الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عودة اللاجئين السوريين

عودة اللاجئين السوريين

16.10.2017
فايز سارة


الشرق الاوسط
الاحد 15/10/2017
يطرح الأردن ولبنان موضوع إعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وقد تكرر طرح الموضوع مؤخراً على لسان مسؤولين فيهما، وناقشتها اجتماعات وخطط طرحت في اجتماعات رسمية ولدى فعاليات سياسية واقتصادية، وتناولتها وسائل إعلام في البلدين، وبينت جميع الأطروحات الأسس التي تراها أسباباً لطرح الموضوع وبينها أسباب تتصل بأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية تحيط بالبلدين، وأخرى تخص تطورات الوضع السوري، وثالثة تتعلق بالموقف الدولي، وما صار إليه من تقصير وسوء في تعامله مع قضية اللاجئين السوريين، وخلصت غالب الأطروحات إلى ضرورة إعادة اللاجئين إلى بلدهم.
وتتقاطع الأطروحات الأردنية - اللبنانية في عودة اللاجئين مع طموحات أغلبية اللاجئين في العودة إلى سوريا، ليس بسبب سوء أوضاعهم ومعاشهم وظروف لجوئهم فقط، بل باعتبار أن عودتهم إلى بلدهم وممتلكاتهم، هو حق طبيعي من حقوقهم، خصوصاً أن لجوءهم إلى بلدان الجوار، إنما كان تحت ظروف سياسية - أمنية، دفعت بهم للهرب من عمليات الملاحقة والاعتقال والقتل، أو نتيجة عمليات التدمير الواسعة التي قام بها نظام الأسد وحلفاؤه من الإيرانيين وميليشياتهم وعمليات الطيران الروسي التي دعمت على مدار العامين الماضيين أعمال النظام وحلفائه ضد المناطق الخارجية عن سيطرة النظام.
وتقوم فكرة عودة اللاجئين من الجانبين الأردني واللبناني في عواملها المحلية على مشتركات؛ أبرزها ارتفاع عدد اللاجئين، حيث يزيد في كل منهما على مليون نسمة، يشكلون نحو خُمس السكان في كل منهما، مما يشكل ضغطاً على إمكانيات وقدرات وموارد البلدين الصغيرين ومحدودي الموارد، وكل منهما يعاني من أزمات في توفير احتياجات سكانه الأصليين، إضافة إلى مخاوف البلدين الأمنية من نشاط الجماعات الإرهابية المتطرفة ولا سيما "داعش" وجبهة النصرة - فرع القاعدة في سوريا، وقد روّجت أوساط سياسية وأجهزة أمنية في البلدين لوجود نشاط للجماعات الإرهابية المتطرفة في أوساط اللاجئين.
الأمر الثاني وجود سياسة رسمية، تميل إلى تسوية علاقاتها مع النظام في سوريا من أجل تنشيط دورها السياسي في الملف السوري حالياً، وفتح الحدود معه لمرور البضائع والأشخاص، ولضمان دور لها في المرحلة المقبلة ولا سيما في إعادة إعمار سوريا معززة بضغوطات جماعات سياسية واقتصادية وأجهزة أمنية، والمثال الأوضح موقف "حزب الله" اللبناني وحلفائه، وقد عزز هؤلاء قوتهم من خلال خلق وتطوير بنية اجتماعية مناهضة لوجود اللاجئين السوريين قوتها الرئيسية حاضنة "حزب الله" وحلفائه في لبنان.
والأمر الثالث في المشتركات الأردنية - اللبنانية لعودة اللاجئين القول بتحسن الأوضاع الأمنية في سوريا بعد تعزيز سيطرة نظام الأسد وحلفائه على المناطق المتاخمة للأراضي اللبنانية في القلمون الغربي ومناطق بلودان والزبداني، والوصول إلى اتفاقيات خفض التصعيد، التي يجري الاشتغال على تنفيذها في الجنوب السوري المجاور للأردن.
والأمر الرابع، يمثله تدهور الاهتمام الدولي بقضية اللاجئين خصوصاً في موضوع تقديم الدعم الإغاثي سواء من جانب المنظمات الدولية، التي تشكو من نقص تمويل مشاريعها، فيما تتراجع جهود الدول الداعمة في مساعدة اللاجئين تحت حجج وذرائع مختلفة.
وبغض النظر عن مصداقية بعض الأسباب، التي يسوقها الأردن ولبنان في طرح موضوع إعادة اللاجئين، فإن أغلبية اللاجئين السوريين في البلدين ترغب في العودة، لكن ما يمنعها، استمرار الأسباب التي كانت وراء خروجها من ديارها ووطنها من ملاحقة واعتقال وتدمير، بينما يدفعها للعودة وقوعها فريسة القهر الذي تعانيه في البلدين في مخيمات تعاني نقصاً شديداً في تلبية احتياجاتها، والعجز عن تأمين الحد الأدنى من ضرورات الحياة الإنسانية من سكن وطعام ودواء وتعليم وعمل، إضافة إلى الضغوطات السياسية والأمنية، التي تمارس ضدها للعودة من حيث جاءت أو المغادرة إلى حيث أمكن.
إن الأهم في موضوع عودة اللاجئين إلى بلدهم، لا يكمن في رغبة دول اللجوء السوري بما فيها الأردن ولبنان اللذان أجبرا على استقبال تلك الأعداد، ولا هو كامن في رغبة اللاجئين في العودة. إن المشكلة قائمة في موقف نظام الأسد الذي لا يصر على استمرار الحل العسكري - الأمني الذي أدى إلى خروج السوريين من بلدهم، وما زال يتسبب بمزيد من النازحين لولا أن دول الجوار، أغلقت أبوابها في وجه الهاربين إليها من القتل والاعتقال والدمار، ولعل الأهم في هذا الجانب، أن قضية عودة اللاجئين ليست مطروحة من جانب النظام خصوصا بعد كلمة رئيسه حول "المجتمع المتجانس" الذي خلفته الحرب في السنوات الماضية، وقد أضاف الكثير من رموز نظام الأسد تأكيدهم على اعتقال وقتل كل من يعود للبلد من اللاجئين.
ولا يحتاج إلى تأكيد قول، إنه في ظل موقف نظام الأسد من قضية اللاجئين وفي القضية السورية عموماً، لا يمكن معالجة القضية خصوصاً وسط الصمت والإهمال الدولي والإقليمي المحيط بقضية اللاجئين، والاقتصار في تناولها عندما تطرح على اعتبارها قضية إغاثة ومساعدات وتمويل ليس إلا، وكلها مجرد تفاصيل يجري نقاش فيها وحولها!