الرئيسة \  واحة اللقاء  \  لماذا لم تتحرك الجامعة العربية ضد سرقة أمريكا للنفط السوري؟‎

لماذا لم تتحرك الجامعة العربية ضد سرقة أمريكا للنفط السوري؟‎

05.11.2019
محمد أبو رزق


الخليج أونلاين
الاثنين 4/11/2019
سمحت لنفسها أن تُستخدم كورقة لتحقيق أهداف سياسية لعدد من الدول، وابتعدت عن دورها الرئيس في لمّ شمل الدول العربية والعمل على وحدتها، هذا هو حال جامعة الدول العربية التي ابتعدت عن الاستقلالية في قراراتها.
ولم تحرك الجامعة العربية ساكناً أمام توزيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إحدى ثروات دولة عربية؛ هي سوريا، في حين سارعت إلى عقد اجتماع طارئ بمقرها في القاهرة، بناءً على دعوة مصرية، عقب إطلاق تركيا عملية "نبع السلام" العسكرية، في 9 أكتوبر الماضي، ضد المليشيات الكردية الانفصالية شمالي سوريا.
ويظهر تعامل الجامعة العربية، التي تخلت عن الملف السوري منذ سنوات، مدى تحكم بعض الدول بها، والمحاباة في طرح القضايا العربية والدفاع عنها حسب الحدث.
وكان ترامب قد قال مؤخراً إنه سيحتفظ بالنفط الموجود في مناطق شرق الفرات شمالي سوريا، وسيعمل على توزيعه، وهو ما يظهر حقيقة الوجود الأمريكي في هذه المنطقة العربية؛ وهو السيطرة على ثرواتها.
وخلافاً لحديث ترامب كان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يؤكد دائماً أن بلاده ليس لديها أطماع في أي شبر من أراضي سوريا أو العراق أو أي دولة أخرى، لكنها في الوقت نفسه لا تتهاون في حماية نفسها من تهديدات الآخرين وأطماعهم.
ماذا تملك سوريا من النفط حتى يتعرض لـ"سرقة علنية"؟
السياسي الفلسطيني حجازي أبو شنب يؤكد أن الجامعة العربية عاجزة عن أداء دورها لأنها بالدرجة الأولى لديها مشكلة من مجموع النظام الرسمي العربي مسلوب الإرادة.
ويقول "أبو شنب"، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": إن "النظام العربي مرتبط بأجندة أمريكية، وخاصه أنه في الوقت الراهن يخلو من القيادات الوطنية والقومية ذات النزعة الاستقلالية".
وتحتاج جامعة الدول العربية إلى إعادة بناء، وذلك لن يتم إلا بعد انتهاء موجة عدم الاستقرار التي تعانيها الدول العربية كافة، والحديث لـ" أبي شنب".
وتمر المنطقة العربية بالكثير من الأزمات، وفق أبو شنب؛ كملف سد النهضة الإثيوبي، واستمرار الحرب السعودية الإماراتية في اليمن، وما يحدث في ليبيا، وما يمر به شمال سوريا، مؤكداً أنه "لا يوجد أي تحرك قوي من قبل الجامعة العربية".
وتحفظت دولتا قطر والصومال ورفضتا التوقيع على بيان جامعة الدول العربية الخاص بإدانة عملية تركيا العسكرية، والتحقت بهما كل من ليبيا والمغرب ببيانات وتصريحات رسمية صدرت عن وزارتي خارجيتهما.
وأعلنت وزارة الخارجية الليبية تأييدها للعملية العسكرية ورفضها لبيان جامعة الدول العربية الداعي لخفض التمثيل الدبلوماسي مع تركيا ووقف التعاون معها، على اعتبار أن قرارات الجامعة وبياناتها باتت "رهينة لحسابات وأجندة دول عربية بعينها، وهي مصر والإمارات، اللتين تعملان على زعزعة استقرار ليبيا".
وخلا بيان جامعة الدول العربية في حينها من أية إشارة إلى الدور الأمريكي والروسي والإيراني في سوريا، وتدخلاتهم في الشأن السوري، وانتهاك سيادة الدولة السورية، علاوة على عشرات المرات التي قصفت فيها "إسرائيل" الأراضي السورية، ووصل الأمر إلى تأييد الدولة العبرية بحجة "الدفاع عن أمنها"، كما قال وزير الخارجية البحريني.
الجامعة العربية
الكاتبة السياسية إحسان الفقيه ترى أن قرار جامعة الدول العربية الأخير حول عملية "نبع السلام" يثير الاستغراب، ولا يعبر عن مواقف الشعوب، إنما موقف حكومات بعض الدول العربية فقط.
وتمر المنطقة العربية، وفق مقال للفقيه نشرته وكالة "الأناضول"، بأوضاع معقدة منذ سنوات طويلة بسبب قضايا شائكة، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واحتلال العراق، والتدخلات الخارجية في عدة دول، كالعراق وسوريا واليمن وليبيا.
ويوضح أن الدول العربية كانت مواقفها من تلك القضايا دون مستوى التصدي لها أو اتخاذ موقف عربي يحظى بإجماع الدول العربية، أو على الأقل توافق معظمها على موقف محدد، وهو ما فشلت به طيلة مسيرتها التي تمتد سبعة عقود.
وتدرك العديد من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية أن هذه المؤسسة فاقدة لقيمتها الرسمية والاعتبارية، وأن المواقف التي تتخذها ليست أكثر من مواقف تمليها البروتوكولات وسياسات المجاملة بين الدول، إذ إن قراراتها ليست ملزمة، وتفتقر إلى الآليات التنفيذية في كل ما يتعلق بالجانب السياسي، وفق الفقيه.
ماذا تملك سوريا من النفط؟
لا توجد دراسات علمية دقيقة ومستقلة تماماً عما تملكه سوريا من موارد طاقة، خصوصاً أنّ نظام الأسد سبق أن أخفى أسماء العديد من آبار النفط خلال السنوات التي سبقت الثورة السورية، ليكتشف السوريون أن هناك آباراً مختلفة عن التي ذُكرت في الكتب المدرسية والإعلام الرسمي، عُرفت بعد أن سيطر عليها تنظيم الدولة بين عامي 2014 و2017.
وذكر موقع "أويل برايسز" (المختص في أخبار النفط والطاقة ومقره بريطانيا)، يوم الأربعاء (23 أكتوبر)، أن إجمالي الاحتياطي النفطي في سوريا يقدر بنحو 2.5 مليار برميل، وما لا يقل عن 75% من هذه الاحتياطيات موجودة في الحقول المحيطة بمحافظة دير الزور شرقي سوريا.
وأوضح الموقع أن احتياطي النفط السوري، البالغ 2.5 مليار برميل، ضئيل مقارنةً باحتياطي المملكة العربية السعودية، الذي يبلغ نحو 268 مليار برميل (أكثر من 100 ضعف احتياطي سوريا).
وكانت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تشكل الوحدات الكردية قوتها الضاربة، تسيطر على أغلب آبار النفط منذ عام 2017 في ظل هزيمتها لتنظيم الدولة (داعش) مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وباعت برميل النفط الخام بـ30 دولاراً يومياً، وتؤمن نحو 10 ملايين دولار شهرياً، بحسب المصدر نفسه.
وكان النفط السوري يقدر إنتاجه بنحو 380 ألف برميل نفط يومياً قبل اندلاع الحرب، وقدرت ورقة عمل صدرت عن صندوق النقد الدولي عام 2016 أن الإنتاج تراجع إلى 40 ألفاً فقط منذ عام 2011.
ولا شك أن قطاع النفط كان من أكثر القطاعات تضرراً من جراء الحرب الشاملة التي كانت تجري على الأرض السورية، فقد قدرت وزارة النفط التابعة لنظام الأسد خسائره بأكثر من 62 مليار دولار حتى عام 2017.
وأوردت صحيفة الوطن المقربة من نظام الأسد، في 4 أغسطس 2011، أن إنتاج وزارة النفط خلال النصف الأول من ذلك العام بلغ 70.092 مليون برميل من النفط الخفيف والثقيل والمكثفات، وبمعدل يتجاوز 380 ألف برميل وسطياً في اليوم، وبزيادة 957 برميلاً يومياً عن متوسط الإنتاج في النصف الأول من عام 2010.
وأضافت الصحيفة أن إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي في النصف الأول من عام 2011 بلغ 5.4 مليارات متر مكعب، بمعدل يومي 30.2 مليون متر مكعب، بزيادة مقدارها 3 ملايين متر مكعب في اليوم عن إنتاج النصف الأول من عام 2010.
وتسعى واشنطن وموسكو وأنقرة (بصحبة الجيش الوطني السوري المعارض) وكذلك نظام الأسد، للسيطرة على تلك المناطق الغنية بالنفط والماء أو أجزاء منها، والتي من الممكن أن يكون لها الدور الأكبر في تحديد ملامح أي حل سياسي مقبل للأزمة السورية.