الرئيسة \  تقارير  \  تحالف الدبابات الغربية .. كيف ستتعامل القوات الروسية مع الواقع الجديد؟

تحالف الدبابات الغربية .. كيف ستتعامل القوات الروسية مع الواقع الجديد؟

01.02.2023
تي ار تي عربي

تحالف الدبابات الغربية .. كيف ستتعامل القوات الروسية مع الواقع الجديد؟
تي ار تي عربية
الثلاثاء 31/1/2023
تشهد المعارك في أوكرانيا تصعيداً لافتاً في الآونة الأخيرة، تمثل بتقدم القوات الروسية في العديد من الجبهات وفق ما تشير إليه العديد من المصادر، وهو الأمر الذي دفع الدول الغربية الداعمة لكييف إلى تجاوز ترددها تجاه تزويدها بأسلحة ثقيلة.
فقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الأربعاء الماضي عزم الولايات المتحدة تقديم كتيبة دبابات من نوع "أبرامز" وعددها 31 دبابة إلى أوكرانيا. في الوقت ذاته وقبل ساعات من الإعلان الأمريكي قال المستشار الألماني أولاف شولتز، إنّ بلاده سترسل 14 دبابة من نوع " ليوبارد-2 " ألمانية الصنع إلى أوكرانيا.
 وقد أكد المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبيستريت أن الهدف الأساسي هو إرسال كتيبتين من الدبابات الألمانية إلى أوكرانيا. في حين اعتبرت الحكومة الألمانية أن إرسال 14 دبابة حالياً ما هو إلا بداية لدعم لوجستي أكبر سيتحقق مستقبلاً.
في السياق ذاته، قال متحدث باسم الشركة المصنعة لدبابات ليوبارد الألمانية "راينميتال"، بأن الشركة مستعدة لتسليم 139 دبابة ليوبارد إلى أوكرانيا إن لزم الأمر. وأضاف أن الشركة بإمكانها تسليم 22 دبابة بين شهري أبريل/نيسان ومايو/أيار من هذه السنة. على أن تسلم 22 دبابة أخرى نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل.
كما سمحت الحكومة الألمانية ولأول مرة للدول التي تمتلك دبابات ليوبارد 2 كالنرويج وفنلندا وبولندا والتي كانت قد اشترتها من ألمانيا سابقاً، لتقديمها كمساعدة عسكرية إلى أوكرانيا.
من جانبها، أعلنت دول أخرى عن استعدادها لتقديم الدعم ذاته إلى أوكرانيا، منها هولندا وإسبانيا والتي أعلنت وزيرة دفاعها عن أن مدريد مستعدة لإرسال دبابات ليوبارد 2 إلى أوكرانيا. بالإضافة إلى الحكومة البريطانية التي أعلنت بأنها سترسل 14 من دباباتها القتالية تشالنجر 2 هي أيضاً. أما الحكومة الفرنسية فقد أبدت استعدادها لإرسال دبابات لوكلير.
يرى بعض الخبراء أن دخول الدعم بالأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا قد يكسر حالة الجمود لدى الجبهات الأوكرانية لإحداث نتائج ملموسة على الأرض في المستقبل المنظور، خصوصاً بعد ما شهدته ساحات القتال من جمود إثر انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون.
ووفقاً للبعض الآخر فإن أوكرانيا لديها الآن فرصة لإعادة أخذ زمام المبادرة على الأرض وتحقيق اختراقات عسكرية. وهذا ما أكده الباحث المتخصص في الدراسات العسكرية والأمنية، عمر أوزقيزليجيك، في حديثه مع TRT عربي. وأضاف "تهدف أوكرانيا إلى إضعاف القوات الروسية قدر الإمكان، وإلحاق الضرر بخطوط الإمداد الروسية، لذلك فإن أوكرانيا تخطط للهجوم في وقت لاحق، وتحديداً في فصل الربيع المقبل".
ويستكمل أوزقيزيلجيك أن أوكرانيا كانت مترددة في الهجوم على القوات الروسية من قبل بسبب امتلاك الجيش الأوكراني لمعدات عسكرية سوفيتية الصنع كالدبابات الروسية، ومن السهل أن يلحق الروس خسائر كبيرة بأوكرانيا بصواريخ مضادة لتلك الدبابات، ما سيؤدي إلى هزيمة حتمية لأوكرانيا.
ويستطرد أوزقيزيلجيك، في واقع الأمر إن فعالية الصواريخ الروسية المضادة للدبابات سوفيتية الصنع والتي تستخدم في سوريا معروفة جيداً، وبالتالي فالدبابات القادمة من الغرب ستكون مكسباً كبيراً لأوكرانيا وستقلل من تكلفة الهجوم. مؤكداً أن دبابات أبرامز الأمريكية بشكل خاص أكثر مقاومة للصواريخ الروسية المضادة للدبابات، وأيضاً الأسلحة المضادة المحمولة على الكتف، وخير شاهد على جدوى هذه الدبابات نجاح استخدامها في حرب العراق.
في الوقت ذاته، لا يُتوقع أن تحسم هذه الأسلحة المعارك كلياً داخل أوكرانيا، وهو ما أكده الباحث في شأن الصراعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، الدكتور إبراهيم فريحات لـTRT عربي قائلاً "هذا الدعم العسكري يمكن أن يُحدِث تأثيراً على الأرض، ولكنه من المستبعد أن تنقلب الموازين بشكل جوهري على مستوى الحرب، حيث من المتوقع أن يكون هناك رد روسي على مثل هذا التصعيد".
أما بالنسبة لخيارات روسيا أمام تحالف الدبابات، يقول فريحات إن ذلك سيؤدي إلى تصعيد حدة القتال بين الطرفين، ومن غير المستبعد أن تلجأ روسيا إلى استخدام أسلحة أكثر تطوراً للرد أو تكثيف هجماتها، ولكن في الوقت نفسه ما زال مستبعداً الحديث عن الخيار النووي على الأقل في الوقت الراهن.
ومن ناحية أخرى يرى الباحث أوزقيزيلجيك في حديثه مع TRT عربي، بأن روسيا قد لعبت بجميع الأوراق التي لديها، قاطعةً إمدادات الغاز إلى الدول الأوروبية بهدف إحداث مشكلة داخل المجتمعات هناك، ولكن نظراً لأن الشتاء لم يكن شديد البرودة في أوروبا هذا العام، فإن رهان روسيا الوحيد كان بلا جدوى. وأضاف أن الشيء الذي يمكن لروسيا فعله ضد شحنات الدبابات، هو الاستعداد ومحاولة ضرب تلك الشحنات بصواريخ بعيدة المدى بعد دخولها أوكرانيا. ومع ذلك، تبقى هناك علامة استفهام: وهي كيف ستضربها روسيا وهي التي لم تكن قادرة على ضرب أنظمة الأسلحة الرئيسية المقدمة لأوكرانيا منذ بداية الحرب؟
وتعتبر كتائب الدبابات الغربية أهم صفقة أسلحة قدمت إلى أوكرانيا حتى الآن، والأمر الأهم من ذلك أن هذه الصفقة ستليها صفقات من النوع نفسه ستقدم حسب تعهد المانحين على دفعات خلال الفترة القادمة. ومن خلال ماهية الصفقة يتبادر إلى الذهن أن المرحلة القادمة ستكون استراتيجية الحرب لدى الأوكرانيين هجومية، بعد أن ظلت لما يقرب من عام تعتمد على الدفاع والتصدي لجميع أنواع الهجوم الروسي.
وقد أصبحت الاستفهامات حول تعامل القوات الروسية مع الواقع الجديد قيد الترقب والتحليل لدى المراقبين، بعد تغيير طبيعة المعركة نتيجة صفقة كتائب الدبابات الغربية. ففي الوقت الذي كان العالم يتوقع فيه حسم المعركة منذ الأسابيع الأولى لصالح روسيا، خرجت أوكرانيا أقوى مما كان يتخيل، بالأخص مع المساندة والدعم الغربي اللامحدود، والذي من المتوقع أن يستمر حتى نهاية الحرب.