الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا بعد إسقاط الطائرة؟

ماذا بعد إسقاط الطائرة؟

23.09.2018
يونس السيد


الخليج
السبت 22/9/2018
ليس من السهل معرفة طبيعة الرد الروسي، الذي احتفظت موسكو بحقها فيه؛ بعد إسقاط طائرتها، ومقتل 15 من عسكرييها، وهي في طريقها للهبوط في قاعدة "حميميم" قرب اللاذقية، وتحميلها "إسرائيل" المسؤولية الكاملة عن الحادث.
فالرد الروسي يتوقف، في جانب منه، على قناعة موسكو بالتوضيحات "الإسرائيلية"، التي حملها رئيس الأركان؛ بعد أن سارعت إلى اتهام "إسرائيل" بتعمد استخدام الطائرة الروسية غطاء لهجومها على ما تقول إنه محطة للغاز ومؤسسة تقنية ومركز البحوث العلمية، ودفع حركة الطائرة الروسية إلى مسار منظومة الدفاع الجوي، وإسقاطها بنيران الصواريخ السورية؛ لكن هذا الرد، في جانب آخر منه، يلحظ أهدافاً أبعد مدى للهجوم "الإسرائيلي"، ويأخذ دلالاته وتوقيته بعين الاعتبار، ناهيك عن أنه يمثل خرقاً "إسرائيلياً" للتفاهمات مع موسكو، التي تتيح لها حرية الحركة في ملاحقة وضرب أهداف إيرانية وحتى سورية بذريعة الدفاع عن أمنها. وبالتالي لا يمكن تجنب الحديث عن وقوع شرخ في العلاقة الروسية "الإسرائيلية" تعمقه دماء العسكريين الروس، وعدم ضمان إمكانية تلافي مواجهة بين الطائرات الروسية و"الإسرائيلية" مستقبلاً، رغم وجود الخط الساخن، الذي استخدم "إسرائيلياً" بشكل ماكر قبل دقيقة واحدة من إسقاط الطائرة.
يدرك الكرملين، بطبيعة الحال، الألاعيب "الإسرائيلية"، ويربط ذلك بدلالات الهجوم وتوقيته الذي جاء بعد يوم واحد من الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب، وتعطيل فرصة توجيه ضربة غربية للنظام السوري؛ بعد تهيئة السيناريوهات اللازمة لاتهامه باستخدام "الكيماوي"، إلى جانب تقوية دور حلفاء موسكو في طهران ودمشق على حساب الدور الأمريكي الغربي في تسوية النزاع السوري؛ لكن الأخطر من ذلك كله، هو أن "إسرائيل" أصبحت أكثر جرأة في شن هجماتها ضمن مناطق عمليات القوات الروسية في الشمال السوري، وهو ما فهمه الكرملين جيداً، ودفعه للإعلان أن الغارات "الإسرائيلية" تعد انتهاكاً للسيادة السورية، بعد أن بات واضحاً أن المسألة تتعدى الأهداف المعلنة، إلى محاولة "إسرائيل" الإثبات بأنها غير معنية بالاتفاق الروسي التركي وأنها قادرة على الحركة في المنطقة العازلة التي حددها الاتفاق، ما يعني إعادة خلط الأوراق بما يؤدي إلى نسف الاتفاق نفسه.
إعادة خلط الأوراق هذه تحتم على روسيا الرد بقوة على "إسرائيل"، بحسب الخبراء، أياً كانت محاولات "إسرائيل" لتبرئة نفسها من إسقاط الطائرة، ودون أن يعني ذلك مواجهة روسية "إسرائيلية"، وإنما قد يتخذ أشكالاً أخرى من بينها مراجعة قواعد اللعبة برمتها بما في ذلك التفاهمات مع "إسرائيل"، وتسليم أنظمة صاروخية متطورة إلى النظام السوري.