اخر تحديث
الخميس-18/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ صراع العقائد.. وضياع العلمانيين ، في أتونه .. أو على هوامشه
صراع العقائد.. وضياع العلمانيين ، في أتونه .. أو على هوامشه
15.10.2017
عبدالله عيسى السلامة
حين يكون الصراع ، داخل الوطن الواحد ، وطنياً ، تكون ساحاته مفتوحة لأبناء الوطن جميعاً ، على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم ، وقبائلهم ومساكنهم ، وعقائدهم وأعراقهم . وهذا النوع من الصراعات ، يشارك فيه الناس ، انطلاقاً من اقتناع به ، واضحٍ أو غامض ، لدى كل منهم ..! ومن النادر أن يتحول هذا الصراع إلى صراع دموي ؛ إذ لا مسوّغ لهذا ، مادام الجميع يؤمنون ، بوعي ، أن الوطن للجميع ، وأن أيّ خراب فيه ، سيكون على حساب الجميع .. ومادامت المشاركة السلمية فيه متاحة للجميع !
وحين يكون الصراع قبَلياً أو عِرقياً ، يشارك فيه أبناء القبائل، أو الأعراق، المتصارعة، بصرف النظرعن عقائدهم وتوجهاتهم السياسية، ومساكنهم وثقافاتهم ..يجَرّون إليه جَراً، أو يُدفَعون إليه دفعاً ، باقتناع منهم ، أو بغير اقتناع! وفي كثير من الأحيان ، يتحول هذا الصراع إلى صراع دامٍ، لأن الصراعات القبلية لا يضبطها ـ في العادة ـ ، الوعي الوطني والسياسي، كما يضبط الصراعات الوطنية ! (ويمكن وصف هذا النوع من الصراعات بأنه : فتنة!).
وحين يكون الصراع داخل الوطن دينياً ، فبحكم الاضطرار، أو الخوف ، أو الحميّة .. يشارك فيه ،غالباً ، أبناء كل دين ، كلّ يشارك مع أبناء ملّته أو دينه ، بصرف النظر كذلك ، عن التوجّهات السياسية ، والاختلافات القبلية والعرقية والثقافية .. وبصرف النظر عن اقتناع كل منهم بجدوى هذا الصراع ، أو أهمّيته ، أو ضرورة المشاركة فيه .. أو عدم اقتناعه بشيء من هذا كله..! وهنا أيضاً، يتحول الصراع ، في الغالب، إلى صراع دام! (ويمكن وصف هذا الطراز من الصراعات ، بلا تردّد ، بأنه : فتنه !)
أمّا حين يكون الصراع مذهبياً ، داخلَ الدين الواحد ، ويتحول المذهب فيه إلى عقيدة ، فإن الذين يؤجّجونه ، ويندفعون إلى إشعال ناره ، هم المتحمّسون له ، سواء أكانوا كلهم ، مدركين للفروق الجوهرية ، والثانوية، ـ الأصول والفروع ـ بين العقائد المتصارعة ، أم كان أكثرهم لا يَعرف شيئاً من هذه الفروق ، إنّما يندفع إلى الصراع بحماسة، وهياج عاطفي أعمى! (ويبدو أن هذا النوع من الفتن ، هو أشدّها وأقساها).
ويكون أكثر الناس حيرةً ، في هذا الصراع ـ المذهبي.. العقَدي ـ وخيبةً، وضياعاً ، أولئك الذين لا يؤمنون، أصلاً، بأيّ من العقائد المتصارعة، بل ربّما كان بعضهم ملحداً، لا يؤمن بربّ ، أو نبيّ ، أو دين .. ويكون مع ذلك ، محسوباً ـ بحكم الولادة والنشأة ـ على هذا المذهب أو هذه العقيدة ! ولمّا كانت الصراعات الدينية ، والصراعات المذهبية ـ التي تتحول المذاهب فيها إلى عقائد ـ تتحول ، في كثير من الأحيان ، إلى صراعات دمَويّة ، يقبِل عليها المتحمّسون عقَدياً بقوّة وإخلاص ، رغبة بدخول الجنّة، أو حرصاً على إرضاء الله عزّ وجلّ ، ويَحرصون على أن يَقتلوا ويقتَلوا.. لمّا كانت هذه الصراعات بهذا الشكل، فإن أتعس الناس فيها ، هم أولئك الذين يُدفعون إلى الموت فيها دفعاً ، دون أن يكون لدى أيّ منهم إيمان بها، أو بالعقائد المتصارعة فيها ، أو حتى بالإله الذين يَحرص المتصارعون على رضاه ..! فدنياهم هي حياتهم التي يحيَونها فحسب ، ولاشيء وراء ذلك عندهم ، فلماذا يموتون ؟ ومن الذي أعطى المتصارعين العقَديين المتحمّسين ، الحقَّ في أن يَزجّوا بهم ، في صراع لا يؤمنون به ، ولا بالغاية التي نشب ، من أجلها !؟ ( ولا بدّ من التذكير ، هنا ، بأن أصحاب العقائد الدينية ، كثيراً ما يتسعّرون في لهيب صراعات حامية دامية ، يفجّرها العلمانيون ، أصحاب الفلسفات الشمولية، داخل أوطانهم .. من شيوعيين ، واشتراكيين متحمّسين ، دون أن يكون لهؤلاء العقَديين الدينيين ، ناقة أو جمل ، في هذه الصراعات /الرفاقية!/ الدامية المدمّرة ، التي تحرق الأوطان كلها ، ولا يَسلم من لهيبها أحد ، كبيراً كان أم صغيراً ، مؤمناً بجدواها أم غير مؤمن ..! بل كثيراً ما كان المتدينون ، أكثرَ الناس تعاسة وشقاء ، في هذه الصراعات ؛ إذ يكونون في مقدّمة ضحاياها! هذا إذا لم تنشب هذه الصراعات ، ابتداء ، لسحقهم واستئصال شأفتهم )
وهنا يبدأ هؤلاء البؤساء (الضحايا) بالتفلسف، والتنظير للعقائد والمذاهب والديانات! ( ولا بدّ من التأكيد هنا ، على أن أبناء الوطن كلهم ، بائسون وضحايا ، في هذا النوع من الصراعات العبثية ..! على اختلاف درجات البؤس بينهم !) .. ويدخلون في تفصيلات دقيقة أحياناً ، يَضلّون في متاهاتها ، لأنهم لا يملكون المعلومات الكافية ، التي تؤهلهم للخوض فيها ، فيكشفون عن جَهالات عجيبة ! ( ولا نقصد الجميع بالطبع ، بل الكثيرين منهم ) ..! أو يقفون عند عموميات سطحية ، يرون من خلالها أن المذاهب المتصارعة كلها تنتمي إلى دين واحد، وأن المتصارعين فيها كلهم مجرمون ، يجرّون البلاد والعباد، إلى حروب عبثية مدمّرة ! فكلهم في الإثم سواء ، وليس بينهم مَن هو على حقّ ، بل هم جميعاً على باطل !
الحروب المذهبية ، التي قامت في أوروبّا ، في قرون خلت ، بين الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس ، لم توفّر أحداً من أتباع المذاهب ، ولم ينج من نيرانها أحد ، متديناً كان ، أم علمانياً ، أم بوهيمياً دَهرياً !
الحرب المذهبية ، التي نشبت في القرن العشرين المنصرم ، بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا ، حصدت الكثير من نفوس البشر الذين لا يؤمنون بها .. مع المؤمنين بها !
حرب البلقان ، التي نشبت ، في بعض أقاليم يوغوسلافيا الممزقة ، بين الصرب والكروات ، كانت حرباً مذهبية بين نصارى ، والتي نشبت بين الصرب والمسلمين ، كانت حرباً دينية بين المسلمين والنصارى . وقد شبّت الحربان في وقت واحد ، وتداخلتا تداخلاً كبيراً ، وحصدتا عشرات الألوف من الأنفس البشرية ، المقتنعة بالحرب وغير المقتنعة ، والتي لا تملك أن تشكّل اقتناعاً أو رأياً ، كالأطفال ، والسذّج من البشر!
الحرب الناشبة اليوم في العراق ، بين الفرس الذين يحملون الهوية العراقية ودولة فارس من جهة ، وبين العرب أبناء البلاد الأصليين من سنّة وشيعة، من جهة أخرى ، تبدو للمراقب البعيد ، حرباً طائفية سنّية شيعية ، بين أبناء العراق .. وتحتدم حولها السجالات الكلامية ، في وسائل الإعلام ، ويتفلسف المنظّرون ، حول ضرورة الاتّفاق بين أبناء الوطن الواحد ، دون أن يحاول أكثرهم التعمّقَ في المسألة ، ليراها على حقيقتها ، حرباً فارسية، ضدّ أبناء العراق ، سنّتهم وشيعتهم على حدّ سواء ، والمذهب الذي توظّفه دولة الفرس ، للتعمية على حقيقة غزوها للعراق ، يخدع الكثيرين من أبناء العراق ، ولاسيّما الشيعة العرب ، فينساق بعضهم بحسن نيّة ، وراء هذه الخدعة المقيتة ، ويوظّفون أنفسَهم أدواتٍ ، في صراع تديره دولة الفرس، للاستيلاء على بلادهم ، وجعلها ولاية فارسية ! ولو انتبهوا قليلاً ، لرأوا جيّداً مصير الشيعة العرب في إقليم الأحواز ، وما يعانونه من ظلم واضطهاد ، على أيدي الأجهزة الأمنية الإيرانية ، بل لرأوا مصير بعض إخوانهم العرب ، من شيعة العراق أنفسهم ، وما مورِسَ عليهم من عمليات قتل وتهجير، وتطهير عرقي فارسي ! وهنا يتداخل التوظيف بشكل معقّد على الساحة العراقية : دولة إيران الفارسية ، توظّف المذهب الشيعي، للهيمنة على العراق ، ومِن ورائه الهيمنة على المنطقة العربية بأسرها! وشيعة الفرس ، حملَة الهوية العراقية ، يوظّفون القومية الفارسية ، المدعومة من دولة إيران ، للهيمنة على العراق ، وتصفية العرب فيه ، بشكل تامّ ! وبعض قادة الميليشيات الشيعية المحسوبة على العرق العربي، يَقتلون بعصاباتهم أبناء جلدتهم ، سعياً وراء شعارات طائفية مسمومة ، زيّنتها لهم أوهام مَرضية ، مصنّعة في أقبية أجهزة الاستخبارات الفارسية ! ولو فكّروا بمذهب آل البيت ، الذي يدّعون الانتماء إليه ، لوجدوا الفرس أبعَدَ الناس عنه ! فلا آل البيت فرس ، ولا الأئمة الذين يتاجرون بالانتماء إلى مذهبهم ، يحملون الأحقاد الفارسية المزمنة على العرب ، والأطماع الإمبراطورية الفارسية ، في الهيمنة على الأمّة الإسلامية مابين المحيطين! ولو سأل أحد هؤلاء الشيعة ، العرب البسطاء ، نفسَه ، هذا السؤال البسيط الواضح ، لوجَد نفسَه في حيرة عميقة ، وارتباك شديد ! والسؤال هو : لحساب مَن أقتل أهلي وأقاربي ، مِن إخوة وأعمام وأخوال ، وأبناء عمّ وأبناء خال .. ثم أبناء عشيرتي وأبناء قبيلتي ، ثم جيراني وأصدقائي وزملائي ، ورفاق طفولتي وشبابي..!؟ لحساب مَن أقاتل هؤلاء ، فأقتلهم أو يقتلونني !؟ ومِن أجل ماذا !؟ مِن أجل جعفر الصادق والحسين ، وعليّ وفاطمة الزهراء !؟ أم مِن أجل كورش وساسان ، وأمجاد الأكاسرة القدماء المتوجين ، والأكاسرة الجدد المعمّمين ! فهل جرّب أحدهم أن يطرح على نفسه هذا السؤال ، وهو أهمّ واجب يقوم به المرء ، في مثل هذه الظروف المصيرية الخطيرة !؟
وتظلّ مأساة العلمانيين على ما هي عليه ! بعضهم يرى الحقائق وينبّه إليها، دون أن يَسمع صوتَه أحد ! وبعضهم يُساق سوقاً ، إلى مصير أسود ، يخسر فيه حياته وبلاده ، دون أن يستطيع أن يفعل أيّ شيء ، سوى الصراخ : ما هذا العبث !؟ ولماذا !؟ وإلى متى !؟ وإذا كان بعض العلمانيين ، قد أدركوا حقيقة الصراع ، وعلِموا يقيناً ، أنه غزو فارسي شرس للعراق ، تحت حراب الأمريكان وحلفائهم الصهاينة ، فإن هؤلاء العلمانيين ، لا يملكون إلاّ ترديد الصراخ ذاته ، متضمّناً الأسئلة ذاتها : ما هذا العبث !؟ ولماذا !؟ وإلى متى !؟