الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا على المشرق العربي أن يتعلم من الدرس الرواندي؟

ماذا على المشرق العربي أن يتعلم من الدرس الرواندي؟

16.04.2014
د. سليم نزال


القدس العربي
الثلاثاء 15/4/2014
في 7 نيسان/ايار توجه الروانديون لإيقاد الشعلة من اجل احياء ذكرى اقصر حرب ابادة فى التاريخ المعاصر. مليون قتيل قتلوا بالسكاكين الحادة والسواطير والاسلحة النارية جلهم من قبيلة التوتسي وربع مليون حالة اغتصاب فى مائة يوم فقط.
ماذا فعلت الدول الكبرى؟ اجلت مواطنيها من رواندا (وهو الامر الاهم عندهم!) وصدرت بيانات عامة لم تنقذ حياة انسان رواندي واحد. لم ينتظر الروانديون المجتمع الدولي ولا الدول الكبرى، ادركوا ان الدم يجر الدم وقرروا رغم بحار الدماء ودعوات الانتقام ان يفعلوا شيئا لوقفها والا ضاعت البلاد تماما. وانطلاقا من هذه الرؤية بدا الروانديون يخوضون واحدة من اصعب عمليات المصالحة ربما فى التاريخ الانساني كله. وقد شاهدت بعضها على التلفزيون بثت فى برامج وثائقية .
لم تكن العملية سهلة على الاطلاق. كنا نرى لقاءات بين قاتل من قبيلة الهوتو قتل والد فتاة يلتقي بها ويتحدث عن تجربته اثناء المجازر وهي تسمع منه كيف قتل والدها. شاهدنا مناظر وحوارات عاطفية مؤلمة جدا كانت قاسية جدا على الاشخاص الذين فقدوا عائلاتهم، وهم يواجهون القتلة فى حوارات صعبة للغاية من السهل معرفة صعوبتها ان وضع المرء نفسه مكان الضحايا. لكن رغم كل الالام القاسية كان على شعب رواندا ان يقرر، اما ان يبقى او ان تنتهي البلاد… اما ان يخوض تجربة المصالحة رغم قسوتها، او ان يظل غارقا في الدماء وينتهي المستقبل للجميع .
وانا اعتقد ان المشرق العربي (العراق وسوريا) هو الان في وضع مشابه. حرب قتل وانتقام واجواء كراهية وتحريض بلا افاق… وباقي بلاد المشرق ليس افضل حالا لناحية الانقسامات (فلسطين ولبنان). وان استمر هذا الوضع فبلادنا مقبلة على خراب مؤكد وكل هذا ربح صافي للصهاينة الذين لم يكونوا يحلموا بوضع افضل من هذا الوضع . ما اراه الان بصوره جلية ان استمرار الحرب الاهلية ستنهي البلدين معا. لن يبقى عراق ولن تبقى سوريا. معنى ذلك نهاية المشرق العربي وكل السيناريوهات المظلمة مفتوحة على المشرق باسره.
المطلوب الان تفكير جديد يتجاوز الافكار القديمة، من اجل التفكير جديا بمصير البلاد قبل الوصول الى نقطة اللا عودة التى بتنا قريبين جدا منها خاصة فى العراق هذا ان لم نصل اليها. ولذا فانا اشك ان هناك امكانية لانقاذ العراق الذي بات رجل المنطقة المريض. دولة شكلية مفككة من كافة النواحي ومن الصعب رؤية امكانية استعادتها الا بمعجزة فعلا وهذه مسؤولية الوطنيين العراقيين بالدرجة الاولى ان يحققوا هذه المعجزة والا ضاعت بلادهم .
والوضع فى سوريا يسير فى ذات المسار العراقي ومن واجب النخب الوطنية السورية ان تقف بكل مسؤولية وبشجاعة امام هذا الوضع ولا ينتظرون احدا والا ستواجه سوريا مصير العراق ان استمر الصراع. ان الحقيقة التي يجب ان تقال بصوت عال، ان المشرق الان اقرب الى وضع يوغوسلافيا ابان التفكيك. لم يعد هناك خيار اخر، اما تجاوز الجراح مهما كانت قسوتها وآلامها والشروع في مصالحة وطنية تضع سلامة الوطن اولا، او التفكيك.
لا خيار اخر! هذ هو درس مأساة الإبادة في رواندا!