الرئيسة \  واحة اللقاء  \  سوريا الى أين ؟

سوريا الى أين ؟

10.02.2018
عبد الحميد المجالي


الدستور
الخميس 8/2/2018
تعقيدات الازمة السورية لاتسمح باجابة قاطعة على هذا السؤال، وان كانت المعطيات على الارض وفي الافق، لاتبشر باجابة تدعو الى التفاؤل؛ فسبع سنوات من الحرب بكافة انواع الاسلحة المبتكرة والمصالح والايديولوجيا واكثر منها الاحقاد والتصفيات العرقية والمذهبية، لم تترك ابوابا مفتوحة للنفاذ منها نحو اجابة تعطي ولوبصيص امل لمعرفة في اي اتجاه تسير سوريا، و اي مركب في عالم متقلب وعاصف يمكن ان يحملها ويأخذها؛ إما نحو المجهول او المعلوم .
في الصراع على سوريا وفيها، تقلبت المواقف وتغيرت الموازين اكثر من مرة، وتعطي هذه التقلبات صورة للحاضر والمستقبل، وحجم الداومة التي تعيشها سوريا ارضا وشعبا ونظاما ومعارضة وقوى دولية واقليمية، ودون الذهاب في عمق السنوات السبع التي افرزت انهارا من الدم والدمار والتشريد، تبدو صورة المشهد السوري بشقيه السياسي والعسكري على الوجه التالي:
اولا: لاتبدو روسيا التي رسى عليها عطاء سوريا منذ عدة سنوات قادرة على حسم الازمة السورية لا بالسلم ولا بالحرب؛ ففي جهود السلام لاتزال توزع انشطتها دون تركيز بين استانا وسوتشي وجنيف، وكل اضلاع هذا المثلث لايقرب الازمة من التسوية بل يبعدها يوما بعد يوم؛ فموسكو تريد ان تفصل حلا سياسيا على مقاسها يحفظ لها نظاما يضمن مصالحها لعشرات السنين، وهو امر خارج المعقول والمقبول، بعد كل هذه السنوات من المعاناة وعواصف الدمار والقتل، وفي الحرب ورغم آلتها العسكرية الكاسحة، ما زالت تقاتل من اجل ان تحسم الكثير على الارض، لكنها لم تستطع؛ فقد طالت حربها وغلت تكاليفها، ولا تدري متى ينتهي كل هذا العناء، وربما تكون قد وضعت نفسها في ورطة تمس قدرتها وحدود طاقتها.
ثانيا: الولايات المتحدة الدولة العظمى الاخرى، لاتبدو هي الاخرى تسير في خط مفهوم وواضح القسمات، سواء في سوريا او في غيرها . فرئيسها منهمك بصراعات داخلية قد تمس وجوده كرئيس، فيما فريقه من السياسيين والمنظرين توزعوا في الارجاء بين معارض او كاشف اسرار، بعد اقالات متعددة تسبب بها الارتباك والتردد داخليا وخارجيا، ولا احد يعرف بعد، ماالذي تريده واشنطن من سوريا وماهي حدود مصالحها ومطالبها؟ في الوقت الذي تتجاهل فيه بقصد او بغير قصد جهود التسوية وعلاقات القوى على الارض والميدان .
ثالثا : لاتبدو الدول الاقليمية الشريكة في النزاع السوري وخاصة ايران وتركيا وبعض الدول العربية التي انسلت من الازمة بهدوء، انها على يقين مما تفعل؛ فعدم فهمها لخطوط تحركها يعود الى ان الدولتين القائدتين “ روسيا والولايات المتحدة “ هما نفسهما غير قادرتين على تحديد معالم طريقهما وتوضيحها.
رابعا: النظام والمعارضة كل منهما يلهث وراء الاخرين ويمشي على خطاهم دون ان يدري في اي اتجاه ستأخذه الاحداث، والى اي شاطئ سترسو سفنه المتعبة بعد سنوات من المكابدة والارهاق، وليس بعيدا عنهما الشعب السوري الذي تحول الى حانوتي يمارس مهنته اليومية بدفن موتاه، اولاجئ وراء الحدود يتطلع للعودة  الى وطنه يوما ما.
ورغم هذه المعطيات التي توضح جانبا كبيرا من الصورة يبقى السؤال كما هو: سوريا الى اين؟ فالمتغيرات والتقلبات في الازمة السورية جرت الاحداث الى افق مسدود، والى ظلال تحجب الرؤيا، في مجتمع دولي يسوده النفاق وازدواجية المعايير، وفي عالم عربي ما زال يبحث عن نفسه في الظلام!.