الرئيسة \  مواقف  \  موقفنا : موسم مراجعة السياسات والسلوكات .. قد يكون من ينتقدني مخطئا ولكنه ليس بالضرورة آثما

موقفنا : موسم مراجعة السياسات والسلوكات .. قد يكون من ينتقدني مخطئا ولكنه ليس بالضرورة آثما

27.07.2014
زهير سالم




ثمة ما يسميه الإنسان حصاد العمر . وحصاد العمر قد يكون فرديا وقد يكون جماعيا ، قد يكون ماديا وقد يكون معنويا . ودائما على الشخصيات الفردية والاعتبارية أن تكون أكثر حرصا على سمعتها التاريخية وعلى مكانتها المجتمعية والتوقي من الانزلاق في مستنقعات التراشق بالاتهامات حيث تكون القاعدة ( اليد وما تطول ) .
إن واقع الثورة السورية وما آل إليه في الداخل والخارج . وواقع البنى والتنظيمات السياسية والتحالفات الوقتية والوظيفية كما يتابعه السوريون الذين يمتلكون حظهم من الرؤية الوطنية بحاجة إلى وقفات أكثر ريثا للمراجعة وإعادة التقويم . مع الاحتفاظ بقواعد الاحترام أو الاعتبار لكل الموافقين والمخالفين والمعترضين والمنتقدين لئلا يخسر السوريون بعضهم بعد أن خسروا وحدة موقفهم من المهم النازل بهم .
في العمل السياسي إذا كنت ستسقط كل من يخالفك ، أو يعترض عليك ، أو ينتقدك ، أو يتهمك فإن المقابل الموضوعي لهذا ادعاء العصمة واحتكار الحقيقة ومصادرة الصواب ، وخسارة الآخرين .
والمعارضة السورية اليوم في أمر ( مريج ) . وهي كذلك بفعل فاعلين ثلاثة الأول : أعداؤها ، والثاني من ظنتهم أو ما تزال تظنهم أصدقاءها . والثالث فعلها بنفسها في جميع الدوائر والوحدات والأشخاص . تقول العرب : يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه . فهل فعل المعارضون السياسيون بأنفسهم ما لم يقدر بشار الأسد وحسن نصر الله أن يفعله بهم ؟!
على سبيل المثال تشكل كلمة ( الكعكة ) التي زج بها أحد الأصدقاء منذ أيام ، فلتة ، كلمة مفتاحية تفسر لمن يريد أن يتفهم الكثير من الخلفيات المدمرة التي أثمرت لنا هذا الذي يصر بعضنا اليوم على إنكاره أو استنكاره أو يتساءل عنه بالقول : أنى هذا ؟!
أقرن هذه الكلمة المفتاحية الخطيرة بكلمة أخرى لا تقل عنها خطورة أوصى بها صديق آخر حيث كتب ناصحا ( قولوا لهم ما يريدون وافعلوا ما تريدون ) !!! لقد أثمرت هذه الخلفيات العقلية أو النفسية الكثير من الخطايا والرازيا شعر أصحابها بذلك أو لم يشعروا ، أرادوا ذلك أو لم يريدوه . لقد أثمرت هذه الخلفيات الذهنية والنفسية بالفعل هذا الفصام الذي يخيم اليوم على حياة السوريين ..
وثالثة ورابعة من الكلمات التي نتتبعها من أفواه أصدقاء والتي لم نكن نتصور يوما أن مثلها يمر على خيال وضيء .
آخر ما جاءنا من هذه الصدمات : قول صديق ثالث هذه هي اللعبة السياسية وهذه هي طبيعتها تحالفات وقتية وسريعة زائلة . لعل البعض يريد إقناعنا بحل نكاح المتعة حتى للمرأة المتزوجة شريطة أن يكون بإذن زوجها !! وحسب اطلاعي المحدود لم أجد أحدا من مراجع الشيعة قال به وإن كنت قد سمعت عنه من الغمغمات أو الهمهمات الشيء الكثير . العمل السياسي كر وفر كذا يقولون وتحت شعار الذي يحب الوطن والثورة والثوار يقف خلفنا يمكن أن يمرر وا الكثير ..
لا أريد أن أبدو منتقدا لطرف دون أطراف بل أريد أن أدعو لتفهم وجهات نظر الأطراف الأخرى . لا أستغرب أن ينتقدني البعض على خلفية شخصية ، وآخرون على خلفية إيديولوجية وفريق ثالث على خلفية مزاجية ؛ ولكن هذا لا يعني أن لا أحد ينتقدني لوجه الله ناصحا مخلصا وأن لا أحد ينتقدني لوجه الحقيقة أو الصواب أو خدمة للوطن أوغيرة على الثورة على حد سواء . وفرق بين أن أقول لمنتقدي أنت مخطئ أو متجاوز أو متحامل أو أن نقول له أنت آثم أو خائن .
قالوا : إن ابن أخت حسن نصر الله قتل على يد أبطالنا في القلمون . أنا لا أراها لطمة على وجه حسن نصر الله !! بل أراها لطمة على وجوهنا نحن الذين على مقاعد السيادة والريادة والمجد في كل بُنى المعارضة السورية . العرب تقول : ما عاتب الحرَّ الكريمَّ كنفسه ..
صبوا على نار الانفعال الدعيّ مياه الصدق . أبقوا على علاقاتكم مع الناس ليس على سبيل المداهنة والمصانعة والنفاق بل على سبيل الإبقاء على القليل من المتفق عليه كقنطرة لتكثيره أو البناء عليه ...
ولتكن الأيام الأخيرة من رمضان موسما حقيقيا ليس لقطع الخيوط بل لتمتينها . وتمتين الخيوط لا يكون بتخوين وتأثيم كل مخالف وناقد .بل بالمراجعة الصادقة لكل ما قلنا ولكل ما فعلنا ولكل ما توهمنا وتخيلنا مع دعاء صادق من قلب خاشع : اللهم اهدنا لأحسن الأقوال والأفعال والمواقف والسياسات والعلاقات والاستراتيجيات لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت . يا أصحاب دعوة المبادئ كونوا أو فياء لمبادئ دعوتكم فقط تصلحوا ما بينكم وبين أكثر الناس .
29 / رمضان 1435
27 / 7 / 2014
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
للاتصال بمدير المركز
00447792232827
zuhair@asharqalarabi.org.uk