الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "وجوه وأماكن" ... أين الشعب السوري؟

"وجوه وأماكن" ... أين الشعب السوري؟

30.06.2015
بشار إبراهيم



الحياة
الاثنين 29/6/2015
سيقولون إنه في الموسم الرمضاني الخامس، بعد انطلاق موسم "الربيع العربي"، دخلت "ميتافورا" ميدان الدراما السورية، أو ميدان الدراما العربية من البوابة السورية، مُزمعة العمل على إنتاج "دراما مُعارضة"، فاستعانت بـ"شيخ المخرجين الدراميين السوريين" هيثم حقي، ونخبة من "نجوم" الدراما السورية، على رأسهم جمال سليمان ويارا صبري، ليكون "وجوه وأماكن" خطوة أولى على طريق يعدنا مدير "ميتافورا"، أنس أزرق، أنها ستستمر وتتجوّل، في الأعوام المقبلة، على عدد من بلدان "الربيع".
"وجوه وأماكن"، عمل درامي سبقته ورافقته حملة إعلامية ساهم فيها عدد من الفنانين السوريين المُعارضين، ما بين باريس واستانبول وغازي عنتاب والقاهرة. وهو يقدّم نفسه باعتباره نموذجاً للعمل الدرامي المأمول ممثلاً لـ"دراما المُعارضة"، لا سيما بعد خيبات المحاولات الدرامية التي جرت خلال السنوات الأربع الماضية. ولعل هذا ما دفع "فضاءات ميديا"، الى خوض غمار الإنتاج التلفزيوني، بعد إطلاقها صحيفة "العربي الجديد"، وتلفزيون "العربي"، لتكون "ميتافورا" ثالثة الأثافي، وإعلاناً عن ذراع إنتاجي درامي لا يُخفي انتسابه وانتماءه المالي والسياسي (اقرأهما: الرقابي).
صحيح أنّ مسلسل "وجوه وأماكن"، العودة الحميدة للمخرج هيثم حقي، أزهق خمس حلقات كاملة من ثلاثيته الأولى، التي جاءت بعنوان "وقت مستقطع"، في رصد إغواءات شابّة ثرية وجميلة، لرجل خمسيني ظاهر الاستعداد للسقوط في براثنها منذ اللحظة الأولى. وصحيح أن السيناريو جعل الخلفية التاريخية للأحداث تدور عبر نثارات إخبارية من "الثورة" في تونس، منذ "اشتعال البوعزيزي" وصولاً إلى "هروب بن علي". لكنّ الصحيح في الوقت نفسه أنّ كل شيء بدا هارباً من الزمان (المُفترض أنه كانون الأول (ديسمبر) 2010، وكانون الثاني (يناير) 2011) لنكون في رحلة ربيعية صائفة، وهارباً من المكان (المُفترض أنه دمشق) ففشلت غازي عينتاب، تماماً كما بدت مرجعيته الحكائية والبصرية مستمدة من تراث الدراما السورية المُنتجة في سورية ذاتها على مدى عقدين سابقين للعام 2010، من رومنطيقيات ودرامات عائلية سورية مألوفة، في أعمال شهيرة من هذا الطراز.
أن يكون "وجوه وأماكن"، على الأقل مما شاهدناه حتى الحلقة السابعة، مكتوباً بعد أربع سنوات من "آذار 2011 السوري"، وأن يأتي بهذه الصورة، حتى الآن على الأقل، فهذا يعني أن لا انقلاباً جوهرياً حصل في منطق التفكير الدرامي السوري، ليس على مستوى المضمون، ولا على مستوى الصورة والبناء والسرد، على رغم أن الممثل مازن الناطور لم يتردّد في الإعلان أن هذا "أوّل نتاج فني ثقافي في سورية منذ خمسين سنة لا يخضع لرقابة سياسية"! قبيل أن يصل إلى رجم كل ما أُنتج من دراما عربية، وبخاصة في سورية، من قبل، ويعتبرها "مرآة مشوهة كاذبة"، ويتبرأ من كثيرها، لأنها "لا تعكس لا آلام ولا طموحات ولا رغبات الشعب"!.
حسناً... لا مصادرة... ولكن هل من الممكن السؤال: أين "الشعب السوري" في "وجوه وأماكن"؟