الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترمب وإيران واللعبة القديمة

ترمب وإيران واللعبة القديمة

06.08.2018
عادل عبد الله المطيري


العرب
الاحد 5/8/2018
عندما هددت الولايات المتحدة الأميركية بالخروج من الاتفاق النووي الإيراني المسمى بخطة العمل المشتركة الشاملة «Joint Comprehensive Plan of Action»، حاولت دول 5الاحد 5/8/20181، وهم الشركاء بالاتفاقية السعي لحل الخلاف الأميركي واقترحوا على ترمب وضع ملحق للاتفاقية يحظر التجارب الصاروخية الإيرانية، وكذلك يُشدد الرقابة على المشروع الإيراني النووي، إلا أن الرئيس ترمب كان دائماً ما يرفض الاتفاقية من الأساس.
كانت أمام الولايات المتحدة فرصة كبيرة لممارسة دبلوماسية حافة الهاوية مع إيران قبيل الانسحاب، وكانت الأخيرة ستوافق على زيادة القيود على تجاربها الصاروخية والسماح للمفتشين بالوصول إلى الأماكن العسكرية ولكنها لم تفعل، لأن الولايات المتحدة ممثلة بالرئيس ترمب لم تهدف إلى الوصول سريعاً للحلول مع الإيرانيين، بل كانت الاتفاقية النووية الإيرانية ومعها إيران والخليجيون مجرد ورقة ضغط على طاولة المفاوضات الأميركية الكورية التي على وشك أن تتم -بالفعل كانت قمة ترمب-كيم في 12 يونيو الماضي- وكان الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وتهديد إيران ما هو إلا عرض قوي قبيل اجتماع ترمب بالرئيس الكوري كيم، والذي اتفق فيه على نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية ووقف تجاربها الصاروخية، ولذلك تعتقد الولايات المتحدة الأميركية أنها لم تكن لتسمح لإيران بما تريد منعه على كوريا.
ربما نجح ترمب في مفاوضاته مع كوريا الشمالية، وكان لتصريحاته النارية المتبادلة مع الرئيس الكوري الشمالي كيم، عندما هدد الأخير بضربة نووية مفاجئة لأميركا، ليرد ترمب بتصريحه الشهير بأن كوريا الشمالية ستواجه النار والغضب التي لم يشهدها العالم من قبل!
من الأسباب الضاغطة التي ساعدت على إنجاح المفاوضات الأميركية الكورية، أن المنطقة الأهم في العالم والتي تعتبر مصنع العالم -وأقصد الصين وشبه الجزيرة الكورية والدول المطلّة على بحر اليابان وبحر الصين ودول جنوب شرق آسيا جميعهم- سيتأثرون من حرب مدمرة هناك، لذلك كان حلفاء كوريا الشمالية يضغطون عليها، وكذلك حلفاء أميركا لا يريدونها أن تذهب بعيداً إلى الحرب، فنجحت المفاوضات، بعكس الحال في منطقة الخليج حيث حلفاء أميركا يضغطون عليها من أجل لجم إيران ولو بالقوة، وحلفاء إيران كالروس والسوريين والمنظمات الإرهابية لا يكترثون بالحرب.
السياسيون الإيرانيون من أدهى رجال المفاوضات وأكثرهم صبراً، فلقد استغرق الاتفاق النووي الإيراني السابق 18 شهراً من المفاوضات، ولم يستعجلوا الاتفاق بالرغم من الحالة السياسية والاقتصادية المتردية في إيران، بينما نجد بالجهة المقابلة رجل الأعمال ترمب المنتشي بانتصاره الدبلوماسي على رئيس كوريا الشمالية الذي خضع كلياً لإرادة أميركا، ويبدو أن ترمب -وبكل سذاجة- يريد لعب نفس الخطة المكشوفة التي طبقها على كوريا الشمالية مع إيران، وهو التهديد بالحرب والمقاطعة الاقتصادية، ومن ثم يطلق دعوة مفاجئة للحوار لكي يتلقفها الخصم، ولكن الخصم هنا رد عليه بلسان أكثر من مسؤول، ومن أبرزهم قائد الحرس الثوري الذي قال: «لسنا كوريا الشمالية لنقبل عرضك، والإيرانيون يرفضون التهديد».
حتى السياسيين الأقل تشدداً في إيران، وإن لم يرفضوا قطعياً الجلوس مع أميركا، إلا أنهم رفضوا دعوة ترمب الأخيرة، ومنهم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الذي علق قائلاً: «على الأميركيين أن يثبتوا أن لقاءاتهم تنتهي باتفاقات وأنهم يلتزمون بنتائجها»، بينما اكتفت الخارجية الإيرانية بالقول: إن «للحوار شروطاً وأدبيات، وهو ما لم نلمسه في سلوك ترمب وإدارته».
يعتقد كثيرون أن للتصريحات الإيجابية التي أطلقها الرئيس ترمب علاقة بمفاوضات سرية تقودها سلطنة عُمان الحكيمة، للوصول إلى اتفاق نهائي حول المشاكل العالقة بين أميركا وإيران.
ختاماً، إيران تعلم أنها لن تتحمل مزيداً من العقوبات الاقتصادية، وتعلم الولايات المتحدة أن العالم لا يتحمل حرباً جديدة في منطقة الخليج، فهي بمثابة حرق خزان وقود العالم، ولذلك لا بد من جلوس الخصوم حول الطاولة من جديد.
ولكن يجب ألا يتوقع أن يخرج الساحر ترمب من قبعته نفس الحمامة البيضاء مرتين أمام نفس الجمهور كوريا الشمالية وإيران، ويتوقع نفس الانبهار والتأثير، لا بد من حيلة أخرى.;