري لا يمجد باسمه ويحمل رأياً آخر في رفعة الوطن ونهضته.
أما سيرة المعتقلين السياسيين فإنها أشبه بالكابوس الذي يحاصرنا كل يوم وكل لحظة، هؤلاء يعيشون الموت اليومي ولا نستطيع أن نقوم بشيء لهم، لا نستطيع أن نوقف آلة الموت التي حصدت أرواح المئات بل الآلاف، إنها لا تتوقف بالرغم من كل الصرخات وبالرغم من كل الدعوات، فالنظام السوري تحول إلى آلة إبادة لا تجد لها من يوقفها مع الانسحاب الدولي الكامل من الملف السوري وترك السوريين كي يواجهوا مصير الموت وحدهم، غير مكترثين بعذابات مئات الألوف من السوريين الذين لا يجدون اليوم من يتكلم باسمهم.
نهاية عصر الذل هذا لا يكون أبداً بالتنازل أو الاستسلام للجلاد، إنه يتطلب تصميماً دائماً على الصمود والمقاومة ضد الظلم وعائلة الأسد التي حولت سوريا إلى ما هي عليه اليوم، يجب أن تتكاثف الجهود وتتعزز بهدف عدم الاستسلام أم الوقوع في فخ المبالاة فصمود السوريين فيما بينهم يعزز دورهم وثقتهم أن سنوات المعاناة لن يحصدها نظام الأسد بمزيد من القمع والألم، لابد من تعزيز النضال عبر توحيد جهود المعارضة والمجتمع المدني، لابد من إعادة إعلاء فكرة الوطنية السورية والتضامن بين السوريين من أجل الوصول إلى الدولة الحلم في المدنية والديمقراطية.
لابد من ترك اللامبالاة التي سادت وتسود بين كثير من السوريين اليوم خاصة في اللجوء وتعزيز فكرة الانتماء الوطني عبر التضامن المشترك بين السوريين وتفعيل دورهم في الشتات من أجل النضال للتخلص من نظام الأسد، فكل يوم في بقائه يعني مزيداً من المعاناة للسوريين ومزيداً من الألم للضحايا، النضال ضد الأسد هو هدف السوريين اليوم وتوحيد جهودهم من أجل الخلاص من نظام الذل والعبودية وبناء سورية الحرية والكرامة.
إنه طويل شاق لكن لابديل عنه للسوريين اليوم، لا بديل عنه من أجل استعادة الثقة بحاضرهم ومستقبلهم وفخرهم بحضارتهم، فالأسد يمثل اليوم كل الأسوأ في تاريخنا، إنه وصمة العار التي تلاحقنا والتي لابد من التخلص منها يوما طال أم قصر.