الرئيسة \  واحة اللقاء  \  موسكو تفشل في الوصول إلى مراكز الطاقة والمال شرق سوريا وواشنطن تفرض خطوطها الحمراء

موسكو تفشل في الوصول إلى مراكز الطاقة والمال شرق سوريا وواشنطن تفرض خطوطها الحمراء

23.01.2020
هبة محمد



القدس العربي
الاربعاء 22/1/2020
دمشق – "القدس العربي": يعمل الجيش الروسي على جبهات متزامنة عدة في سوريا، فيشعل إحداها في الشمال السوري، مستهدفاً من خلالها المدنيين، سواء بعمليات القتل أو التهجير إلى محاولة قضم ما يمكن من الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، وجبهة أخرى يبدو أن موسكو بحاجة ماسة لها، ألا وهي جبهة الطاقة والمال "سوريا المفيدة"، ولكن لا تبدو رياح هذه المعركة تجري وفق ما تشتهيه روسيا، خاصة مع وجود الخطوط الأمريكية الحمراء، وفرض واشنطن لحدود جغرافية تمنع الجيش الروسي من تجاوزها.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، نقل عن مصادر وصفها بـ "الموثوقة"، قيام الجيش الروسي بإرسال منظومات دفاع جوي متطورة إلى مطار القامشلي في الشمال الشرقي من سوريا، والواقع بدوره بالقرب من الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة الجيش الأمريكي وحليفه المحلي قوات سوريا الديمقراطية.
فروسيا تبدو مهتمة حالياً بتثبت موطئ قدم لها في المنطقة، وسط حالة من الشد والجذب بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية للاستحواذ على الأوتوستراد الاستراتيجي الرابط بين محافظتي الحسكة وحلب، إلا أن الجيش الأمريكي منع الدوريات الروسية مرات عدة من تجاوز الخطوط الحمراء التي فرضها في الميدان، وأجبر المدرعات الروسية على التراجع، ومنعها من دخول المنطقة.
ووفق المرصد، فقد نشر الجيش الأمريكي قواته على مداخل بلدة "تل تمر" الاستراتيجية" ومخارجها والتي تعد حلقة الوصل بين القامشلي- الحسكة وحب، إضافة إلى تكثيف دورياته العسكرية على أوتوستراد حلب- الحسكة، والمعروف اختصاراً بـ "إم- 4".
أما روسيا، وهي الجهة التي تستخدم الطريق للوصول للحدود السورية – التركية، تسعى لتوسعة نطاق انتشارها في المنطقة بدون ضجيج عسكري أو إعلامي، إلا أن الموقف الأمريكي بدا حازماً حتى الساعة، وعنوانه الأبرز، منع موسكو من تحقيق أي مكاسب اقتصادية تسعف النظام السوري الذي يعاني من أوضاع اقتصادية شبه منهارة، فضلاً عن الحاجة الروسية للحصول على مصادر الطاقة، مستغلة لذلك ورقة "الشرعية" التي منحها إياها النظام السوري، لممارسة ضغوط على الجانب الأمريكي، إلا أن هذه الورقة، لم تجن للقيادة الروسية أي نتائج تذكر حتى الساعة.
الباحث السياسي السوري رشيد الحوراني، يرى في تصريحات لـ"القدس العربي"، أن روسيا لا تمتلك القدرة على الوصول إلى حل سياسي في سوريا، طالما استمر الوجود الأمريكي في الميدان، والقوات الأمريكية تشكل عاملاً مهماً في منع أي سيطرة روسية كاملة للأراضي السورية تحت مظلة النظام الذي تدعمه.
لذلك نراها تستخدم الحل العسكري الشامل في الشمال الغربي من البلاد من محافظة إدلب وصولاً إلى أرياف محافظة حلب، وهذا الهجوم وفق رشيد، يحمل إشارات ضمنية إلى "جس نبض" الموقف الأمريكي في المنطقة، قبل توجه موسكو لأي تحركات أخرى في شرق الفرات. إلا أن الولايات المتحدة، أعادت تفعيل دورها في منطقة خفض التصعيد، وهذا بدا واضحاً من سير المواجهات البرية الأخيرة بين المعارضة والنظام السوري، والتي حققت فيها المعارضة مكاسب، وكبدت الجيش الروسي وحليفه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ويسيطر الجيش الأمريكي على موارد الطاقة كافة في الضفة الشرقية من نهر الفرات، وكان قد تحدث الرئيس الأمريكي نهاية عام 2019، عن إبقاء عدد من القوات الأمريكية في المنطقة لحماية حقول النفط، ومنع عودة تنظيم "الدولة" إليها.
وأهم الحقول التي يسيطر عليها الجيش الأمريكي اليوم هي: حقل العمر، وهو أكبر حقول النفط في سوريا ويقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، و"حقل كونيكو" الذي يعتبر أكبر معامل الغاز في سوريا وهو مورد للطاقة الكهربائية ويقع في ريف دير الزور الشمالي، إضافة إلى "حقل التنك"، ثاني أكبر الحقول في سوريا بعد حقل العمر، وكذلك حقل الرميلان والذي يحتوي بدوره على ما يقارب 1300 بئر مخصص للنفط، و25 بئراً مخصصاً لانتاج الغاز.
الباحث في مركز "عمران" للدراسات والمتخص في الشرق السوري بدر ملا رشيد، يقول لـ "القدس العربي" إن عودة الولايات المتحدة عن قرار الانسحاب الشامل من سوريا، مثلت نقطة تحول في كيفية تفاعل القوى على الأرض، فموسكو كانت متوقعة أن تقوم ببسط سيطرتها بشكل كامل على شمال شرقي سوريا أو على الأقل تحاصر ما يتبقى من القوات ألأمريكية المتبقية في دير الزور ومحيطها.
إلا إن عودة واشنطن عن الانسحاب أثرت في تغيير موازين القوى على الارض مرة أخرى، ونتيجة للتغير الحاصل في موازين القوى، حدثت حالة من التجاذب بينها للمحاولة في إعادة رسم الخريطة بأكبر قدر من المكاسب لكل طرف. ولن تستطيع الصواريخ الروسية التي تحاول موسكو نشرها في مطار "القامشلي"، التأثير في موازين القوة العسكرية على الأرض، إلا انها أداة لممارسة بعض الضغوط على المسؤولين والعسكريين الأمريكيين المتواجدين في المنطقة.
من جانب آخر تمثل عملية الانتشار خطوة ضمن خطوات بسط النفوذ العسكري الروسي بشكل أوسع على الخارطة السورية، ومن المتوقع من وجهة نظر الباحث المختص، أن يستمر الضغط والاستفزاز الروسي للقوات الأمريكية في المنطقة، سواء لكسب أفضلية عسكرية فيها، أو كحركة ضغط في مقابل الضغوطات الأمريكية في ملف التجاوزات الروسية والنظام في محافظة إدلب، الا أنه من الصعب ان تصل لأية مراحل من الاشتباكات حتى المحدودة منها.