الرئيسة \  واحة اللقاء  \  بشار يطلق رصاصة الرحمة على حزب البعث؟

بشار يطلق رصاصة الرحمة على حزب البعث؟

14.02.2016
داود البصري



الشرق القطرية
السبت 13/2/2016
لعل أكثر الأطراف التي وقع عليها اضطهاد وظلم الأنظمة السياسية العربية التي حكمت باسم الشرعية الحزبية في العالم العربي هو (حزب البعث العربي الاشتراكي) بفرعيه السوري والعراقي!، أقول هذا القول من واقع رصد التجربة السياسية والمسيرة التاريخية لذلك الحزب وقياداته التاريخية منذ أن تأسس عام 1947 وحتى اليوم، وحيث كان له دور كبير في أحداث المشرق العربي، وكان حاضرا في منعطفات تاريخية عديدة هزت الشرق العربي في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي قبل أن يتراجع ذلك الحزب القومي نحو نهايات انزواء وتراجع وانحسار مؤسفة تعبر عن الخلل الفكري والتنظيمي وحالة الشلل والتصلب الشراييني الذي أصابته وجعلته يخرج خاسرا من حلبة النزاع والتطور التاريخي في الشرق، لقد تهيأت لحزب البعث فرص تاريخية لم تتهيأ لبقية الأحزاب في العالم العربي، إذ تمكن من القفز على السلطة والتحكم في أهم بلدين من بلدان الشرق الأوسط وهما العراق وسوريا اللذان حكما للنهاية باسم حزب البعث والذي رغم كونه حزبا وحدويا على المستوى القومي بشعاراته وأهدافه وبرامجه لم يستطع التوحد داخليا بل ظل وجوده يشكل حالة انفصالية وانشقاقية مؤلمة في الواقع العربي؟ انتهت اليوم للأسف نهايات تراجيدية محزنة، فقد حملت الأنباء مؤخرا قيام الرئيس السوري والذي ورث قيادة حزب البعث السوري أيضا ضمن التركة الرئاسية والعائلية! بحل القيادة القومية والتي تشكل الذراع التبشيري للحزب على المستوى القومي!، رغم عدم فاعلية تلك القيادة التي كان وجودها مجرد ديكور لحزب حاكم ولكنه واقعيا لا يحكم شيئا حتى نفسه!، فقيادة البعث القومية السورية ظلت لسنوات طويلة في عهد حافظ أسد معزولة ولا يجتمع بها أحد وهي تضم بعثيين عراقيين ويمنيين وتوانسة وفلسطينيين، وليس لها وهج إعلامي كالذي كان متوافرا في قيادة البعث القومية العراقية!، لقد انتهى دور حزب البعث في السلطة منذ عام 1966 وتحديدا في الثالث والعشرين من فبراير من ذلك العام حينما أطاحت اللجنة العسكرية للحزب بالقيادة الشرعية لتؤسس نظامها العسكري/الحزبي الخاص الذي دخل منذ ذلك التاريخ في تصفيات دموية مروعة كان حزب البعث أولى ضحاياها المباشرين بعد أن أزيح عمليا من سدة السلطة وظل مجرد يافطة إعلامية لحكم عسكري انقلابي أدى في النهاية لسيطرة واحد من عصابة الانقلاب الفاشي وتحويل النظام لمزرعة عشائرية يلعب بها آل الأسد ويصولون، لقد قالها الشاعر الفلسطيني الشهيد كمال ناصر صراحة:
لم يبق للبعث عندي ما أغنيه ودعته وسأبقى العمر أبكيه!
مأساة حزب البعث، هي مأساة أمة وشعوب حاولت الخروج من شرنقة الاستبداد والتخلف، فوقعت في شرك استبداد مرعب وهيمنة دكتاتورية مثيرة للقرف، وبقيام بشار الأسد بإنهاء القيادة القومية والتي كانت مجرد تشكيل وطلاء خارجي وهمي فإنه يطلق رصاصة الرحمة على ما تبقى من حزب للبعث في سوريا وينهي وجوده المشلول أصلا على المستوى القومي، وينحاز بشكل واضح لخياراته الطائفية التي أوردت سوريا مورد الهلاك؟، فالمرحلة السورية القادمة وبعد التدخل الإيراني الواسع لم يعد فيها لذلك الحزب القومي أي دور ولا أي بريق، بل إن غالبية القاعدة البعثية الجماهيرية قد تشتت وتفرقت وانضم بعضهم لقوى الثورة، القيادة القومية للبعث أضحت حملا ثقيلا على نظام تعرى بالكامل وانسلخ من هويته القومية التي كان قد تشدق بها لأسباب مصلحية وانتفت لها الحاجة حاليا؟، وهو ما يؤكد حقيقة أن حزب البعث رغم وجوده العلني وشعاراته وقياداته لم يعد يحكم، ترى أين الرفيق عبد الله الأحمر نائب الأمين القطري؟ وأين بقية الرفاق في القيادة القطرية؟.. لقد تبخر كل شيء وعاد النظام لحاضنته الطائفية وأطلق رصاصة الرحمة على الحزب الذي ساد ثم باد وأضحى دمعة في التاريخ السوري الطويل!، ولا عزاء للبعثيين وهم يحصدون الريح بعد أن زرع النظام العاصفة وبعد أن ارتضوا تحويل ذلك الحزب القومي لضيعة عائلية تتوارثها العائلة الذهبية، في نهاية حزب البعث طوي صفحة لحقبة طويلة من التاريخ السوري والعربي المعاصر بكل آمالها وأحلامها وكوابيسها!