الرئيسة \  مشاركات  \  لكلّ إنسان رجلاه ولحافُه .. بين الحقيقة والمجاز!

لكلّ إنسان رجلاه ولحافُه .. بين الحقيقة والمجاز!

02.11.2019
عبدالله عيسى السلامة




في المثل الدارج : مدّ رجليك ، على قدر لحافك ! والمثل،هنا، يتحدث عن أمور حقيقية واقعية، لا عن أحلام ؛ ففي الأحلام - والمقصود بها أحلام اليقظة - قد يحلم الإنسان ، بأمور كثيرة ، بعيدة عن الواقع .. وليس هذا هو المقصود ، هنا !
أمّا رجلا الإنسان الطبيعيتان ، فمعروفتان !
وأمّا اللحاف ، فمتنوّع الأشكال ، وأشكاله تتعدّد، بتعدّد الحالات ، وتعدّد الحالات مرهون ، بتعدّد الأرجل ، وتنوّعها !
والأرجل متنوّعة ، حقيقة ومجازاً ، ولكلّ رجلين لحافهما !
فللرجلين الطبيعيتين ، لحافهما الذي يغطّيهما ، وقد يكون اللحاف مصنوعاً ، من القطن ، أو الصوف ، أو سواهما ! فإذا كان المرء طويلاً ، لايغطّي اللحاف جسمه ، كلّه ، ينصحه مَن حوله ، بالقول : مدّ رجليك ، على قدر لحافك ! وهذا الكلام آتٍ ، على سبيل الحقيقة ، لا على سبيل المجاز!
أمّا الأرجل المجازية ، فكثيرة متنوّعة ، بتنوّع حالاتها ، كما أشرنا ! فمن الحالات ، على سبيل المثال :
المالية : قد يكون لدى إنسان ما ، دنانير قليلة ، تُعدّ بالمئات ، ويرغب بإنشاء شركة مالية ، تكلّف عشرات الألوف من الدنانير، فينصحه قريب أو صديق ، قائلاً -على سبيل المجاز- : مدّ رجليك ، على قدر لحافك !
الاجتماعية : ومن صوَرها ، أن يكون المرء بسيطاً ، لا يؤبه له ، ويرغب بمنافسة رجل ، ذي هيبة وسلطان ، على سيادة حيّ أو قرية ، أو على زعامة قبيلة ، فيقال له هذا الكلام ، على سبيل المجاز!
السياسية : من أمثلتها ، أن يكون المرء ، ذا طموح سياسي ، وله عشرات المؤيّدين ، من أقاربه وأصدقائه ، ويصرّ على أن ينافس ، في انتخابات نيابية أو بلدية ، زعيماً سياسياً مرموقاً ، له مئات الألوف ، من المؤيّدين والأنصار ، الذين يمنحونه أصواتهم في الانتخاب .. فيردّد بعض الناصحين ، على مسامعه ، المثل المعروف ، على سبيل المجاز!
العلمية : قد يكون المرء بسيطاً ، لا حظّ له من العلم ، ويطمع بأن ينال جائزة علمية ، في مجال معيّن ، أو أن يتصدّى لمنافسة أحد كبار العلماء ، في موضوع ما ، أو يصرّ على مناظرة عالم، متمكّن في علمه ، الذي لايتقن منه الجاهل شيئاً، فيقال له المثل المعروف ،على سبيل النصيحة.
الأدبية : قد يتصدّى بعض الجهلة ، لكتابة مادّة ، في فنّ أدبي ، كالشعر أو القصّة ، أو الرواية، أو النقد .. وهو يجهل القراءة والكتابة ، بشكل سليم ، كما يجهل أصول الفنّ ، الذي يصرّ على الكتابة فيه ، فيقال له المثل المعروف ، الآنف ذِكره ! 
الفكرية والثقافية : وينطبق على القضايا الفكرية والثقافية ، ما ينطبق على القضايا الأدبية ، إلاّ إن بعض مَن حصّلوا علماً ، في مجال معيّن ، قد يرون أن لديهم القدرة ، على الخوض في سائر المجالات ، فيقال لمَن يتصدّى للخوض ، فيما لايُحسن ، من أمور فكرية أو ثقافية : مدّ رجليك ، على قدر لحافك !
ورحمَ الله امرءاً ، عرف قدر نفسه .