الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مجلس عسكري لمصلحة مَن؟

مجلس عسكري لمصلحة مَن؟

15.02.2021
عبسي سميسم



العربي الجديد 
الاحد 14/2/2021 
عاد موضوع إنشاء مجلس عسكري من المعارضة السورية والنظام ليقود مرحلة انتقالية في سورية إلى الواجهة من جديد عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إذ طُرح مجدداً اسم مناف طلاس، ابن وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس، كقائد محتمل لهذا المجلس، من دون أن يصدر منه أي تصريح يؤكد أو ينفي هذا الموضوع، الذي تم طرحه مراراً منذ بدايات الثورة السورية، مع تبدّل الأسماء المقدمة لقيادة هذا المجلس. 
على الرغم من أن صدور قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2016، الذي حدد طريق الحل السياسي في سورية من خلال هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، هو بمثابة إلغاء لفكرة إنشاء مجلس عسكري يضم ضباطاً من المعارضة والنظام ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين، لكن طرح المجلس يعود في وقت سُد فيه أفق الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن، ووفق مرجعية جنيف، مع إعلان المبعوث الأممي غير بيدرسن فشله في تحقيق أي تقدّم في هذا المسار. هذا الطرح في هذه الظروف يخدم بالدرجة الأولى التوجّه الروسي الذي يسيطر على الجانب العسكري في سورية بشكل عام، والذي لا يزال يسعى لإيجاد حل، سواء من خلال الحسم العسكري وتمكين النظام من السيطرة بالقوة على معظم الأراضي السورية، أو من خلال المسارات التي ابتدعها، وخصوصاً مسار أستانة الذي يتمثل فيه العسكر بشكل رئيسي، والذي عمل من خلاله على تمكين النظام من فرض سيطرته على كل مناطق خفض التصعيد عدا جزء من المنطقة الرابعة "محافظة إدلب". كل ذلك بهدف تقوية موقف النظام التفاوضي وضمان الوصول إلى حل نهائي في سورية من خلال إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية للنظام التي يهيمن عليها الروس بشكل شبه كامل. 
بالتالي، فإن أي حل في سورية من خلال إنشاء مجلس عسكري كبديل لمرجعية جنيف، سيمكّن الروس من الهيمنة على قراراته، وفرض حل وفق رؤيتهم التي تقوم على إعادة تأهيل النظام نفسه، خصوصاً أن الدول الأخرى المتدخلة والفاعلة في الملف السوري وتحديداً الولايات المتحدة لن تكون لديها أدوات تحكّم كافية بأي مجلس عسكري يمكن أن يُشكل وفق الرؤية المطروحة. هذا الأمر يجعل من فكرة إنشاء هكذا مجلس مرفوضة من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، التي على الرغم من عدم ممارستها الضغط الكافي على النظام من أجل تحقيق تقدّم في مسار مفاوضات جنيف، إلا أنها لا تزال متمسكة بهذا المسار كخيار وحيد للحل في سورية. هذه العوامل تجعل من المستبعد إنشاء مجلس عسكري في الوقت الحالي، على الرغم من كل اللغط الذي يدور حوله وكل الترويج الإعلامي الذي يحاول إظهار مجلس كهذا كمخرج للسوريين.