الرئيسة \  من الصحافة العالمية  \  سوريا في الصحافة العالمية 26/1/2022

سوريا في الصحافة العالمية 26/1/2022

27.01.2022
Admin


إعداد مركز الشرق العربي
 
الصحافة الامريكية :
  • معهد واشنطن :عملية "عاصفة الصحراء" الروسية: هل هي خطة بوتين لاستخدام قواعد اللعبة العسكرية الأمريكية ضد أوكرانيا؟
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/mlyt-asft-alshra-alrwsyt-hl-hy-khtt-bwtyn-lastkhdam-qwad-allbt-alskryt-alamrykyt-dd
  • «المونيتور» : هل ستلعب تركيا دور الوسيط في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا؟
https://www.sasapost.com/translation/turkey-ukraine-crisis/
  • فورين بوليسي تطالب بايدن بالبحث عن طرق جديدة لمحاسبة بشار الأسد
https://eldorar.com/node/172867
  • فورين أفيرز: إدارة بايدن لديها خيارات لمحاسبة الأسد حتى في ظل التطبيع العربي معه
https://www.alquds.co.uk/فورين-أفيرز-إدارة-بايدن-لديها-خيارات-ل/
 
الصحافة الامريكية :
معهد واشنطن :عملية "عاصفة الصحراء" الروسية: هل هي خطة بوتين لاستخدام قواعد اللعبة العسكرية الأمريكية ضد أوكرانيا؟
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/mlyt-asft-alshra-alrwsyt-hl-hy-khtt-bwtyn-lastkhdam-qwad-allbt-alskryt-alamrykyt-dd
آنا بورشفسكايا
آنا بورشفسكايا هي زميلة "آيرا وينر" في معهد واشنطن، حيث تركز على سياسة روسيا تجاه الشرق الأوسط.
مقالات وشهادة
تكشف الدروس التي تعلمتها موسكو من "حرب الخليج" عام 1991 والتدخل في سوريا عام 2015 الكثير عن الاستراتيجية والتكتيكات وأنظمة الأسلحة التي قد تستخدمها (أو تستخدمها بالفعل) في أوكرانيا.
قد لا ندرك ذلك الآن، لكننا قد نكون على وشك رؤية نسخة روسية من عملية "عاصفة الصحراء" في أوكرانيا. فاسمحوا لي بشرح خطة العمل الروسية المحتملة.
ربما كانت عملية "عاصفة الصحراء" إحدى أكثر العمليات العسكرية حسماً وتأثيراً في القرن العشرين. وكانت أهداف هذه العملية التي نُفّذت في خلال "حرب الخليج" في عام 1991 بالغة الأثر؛ وتضمنت الحملة حملة جوية شنها تحالف بقيادة الولايات المتحدة لمدة 42 يوماً ودعمتها قدرات فضائية وسيبرانية، ثم تلتها عملية برية ساحقة. واقتضت الفكرة الرئيسية نشر غارات دقيقة جوية وصاروخية وفضائية وفضائية سيبرانية لتقويض القيادة والسيطرة الوطنية وتدميرها، وبالتالي تمكين العمليات البرية الحاسمة.
كانت عملية "عاصفة الصحراء" تاريخية
لم تكن أي قوة أخرى حتى ذلك الوقت قد نفّذت عملية مشابهة؛ فقد غيّرت هذه العملية سير الأمور وحققت نجاحاً باهراً. ودمّرت عملية "عاصفة الصحراء" بشكل فعال الجيش العراقي المتمرس في الحرب من خلال القضاء على قدرته على قيادة قواته الميدانية والسيطرة عليها والحفاظ على معرفته بأحوال ساحة المعركة. وتعرضت آلة الحرب العراقية لغارات سيبرانية وجوية وصاروخية أطاحت بالقيادة وأدت إلى هلاك الجيش في صحاري الكويت والعراق.
ومنذ ذلك الوقت، سيطرت الفكرة الرئيسية التي استندت إليها عملية "عاصفة الصحراء" على الحروب الحديثة. والأهم من ذلك هو أن هذه العملية كشفت عن القصور العسكري للاتحاد السوفيتي، لا سيما قصور دفاعاته الجوية وعقيدته العسكرية، وأيضاً عتاده العسكري، إذ كانت أغلبية الأسلحة العراقية مشتريات سوفيتية. وكما كتب غراهام إي. فولر، النائب السابق لرئيس "مجلس المخابرات الوطني" في "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية في صيف عام 1991، "حتى في أفضل حال... لم يظهر الجيش السوفيتي بصورة جيدة في المواجهة."
روسيا تدرس "حرب الخليج"
انتهت "حرب الخليج" في شباط/فبراير 1991، وانهار الاتحاد السوفيتي في كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه - لكن الجهاز العسكري والأمني ​​السوفيتي أخذ دروس عملية "عاصفة الصحراء" على محمل الجد. فدرس هذه الدروس وناقشها بشكل مكثف. وبعد كانون الأول/ديسمبر 1991، لم يستطع الكثيرون أن يتخطوا خسارة الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة.
ومن جهتها، ظلت القوات العسكرية الروسية تعاني من عدة مشاكل في التسعينيات وأوائل القرن الواحد والعشرين. لكن بعد أدائها المحرج بشكل خاص في الحرب الروسية الجورجية في آب/أغسطس 2008 (حين انتصرت روسيا في النهاية، ولكن بصعوبة كبيرة، على خصم أصغر منها بكثير)، باشرت القوات العسكرية الروسية بسلسلة من الإصلاحات الشاملة. وقد فشلت جهود الإصلاح السابقة، إلّا أن المحاولة الأخيرة بدأت تفضي إلى نتائج حقيقية مع الوقت. وكما كتب ديمتري (ديما) آدمسكي، عالجت الإصلاحات المشاكل التي توضّحت في حرب جورجيا من خلال استخدام "ثورة تكنولوجيا المعلومات في الشؤون العسكرية". وأضاف آدمسكي قائلاً: "الهدف من الإصلاحات الروسية منذ ذلك الحين هو إعادة بناء الجيش التقليدي وتطويره ليعتمد نموذجاً مثالياً يمزج بين الاستطلاع وإطلاق النار".
أما فلاديمير بوتين، وهو الذي اشتهر بأسفه على انحلال الاتحاد السوفيتي، واصفاً إياه بأعظم مأساة شهدها القرن العشرين، فقام إلى جانب أولئك المتواجدين في دائرته، بدراسة سقوط الاتحاد السوفيتي بعناية واستخلاص عدة دروس. وعلى مر السنين، درس المحللون العسكريون الروس على نطاق واسع العمليات العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة، وخاصة في الشرق الأوسط وكوسوفو. وفهموا أنهم خسروا في أعظم معركة جيوسياسية في القرن العشرين أمام خصم متفوق تكنولوجياً وظّفَ بشكل تشغيلي عمليات سيبرانية وجوية وفضائية من أجل تحقيق آثار استراتيجية حاسمة. ولكي تستعيد روسيا دورها كقوة عظمى، توجب عليها أن تعالج مكامن الضعف والخلل الخاصة بها، ولا بد من عودتها بطريقة أو بأخرى إذ إن روسيا دولة "محكوم عليها" بأن تكون قوة عظمى، وفق العبارات الشهيرة لوزير الخارجية الروسي السابق أندريه كوزيريف.
وهكذا حصل - ببطء في البداية ثم دفعة واحدة، إذا ما أعدنا صياغة كلمات إرنست همينغوي. وبعد تنفيذ تحسينات عسكرية متواصلة وُضعت أسسها في منتصف الثمانينيات في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات التي قادها المارشال السوفيتي نيكولاي أوجاركوف، أخذت موسكو تنهض من جديد. وساعدت الدروس المستفادة من عملية "عاصفة الصحراء" في تطوير نموذج الاستطلاع وإطلاق الضربات الحالي الذي تعتمده روسيا. وعكست المشتريات العسكرية الروسية وبرنامج التدريبات الوطني الواسع النطاق والمزدهر في روسيا على مر السنين تحولاً نحو تركيز الاهتمام بشكلٍ أكبر على ما سُمّيَ بحرب الفضاء الجوي، التي شددت على تطوير ما يُدعى نُظُم "القيادة والسيطرة والحواسيب والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع" التي دمجت أنظمة ضربات نارية دقيقة بعيدة المدى. وساهمت الخبرة التي اكتسبتها موسكو في الشيشان، حيث تعلمت أنه يجب أن تهيمن على سردية المعلومات، وإدراكها أن هزيمة العمليات الجوية والفضائية الأمريكية تتطلب جهوداً ملحوظة للسيطرة على الطيف الكهرومغناطيسي، في تطور طريقة الحرب الروسية.
وبحلول عام 2015، حين تدخلت روسيا في سوريا، وللمرة الأولى، أظهرت موسكو عناصر عسكرية شبيهة بعملية "عاصفة الصحراء"، مع التركيز على الضربات الدقيقة المتعددة المجالات (في الجو وعبر سفن السطح والغواصات والقوات البرية) التي دعمتها العمليات الحربية المعلوماتية والإلكترونية. وأعلنت حملتها العسكرية للعالم أن الجيش الروسي التقليدي تطور من ماضيه السوفيتي وأصبح يمتلك الآن بعض القدرات المناظِرة للولايات المتحدة. وكتب آدمسكي: "نظرت هيئة الأركان العامة إلى العملية في سوريا على أنها حقل تجارب لصقل قدرتها على دمج أنظمة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وأنظمة القيادة والسيطرة، وأنظمة إطلاق النار". بعبارة أخرى، شكلت سوريا تجربة تعليمية تماشت مع الإصلاحات العسكرية الروسية. وإلى ذلك، قال فاليري غيراسيموف، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الروسية، إن الدروس المستفادة من سوريا ستساعد في الدفاع عن "المصالح الوطنية" الروسية وتعزيزها خارج حدود روسيا.
ويوضح المحلل المخضرم للجيش الروسي تيموثي توماس بأفضل صورة التطور الموصوف أعلاه. فكتب في تموز/يوليو-آب/أغسطس 2017، نقلاً عن مصادر عسكرية روسية أصلية، أن الفترة الأولية للحرب مهمة جداً و"ستتضمن عملية معلوماتية موجهة، وعملية حربية إلكترونية، وعملية فضائية جوية، ومضايقات مستمرة للقوات الجوية، واستخدام أسلحة عالية الدقة تُطلق من منصات مختلفة، ومدفعية بعيدة المدى، وأسلحة تستند إلى مبادئ فيزيائية جديدة". وقد يقول الخبراء العسكريون إن هذا بالضبط ما حدث بشكلٍ عام في عملية "عاصفة الصحراء". واختتم توماس بالقول إن المرحلة الأخيرة تتضمن استخدام القوات البرية "من أجل إخضاع الوحدات المتبقية أو الإطاحة بها، لا سيما من خلال استخدام العناصر البرية". وسعت العقيدة والمشتريات العسكرية الروسية إلى تطوير العمليات وتوظيف قوة قادرة على شن الحرب بهذه الطريقة على مدى العقدين الماضيين.
كيف يمكن أن تتكشف عملية "عاصفة الصحراء" الروسية؟
يقودنا ذلك حالياً إلى أوكرانيا. فلا أحد يمكنه توقّع المستقبل، لكنّ الساحة جاهزة للسماح لموسكو بتنفيذ حملة طاقة فضائية مدفوعة بالتكنولوجيا، تدعمها الحرب المعلوماتية والسيبرانية من أجل تمكين حملة برية لاحقة يمكن أن تستولي على أجزاء من شرق أوكرانيا. وقد نقلت موسكو قواتها الحربية الجوية والصاروخية والإلكترونية من كافة قياداتها العملياتية المشتركة، بما في ذلك من الشرق الأقصى، ودمجتها على طول محيط أوكرانيا بأكمله. وبالتالي، فإن المهمة الأولى التي وصفها توماس - أي الحرب المعلوماتية والسيبرانية - هي بأقصى نشاطها. وتتناسب جهود روسيا الدبلوماسية المستمرة لتصوير نفسها على أنها مهددة ولا خيار أمامها، إلى جانب العمليات السيبرانية والمعلوماتية الأخيرة، مع نموذج توماس للحرب الروسية الحديثة.
وعلى الرغم من أننا لا نملك دليلاً قاطعاً على ذلك من الناحية الفنية، إلّا أنه يصعب علينا أيضاً أن نصدّق أن الكرملين لم يكن وراء الهجمات السيبرانية الأخيرة في أوكرانيا، حيث ندرك جيداً ما هي استراتيجيات موسكو وتاريخها في العمليات السيبرانية. وإذا كان الأمر كذلك، فالاستنتاج المنطقي هو أن ما سيلي سيكون عمليات الحرب الإلكترونية وعمليات الفضاء الجوي. وتُهيّئ أنشطة موسكو على طول الحدود الأوكرانية مع بيلاروسيا والبحر الأسود لذلك بشكلٍ كافٍ. ومؤخراً، في 21 كانون الثاني/يناير، أعلن رئيس مجلس الدوما (البرلمان) الروسي فياتشيسلاف فولودين أن "مشاورات" ستجري في الأسبوع المقبل حول الاعتراف "باستقلال جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين ذاتياً" في شرق أوكرانيا.
ما الذي تريده روسيا؟
لم تكن العملية في سوريا تتعلق بسوريا حقاً، وهو أمرٌ أتناوله بالتفصيل في كتابي الأخير. ومن المنطلق نفسه، فإن الأحداث في أوكرانيا لا تتعلق حقاً بأوكرانيا. فكلاهما يتعلّق حول مراجعة الكرملين لنظام ما بعد الحرب الباردة بقيادة الولايات المتحدة وتعديله وفقاً لشروط موسكو. والآن، في أوكرانيا، عادت موسكو إلى نقطة البداية عند نهاية الحرب الباردة، وما اعتبرته إذلالاً ربما بدأ مع عملية "عاصفة الصحراء"، واستمر في نظر موسكو مع عمليات حلف "الناتو" في كوسوفو والاجتياح الأمريكي للعراق.
وإذا نفّذت روسيا الآن العملية العسكرية في أوكرانيا كما وصفتُها، فستُعلن للعالم أن روسيا هي قوة تقليدية مهيمنة، وليست قوة نووية فحسب. ويمكن أن يؤدي الاستخدام الاستراتيجي لهذه القوة إلى عزل أوكرانيا عن البحر الأسود، مما يجعلها غير قابلة للاستمرار اقتصادياً. كما سيبعث رسالة مفادها أن القوة هي أفضل طريقة لتحقيق الأهداف السياسية وإقناع قادة أوروبيين معينين بأن الوقت قد حان لإعادة التفاوض بشأن البنية الأمنية الأوروبية.
وقال بعض المحللين إن بوتين لا يريد على الأرجح حرباً تقليدية كاملة مع أوكرانيا، وقد يكونون على حق. لكنّ عملية "عاصفة الصحراء" تجنبت مثل هذا السيناريو وأسفرت عن خسائر في صفوف التحالف أقل بكثير مما كان يمكن لأي شخص توقعه، بسبب القيود المفروضة على تلك الحملة. والسيناريو الذي عرضتُه هو حملة محدودة. كما لم يحشر بوتين نفسه بالضرورة في الزاوية حيث لا خيار له سوى خوض الحرب، كما كتب مؤخراً ديفيد ج. كرامر. ويُظهر أسلوب الحرب الذي يسلط توماس الضوء عليه أن أمام بوتين خيارات وفيرة قبل المباشرة بالأساليب التقليدية. وكما كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على منصة "تويتر"، "ليست هناك عمليات توغل بسيطة".
ما هي الخطوة التالية لروسيا؟
أرجو أن أكون مخطئة. لكن المحللين العسكريين يشيرون إلى أن الحشد الروسي الحالي على طول حدود أوكرانيا يختلف عما سبقه؛ فهو أكثر جدية وشمولية إلى حد كبير. وتستخدم موسكو كافة أدوات القسر والإكراه التي تمتلكها في ترسانتها.
لقد قادت سنواتٌ من التحليل غير الجاد واضعي السياسات الغربيين إلى مواساة أنفسهم بأن بوتين مجرد شخص انتهازي، لأنهم فشلوا في صياغة استراتيجيتهم الخاصة لردعه. وبالفعل، لم يدفع بوتين أبداً ثمناً حقيقياً لعدوانه، وبالطبع لم تنجح العقوبات وحدها في ردعه في ظل غياب تموضع القوات الجوفضائية، على سبيل المثال، بشكل استراتيجي في أوروبا والشرق الأوسط. وشجّع الضعف الغربي على مر السنين بوتين باستمرار؛ فأولئك الذين رأوا أن القساوة هي تصعيدية جداً قد يرون قريباً ما حققه الضعف الشديد بدلاً من ذلك.
آنا بورشفسكايا هي زميلة أقدم في معهد واشنطن. وتم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع "ناينتين فورتي فايف" (19FortyFive).
=============================
«المونيتور» : هل ستلعب تركيا دور الوسيط في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا؟
https://www.sasapost.com/translation/turkey-ukraine-crisis/
نشر موقع المونيتور الأمريكي تقريرًا للصحافي التركي فهيم تشتكين تناول فيه منظور تركيا بسبب الأزمة المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، ومساعي أنقرة للوقوف على مسافة واحدة من الطرفين، واحتمالات نجاحها في جهود الوساطة التي اقترحها الرئيس التركي أردوغان لحل الأزمة.
دقت طبول الحرب
يستهل فهيم تقريره بالقول: قد يُنظر إلى عرض الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان للتوسُّط بين الرئيسين الروسي والأوكراني على أنه جهد مشكور لإحلال السلام، إلا أن شبح الحرب المتنامي هو السبب الحقيقي الذي يقلق تركيا؛ إذ ستكون هي من أوائل البلدان التي ستطالها تداعيات الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا.
وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة التي تربطه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثار أردوغان موجة من الغضب في موسكو ليس فقط لإظهاره التضامن الكبير مع كييف، ولكن لدعمه أيضًا إستراتيجية «حلف شمال الأطلسي (الناتو)» التي تهدف إلى توسيع وجوده في منطقة البحر الأسود، بما فيها التحركات التي أثارت التساؤلات حول مدى التزام أنقرة باتفاقية مونترو عام 1936، وهي الاتفاقية الجوهرية التي ترعى مصالح روسيا في البحر الأسود.
وتنظم هذه الاتفاقية حركة النقل البحري عبر مضيق البوسفور والدردنيل في تركيا، الرابط البحري بين البحر المتوسط والبحر الأسود، وتفرض قيودًا صارمة على السفن العسكرية للدول غير الساحلية؛ مما يقيد بفاعلية وصول القوات البحرية لكل من الولايات المتحدة والناتو إلى البحر الأسود.
ولكن الآن بعد أن قُرعت طبول الحرب، ومع توقعات واشنطن بأن تظل أنقرة صامدة، يحاول أردوغان وضع تركيا في موقف محايد، ظاهريًّا على الأقل بحسب رأي الكاتب؛ ففي مكالمات هاتفية مع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق هذا الشهر دعا أردوغان كلا الزعيمين لزيارة تركيا، ولكن مع تجاهل روسيا لعرضه، يخطط أردوغان الآن إلى زيارة العاصمة الأوكرانية كييف في أوائل فبراير (شباط)، ويأمل أن يتوجه بعدها إلى موسكو.
تركيا ودَور الوسيط لحل الأزمة
يقول الكاتب إنه ليس لدى كييف اعتراض على وساطة تركيا، العضو في حلف الناتو، مع أن زيلينسكي دعا إلى محادثات مباشرة مع بوتين لإنهاء الصراع مع الانفصاليين الموالين لروسيا في منطقة دونباس، إلا أن توجُّه أردوغان بشأن الأزمة وهو يرى أن الصراع في دونباس يجب حله على أساس وحدة الأراضي الأوكرانية، واعتباره أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم احتلالًا ربما يجعله وسيطًا غير مرجَّح من جانب روسيا، بحسب التقرير.
وفي 19 يناير (كانون الثاني) كرر الكرملين أنه سيرحب بالجهود التركية «للتأثير على الأوكرانيين وإقناعهم للوفاء بالاتفاقات والالتزامات (القائمة)»، في إشارة إلى اتفاقات مينسك لعام 2015. بعبارةٍ أخرى: لا تبحث روسيا عن وساطة، بل عن جهود تمنع زيلينسكي من خوض مغامرة عسكرية في دونباس، بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا.
وعلاوةً على ذلك، تمكَّنت موسكو من تحويل أزمة أوكرانيا إلى قضية مساوَمَة أوسع لوقف توسُّع الناتو في الشرق، مما يجعل أردوغان مرةً أخرى وسيطًا غير محتمل. وبدا أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد اعترف بهذه النقطة عندما قال الأسبوع الماضي إن «الحوار بين روسيا والناتو من جهة وبين الولايات المتحدة وروسيا من جهة أخرى هو الذي سيحدد كيفية تطور المواجهة بين البلدين».
وفي الوقت الذي تحتاج فيه تركيا بشدة إلى تهدئة التوترات، يجعل استخدام أوكرانيا للطائرات المسيَّرة التركية في صراع دونباس من هذا الصراع مصدرًا محتملًا للمشكلات لأنقرة. وفي نهاية الأسبوع سعى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى الدفاع عن مبيعات الطائرات المسيَّرة باعتبارها جزءًا من التزامات الناتو تجاه الشركاء غير الأعضاء في الحلف. إذ قال: «الأمر يعود إلى أوكرانيا في الحصول على هذه الأنظمة واستخدامها، ولا يمكن إلقاء اللوم على تركيا لكونها دولة مصدِّرة لهذا النوع من الطائرات».
وأضاف أنه «يجب الأخذ في الاعتبار أن أوكرانيا جزء من شركاء الفرص المعزَّزة لحلف الناتو. ولذلك فإن تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا يمثل إحدى نقاط خطط عمل الشراكة الفردية لحلف الناتو. وعزَّزت تركيا القدرات الدفاعية لأوكرانيا على الصعيد الثنائي وفي إطار الناتو». ويمكن قراءة تصريحات أكار أيضًا على أنها رفض للمزاعم الغربية التي تقول إن إمداد تركيا أوكرانيا بطائرات مسيَّرة مسلَّحة أدَّى إلى استفزاز روسيا.
تركيا بحاجة لموقف محايد
ويرى الكاتب أنه قد يكون حصول تركيا على أنظمة الدفاع الجوي S-400 من روسيا تناقضًا صارخًا، ولكن مثل العديد من الحلفاء الغربيين، يبدو أن أردوغان قَلِق من أن ضم شبه جزيرة القرم ربما لا يكون الفصل الأخير في الجهود الروسية لاستعادة الأراضي السوفيتية السابقة على أساس حماية الأطراف التي يسكنها عدد كبير من الروس. وقال أردوغان في 17 يناير: إن روسيا «احتلَّت» القرم «ولا يمكن أن تستمر الأمور بعقلية المحتل».
ولكن في الوقت نفسه، يشعر أردوغان بالحاجة إلى (استرضاء) بوتين، نظرًا لعلاقة الصداقة بين أنقرة وموسكو، التي اكتسبت توجهًا إستراتيجيًّا. ولذا تأرجح أردوغان بين دعم الموقف القوي للولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، الذي تدعمه أيضًا كل من بولندا، وإستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، وبين النهج الأكثر حذرًا الذي تتخذه الدول الأوروبية مثل ألمانيا، والنمسا، والمجر. وسهَّل الانقسام الأوروبي مناورة أردوغان هذه.
كما أن ظهور تكتلات القوى الجديدة مثل الاتفاقية الأمنية الأمريكية البريطانية الأسترالية لمواجهة الصين، ومبادرة الحوار الأمني الرباعي التي تضم الثلاثي نفسه بالإضافة إلى اليابان، فضلًا عن التطورات المثيرة للجدل مثل القرار الأمريكي الأحادي الجانب بالانسحاب من أفغانستان، وإلغاء أستراليا لصفقة الغواصات الضخمة مع فرنسا بعد فترة وجيزة من الاتفاقية الثلاثية، أدَّت إلى ظهور مخاوف في المعسكر الأوروبي في الناتو، وسَعَت تركيا للاستفادة – بحسب تعبير الكاتب – من هذه الانقسامات. ولكن الآن مع تصاعد الأزمة الأوكرانية، يبدو أن تركيا تستعد لدفع الثمن.
عقوباتٌ تضع دولًا عديدة في مأزق
ويلفت التقرير إلى أن السياسة الأمريكية البريطانية ضد روسيا تتضمن توريد شحنات أسلحة لإعداد أوكرانيا للحرب، وتهديداتٍ بفرض عقوباتٍ قد تغرق الاقتصاد الروسي، ولكن هذه السياسة تضغط على تركيا أيضًا بسبب علاقتها مع روسيا، بما فيها نظام S-400، وعلى ألمانيا بسبب رغبتها في الحفاظ على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 مع روسيا، وعلى فنلندا والسويد بسبب سياسة عدم الانحياز التي تبقيهما خارج الناتو، وعلى أي عضو في الناتو يكره احتمال أن تصبح أوروبا مسرحًا لحرب تأثير ثنائية القطب أخرى شبيهة بالحرب الباردة.
وفيما يخص أنقرة يبدو أن الاعتدال أمر لا مفر منه بغض النظر عن شدة خطابها، والأمثلة الدالة على ذلك: موقف تركيا خلال الحرب الجورجية الروسية عام 2008، عندما حاولت جورجيا المدعومة من الغرب استعادة منطقتها الانفصالية في أوسيتيا الجنوبية. ومع أن تركيا كانت داعمًا رئيسًا لبرنامج تدريب الجيش الجورجي، وتجهيزه في الفترة التي سبقت الحرب، رفضت السماح للسفن الحربية الأمريكية بدخول البحر الأسود باعتبار ذلك جزءًا من التحركات الأمريكية لردع روسيا، بناءً على اتفاقية مونترو. وفي نهاية المطاف تحطمت خطط جورجيا لاستعادة أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، عندما وصلت روسيا لمساعدة المناطق الانفصالية.
هل مصالح تركيا في خطر؟
ولكن قد يجبر التصعيد العسكري في شرق أوكرانيا أنقرة على اتخاذ قرارات صعبة، خاصة فيما يتعلق بمسؤوليتها في الحفاظ على مسار الملاحة عبر المضيق التركي. ومن المرجح أن يكون تجنب المواجهة مع روسيا هو الشغل الشاغل لأنقرة في مثل هذه المواقف.
ولدى حكومة أردوغان قائمة طويلة من المصالح التي ترغب في مراعاتها، بما فيها استقرار المضيق التركي والبحر الأسود، ومحطة أكويو للطاقة النووية التي يبنيها الروس في جنوب تركيا، وتأمين إمدادات الغاز من خط الأنابيب المشترك مع روسيا، وأهمية السياح الروس والأوكرانيين لقطاع السياحة فيها، وأهمية الأسواق الروسية لمصدِّري الخضر والفاكهة الأتراك.
وكذلك المشروعات المتعددة لشركات البناء التركية في روسيا، وآمال تركيا في توسيع نفوذها في القوقاز بعد مساعدة أذربيجان في حرب إقليم ناغورني قره باغ عام 2020 وعملياتها المستمرة في سوريا وليبيا. ووسط المشكلات الاقتصادية المتزايدة في تركيا، حتى واردات القمح من روسيا أصبحت مسألة حاسمة بعد أن تضاعفت أسعار الخبز في البلاد في غضون أسابيع قليلة.
وإلى جانب ذلك يصعب التنبؤ بنطاق العقوبات المحتملة ضد روسيا وتأثيرها على الدول الثالثة. ورفضت تركيا حتى الآن الانضمام إلى العقوبات الأمريكية الأوروبية ضد روسيا، ولكنها قد تجد صعوبة في الاستمرار في عمل ذلك إذا امتدت العقوبات إلى القطاع المصرفي.
ويختم الصحافي بالقول: وحتى لو تمكنت أنقرة من البقاء في موقف محايد، فإن العلاقات التركية الروسية ستتأثر بلا شك بهذا الاضطراب؛ إذ من الصعب أن نتخيل أن بوتين سيتجاهل بيع تركيا طائرات مسيَّرة لأوكرانيا، أو وصف أردوغان لشبه جزيرة القرم أنها منطقة «محتلة». ولا يمكن استبعاد (انتقام روسي) محتمل في قضايا مثل الصراع القبرصي، أو الوجود العسكري التركي في سوريا، وليبيا، والعراق، أو في المسألة الكردية.
=============================
فورين بوليسي تطالب بايدن بالبحث عن طرق جديدة لمحاسبة بشار الأسد
https://eldorar.com/node/172867
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تقريرا دعت فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى ضرورة البحث عن طرق جديدة لمحاسبة نظام الأسد.
وقالت المجلة: “إن الأزمة الاقتصادية التي تضرب منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد بلاد الشام تحد من قدرات إدارة بايدن لعزل بشار الأسد ونظامه”.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها لبنان جعلت بايدن يتغاضى عن عقوبات قيصر من أجل تحسين وضع لبنان عبر نقل الغاز المصري إليه عبر سوريا والأردن.
وأضافت: “أنه بالرغم من ذلك يجب على إدارة بايدن محاسبة الأسد على الجرائم التي ترتكبها ضد الشعب السوري”.
وأردفت: “أنه يجب على واشنطن تقديم الدعم وتوفير المساعدة للدول الغربية التي تقوم بمحاكمة رموز النظام مهما سنحت الفرصة”.
ودعت المجلة إلى ضرورة مضاعفة المجهود الرامية لتوثيق الانتهاكات والجرائم التي قام بها بشار الأسد وأتباعه.
وأشارت المجلة إلى أنه لا يمكن محاكمة بشار الأسد وكبار مسؤوليه عبر مجلس الأمن بسبب المعارضة الروسية والصينية واستخدامهما الفيتو.
وأكدت الصحيفة أنه يمكن لصناع القرار الأمريكيين إيجاد طرق جديدة لمحاسبة نظام الأسد، مشيرة إلى أن المحاكم الأوروبية حاكمت عددا من رموز النظام تحت مبدأ الاختصاص العام، مثل محاكمة ألمانيا لأنور رسلان.
يذكر أن نظام الأسد ارتكب بدعم  دبلوماسي روسي مجازر دموية بشعة باستخدام الأسلحة الكيماوية راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء، وذلك وسط صمت مطبق من قبل المجتمع الدولي وأمريكا وأوروبا.
=============================
فورين أفيرز: إدارة بايدن لديها خيارات لمحاسبة الأسد حتى في ظل التطبيع العربي معه
https://www.alquds.co.uk/فورين-أفيرز-إدارة-بايدن-لديها-خيارات-ل/
إبراهيم درويش
لندن – “القدس العربي”: نشر موقع “فورين أفيرز” مقالا لمنى يعقوبيان، المستشارة البارزة لمعهد السلام الأمريكي بعنوان “الأسد هنا ليبقى”، قالت فيه إن بقاء الأسد في السلطة لا يعني توقف الولايات المتحدة عن محاولات محاسبته. وقالت إنه بعد عقد من النزاع السوري، فقد استقر كمأزق من العنف طويل الأمد. ويواصل الديكتاتور السوري، بشار الأسد كما في السابق التصرف دون خوف من عقاب. فقد غيب بالقوة عشرات الآلاف من السوريين وعرض آلافا آخرين للتعذيب والانتهاك الجنسي والموت في المعتقلات.
ويعاني البلد من أزمة إنسانية واسعة، بنسبة 90% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة 60% يعانون من نقص الغذاء، وهي أعلى نسبة منذ بداية الحرب، حسب بيانات الأمم المتحدة. وفي نفس الوقت هناك اعتراف بأن الأسد باق في السلطة، أما الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط فلا، وهو ما دفع حلفاء الولايات لتطبيع العلاقات مع المنبوذ السابق. واتخذت كل من البحرين والأردن ومصر والسعودية والإمارات ولبنان خطوات لإعادة العلاقات مع الأسد. وتعلق الكاتبة أن التوجه نحو تطبيع العلاقات الإقليمية ربما كان لا رجعة فيه، لأن دول الشرق الأوسط لا خيار أمامها، إلا العيش مع الديكتاتور السوري. ولكن على الدول الغربية عمل ما بإمكانها لتحميل أتباعه المسؤولية وحماية اللاجئين السوريين من العودة القسرية وتخفيف الأزمة الإنسانية التي يعاني منها السوريون.
يجب على إدارة بايدن التركيز ومساعدة المدنيين السوريين الذين يعيشون داخل البلاد وكذا اللاجئين. وفي الوقت نفسه البحث عن طرق لتحميل الأسد مسؤولية جرائمه.
ولتحقيق هذه الغاية، يجب على إدارة جو بايدن التركيز ومساعدة المدنيين السوريين الذين يعيشون داخل البلاد وكذا اللاجئين. وفي الوقت نفسه البحث عن طرق لتحميل الأسد مسؤولية جرائمه. ففي بداية النزاع السوري قررت عدة دول شرق أوسطية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الأسد فيما علقت الجامعة العربية عضوية سوريا عام 2011، بسبب ما قالت إنها وحشية الأسد ضد المحتجين وفشله بالالتزام بخطة السلام التي توصلت إليها الأمم المتحدة.
وفي عام 2012، بدأت عدة دول خليجية، من بينها السعودية والإمارات وقطر بتسليح المعارضة السورية لاعتقادها أن بقاء الأسد في الحكم بات مسألة وقت. وبعد عقد من الزمان لا يزال الأسد في السلطة، وذلك بفضل التدخل العسكري الروسي والإيراني، أما دول الخليج فقد بدأت بالزحف نحو التطبيع معه.
محاولات دول الخليج استئناف العلاقات مع سوريا نابعة من الرغبة بوقف التأثير الإيراني في البلاد.
وتقول الكاتبة إن محاولات دول الخليج استئناف العلاقات مع سوريا نابعة من الرغبة بوقف التأثير الإيراني في البلد. وكانت الإمارات العربية المتحدة البادئة في هذه الجهود حيث أعادت فتح سفارتها في دمشق عام 2018 وتبع ذلك مكالمة بين الأسد وولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد. وبعد عام زار وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد سوريا واجتمع مع الأسد. وكان أول مسؤول إماراتي بارز يزور دمشق منذ 10 أعوام. وتبعت دول الخليج الأخرى الخطوات الإماراتية، ففي 2020 كانت عمان أول دولة خليجية تعيد سفيرها إلى سوريا، وفعلت البحرين الأمر نفسه في كانون الأول/ديسمبر 2021. وحتى السعودية عدوة سوريا خطت خطوات نحو الأسد العام الماضي واجتمع مدير استخباراتها مع نظيره السوري مرتين. وخارج مظلة الدول الخليجية تحركت دول عربية أخرى للتقارب مع سوريا، فقد اجتمع سامح شكري وزير الخارجية المصري مع مسؤولين سوريين على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2021 فيما وصف بأنه محاولة لإعادة سوريا إلى الحظيرة العربية. وطالبت عدة دول عربية في محادثات خاصة بعودة سوريا إلى الجامعة العربية في القمة المقرر عقدها بالجزائر في آذار/مارس 2022. وفي عام 2024 من المتوقع أن تستقبل دمشق مؤتمر الدول المنتجة والمصدرة للنفط.
وترى الكاتبة أن الأزمة الاجتماعية- الاقتصادية بمنطقة المشرق تدفع باتجاه التطبيع. ففي عام 2019 فتحت السلطات العراقية معبر القائم الذي يربط البلدين بعد إغلاقه عندما كانت تحت سيطرة تنظيم “الدولة”. وهو ما أحيا آمال العراقيين بتفعيل العلاقات الاقتصادية. وبنفس السياق، تحدث الملك عبد الله مع رئيس النظام السوري على أمل فتح المعبر الحدودي وتقوية الاقتصاد الأردني الذي تأثر بكوفيد-19. ويواجه جار سوريا في الشرق لبنان انهيارا اقتصاديا، وفقدت العملة قيمتها ووصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 80% ولم تعد إمكانية الانهيار الكامل بعيدة. ومع المصاعب الاقتصادية ونقص الطعام وعدم توفر الوقود، قامت الولايات المتحدة بتعبئة اللاعبين الإقليميين والدوليين خلف صفقة يتم من خلالها نقل الغاز المصري والفائض من الكهرباء في الأردن إلى لبنان عبر سوريا. وتقول الكاتبة إن الترتيب هو أفضل مثال عن الطريقة التي يدفع فيها الانهيار الاقتصادي نحو التطبيع مع سوريا، وربطها بشكل فعلي مع جيرانها. مع أن هناك قوى موازية لهذه الجهود، مشيرة لقانون قيصر الذي مرره الكونغرس الأمريكي عام 2019، والذي فرض عقوبات على كيانات حكومية وخاصة مرتبطة بالجيش ويهدد من يتعامل معها بالعقوبات. إلا أن إدارة بايدن التي دعمت الصفقة لتوفير الوقود إلى لبنان أظهرت أنها تقدم الأولوية لإنقاذ البلد الجار لسوريا وليس مراقبة تطبيق القانون. فالضائقة الاقتصادية التي تمر بها منطقة المشرق/بلاد الشام تحد من قدرات إدارة بايدن لعزل الأسد. لكل هذا فيجب أن تركز الجهود الأمريكية في محاسبة الأسد على تحديد الضرر، أي منع العودة القسرية للمهاجرين السوريين إلى بلادهم وتقديم الدعم للسوريين الذين يعانون في بلدهم الذي دمرته الحرب ومضاعفة الجهود لتوثيق الانتهاكات والجرائم التي قام بها الأسد وأتباعه وتوفير المساعدة للدول الغربية التي تقوم بمحاكمة رموز النظام مهما سنحت الفرصة. وتعتقد أن تحميل الأسد مسؤولية جرائمه ووحشيته هو تحد مزعج. فسوريا ليست عضوا في الجنائية الدولية وبالتالي ليست تابعة لاختصاصها، مما يحرم المجتمع الدولي من مكان مهم لمحاسبة الأسد والأعضاء الآخرين عما اقترفوه من جرائم. ولا يمكن تحويل سوريا إلى المحكمة عبر مجلس الأمن نظرا للمعارضة الروسية والصينية واستخدامهما الفيتو. لكن صناع السياسة الأمريكيين يمكنهم البحث عن طرق أخرى لمحاسبة النظام عبر المحاكم الأوروبية التي حاكمت عددا من رموز النظام تحت مبدأ الاختصاص العام. وبناء على هذا المبدأ يمكن للبلد الذي لجأ إليه مجرمو الحرب محاسبتهم مع أن الجرائم ارتكبت في مكان آخر. وأصدرت محكمة ألمانية بداية الشهر حكما على الضابط أنور رسلان بالسجن مدى الحياة، عقابا على ما ارتكبه من انتهاكات عندما كان مسؤولا في مركز اعتقال. وأشارت إلى أن المحاكم القائمة على هذا المبدأ تكتسب على ما يبدو زخما في الدول الأوروبية. ويجب على الولايات المتحدة المساعدة في تنسيق جهود محاكمة المشتبه بارتكابهم جرائم والمشاركة بما لديها من معلومات. كما ويجب على الإدارة زيادة الدعم في مجال جمع الأدلة وتوثيق جرائم الأسد، وهي أساس مهم في تحقيق العدالة والمحاسبة. وربما أدت هذه المحاكمات لتثبيط عزم الدول الأوروبية التي تفكر بالتطبيع مع الأسد. وبالإضافة للضغط على النظام، يجب على إدارة بايدن زيادة جهود الدعم وتخفيف الأزمة داخل سوريا وإلقاء الضوء على مأزق اللاجئين السوريين. ويجب على الإدارة العمل على تجديد قرار مجلس الأمن 2585 الذي سينتهي العمل به في تموز/يوليو 2022، والذي يبقي على المعبر الوحيد من أربعة معابر إنسانية أنشأتها الأمم المتحدة عام 2014 لكي تصل المساعدات عبر تركيا إلى مناطق المعارضة في شمال- غرب سوريا. ويجب على الولايات المتحدة تقديم المساعدة للاجئين في الدول التي لجأوا إليها. واستقبلت تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين، فيما يعتبر لبنان الأكبر من ناحية نسبة السوريين لعدد السكان. وبات اللاجئون في كلا البلدين عرضة للمضايقات وكبش فداء للظروف الاقتصادية التي يمر بها البلدان. ولا يقتصر العداء للسوريين على دول الشرق الأوسط، فقد كانت الدنمارك أول دولة تجرد اللاجئين من إقاماتهم، مبررة قرارها بأن الوضع في لبنان آمن. ولم يتم ترحيلهم بعد إلا أن عددا كبيرا منهم في مراكز ترحيل. ويجب على إدارة بايدن شجب أي محاولة ترحيل قسري للاجئين، وبالتحديد الدنمارك الواجب الضغط عليها لتغيير سياستها. وفي النهاية يبدو أن الأسد آمن في منصبه ودول الشرق الأوسط تحاول التطبيع معه، ولهذا فخيار الولايات المتحدة هو فرض بعض معايير المحاسبة ضده وتخفيف الأزمة الإنسانية ومعالجة الانهيار الاجتماعي- الاقتصادي بالمنطقة. وهو موقف دقيق عليها المضي فيه بحذر، ولكنه ضروري لتخفيف معاناة السوريين.
=============================