الرئيسة \  تقارير  \  فورين بوليسي: لماذا الجيش الأميركي ليس جاهزا لحرب أهلية؟

فورين بوليسي: لماذا الجيش الأميركي ليس جاهزا لحرب أهلية؟

08.01.2022
الجزيرة


الجزيرة
الخميس 6/1/2022
لقد أصبح ما لا يمكن تصوره حقيقة واقعة في الولايات المتحدة؛ عصابات ماجنة تدنس مبنى الكابيتول الأميركي ودبابات تجوب شوارع واشنطن ومعارك دائرة بين المتظاهرين والمليشيات ومتمردين مسلحين يحاولون اختطاف حكام منتخبين، وشكّ في الانتقال السلمي للسلطة. إذا قرأت عن هذا في بلد آخر، فإنك تحسب أن حربا أهلية قد بدأت بالفعل.
هكذا استهل الروائي ستيفن ماركي من تورنتو مقاله في مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية، مشيرا إلى حقيقة أساسية وهي أن الولايات المتحدة قد تكون على شفا حرب من هذا القبيل حاليا، وأنه يجب على الأميركيين الآن أن يأخذوا هذا الافتراض على محمل الجد، ليس بوصفه تحذيرا سياسيا فحسب، ولكن بوصفه سيناريو عسكريا محتملا وكارثة مرتقبة أيضا.
وأشار الكاتب إلى أنه -في أعقاب انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب- طُلب من مجموعة من خبراء الأمن القومي تقييم فرص اندلاع حرب أهلية على مدى 10 إلى 15 سنة مقبلة، وأجمع الخبراء على أن نسبة ذلك تبلغ 35%. وسأل استطلاع أجرته جامعة جورجتاون عام 2019 الناخبين المسجلين عن مدى قرب البلاد من "حافة حرب أهلية"، وكان متوسط إجاباتهم على مقياس من صفر إلى 100 هو 67.23 أي ما يقرب من الثلثين.
ويرى ماركي أن هناك الكثير من الأسباب للثقة في هذا التقييم، وهو أن الولايات المتحدة -في شكلها الحالي- تمثل حالة نموذجية لبلد على شفا صراع أهلي؛ فقد طغت الحزبية المفرطة على النظام بالكامل بما يجعل كل قرار سياسي -في أحسن الأحوال- يمثل إرادة نصف البلاد فقط.
الدولة لا تمتلك وسيلة فعالة لمعالجة أو تهدئة أو حتى إبطاء العنف السياسي، وفي حين لا يزال هناك مجال للتفاوض، فينبغي لصانعي السياسة أن يوضحوا، على أقل تقدير، المستنقع البيروقراطي الذي يواجه حتما أي استخدام للقوة العسكرية على أرض الولايات المتحدة في المستقبل.
ويضيف الكاتب لقد اخترق "حراس القَسَم" (Oath Keepers) -وهي مليشيا من أكبر المليشيات المناهضة للحكومة- بشكل فعال قوات الشرطة والحزب الجمهوري. وفتح المسؤولون المنتخبون الأبواب أمام المخربين الذين يدنسون هيئاتهم التشريعية. وقد أصبح من الطبيعي الآن أن يدعو سياسيون إلى أعمال عنف ضد خصومهم السياسيين الآخرين، وأصبح الأمر مسألة وقت فقط لاستخدام السلاح.
وعلق الكاتب على هذه الأحداث بأن الأمر يحتاج إلى شرارة فقط ليندلع الحريق، وبالنسبة للإدارة الأميركية فإن اندلاع العنف السياسي على نطاق واسع داخل حدود البلاد من شأنه أن يصبح بالضرورة عملية عسكرية. والمليشيات الأميركية خطيرة بما يكفي حتى أن مكتب التحقيقات الفدرالي أو وزارة الأمن الداخلي لن يكونا كافيين للتعامل معها؛ وفي هذه الحالة، فإن الجيش الأميركي فقط هو القادر على التعامل مع القوات المتمردة.
وبناء على ذلك -بحسب الكاتب- ستكون هناك مشاكل قانونية وبيروقراطية، وهذه المشاكل -بدورها- ستأخذ طابعا عسكريا بسرعة، والجيش الأميركي غير مصمم ثقافيا أو مؤسسيا ليكون جبهة فاعلة محلية مناسبة.
وأشار الكاتب إلى أن خبرة الولايات المتحدة على مدى 60 سنة علمتها الدرس نفسه بشأن مكافحة التمرد؛ وهو أنك إذا خسرت، فإنك تخسر، وإذا فزت، فإنك تخسر أيضا. ولعقود من الزمان، عُرف عن الجيش الأميركي عدم فعاليته ضد حركات التمرد في البلدان الأجنبية، فلماذا سيكون أفضل داخليا؟
وخلص الكاتب إلى أن الدولة لا تمتلك وسيلة فعالة لمعالجة أو تهدئة أو حتى إبطاء العنف السياسي. وفي حين لا يزال هناك مجال للتفاوض، فينبغي لصانعي السياسة أن يوضحوا -على أقل تقدير- المستنقع البيروقراطي الذي يواجه حتما أي استخدام للقوة العسكرية على أرض الولايات المتحدة في المستقبل، وفي الوقت الراهن، إن أي محاولة من جانب الجيش للقيام بذلك لن تؤدي إلا إلى تفاقم التوترات الكامنة.
المصدر : فورين بوليسي