الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ثورة في بغداد ورعب في دمشق

ثورة في بغداد ورعب في دمشق

24.11.2019
مشعل العدوي



جيرون
السبت 23/1/1/2019
من الطبيعي جدًا أن يكون للنظام السوري الرسمي رأيٌ في ما يجري في كل من بيروت وبغداد، على اعتبار أنهما جارتان ملاصقتان للدولة السورية، بل إن سورية تتوسط كلًا من لبنان والعراق، وترتبط بكلا البلدين بعلاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية.
لكن المفاجئ وغير العادي هو عدم صدور أي موقف رسمي عن النظام السوري، ولو ببيان على شكل أمنية أو مجاملة، بأن يسود الاستقرار والأمان في كلا البلدين، علمًا أن النظام السوري ليس في حاجة إلى إعلان موقفه، كون العراق ولبنان يقعان تحت العباءة التي يتدثر النظام السوري بها ذاتها، فالدول الثلاث تقع تحت العباءة الإيرانية، وتُدار من طرف الحرس الثوري الإيراني، ولكن، مع غياب الموقف الرسمي، ليس صعبًا على المتابع العثور على الموقف غير الرسمي للسلطة السورية، من خلال ما ينشره بعض أزلام النظام كل يوم على صفحاتهم، ومنها ما نشره السفير السوري السابق في الأردن على صفحته، من دون إشارة مباشرة إلى الحدثين العراقي واللبناني، فكتب:
تجمَّعَ عشراتُ آلاف الشباب عام 1989 في ساحة (تيان آن مين) في الصين، يطالبون بـ (إسقاط النظام)، فذَهَبَ المسؤولون إلى رائد الإصلاح في الصين (دنغ هسياو  بنغ) الذي كان متقاعِدًا وقالوا له: (بماذا تنصحنا يامُعَلمِّ؟)، فقال  للمسؤولين: (عليكم بالدبابات)، واستقرَّت الصين حتى اليوم بعد تنفيذ تلك النصيحة، وكانت الصين سائرةً بقوّة في طريق الإصلاح، وكان المطلوب أميركيًا إسقاط النظام السياسي في الصين، وقَطْع الطريق على الإصلاح الاقتصادي، وصولًا إلى تقسيم الصين، ولكن عملية (تيان آن مين) كانت هي المفصل الذي حافظ على الصين، وأوصلها إلى ما وصلت إليه الآن، وشقَّ لها الطريق لكي تصبح الدولة الأولى في العالم قريبًا”. (انتهى الاقتباس).
كلام واضح لسفير سورية السابق في الأردن، وهو دعوة للإبادة على الطريقتين السورية والصينية، دعوة لاستخدام الدبابات في وجه الشعب وسحق المتظاهرين، تحت عنوان محاربة أميركا وعدم تفتيت البلد!
ربما فات السفير أنه لا وجه للمقارنة بين ما حصل في الصين من جهة، وما حصل في المحور الإيراني من جهة أخرى، ففي الصين كان هناك مشروع اقتصادي تسعى إليه الدولة، وقد ركبت قطار العولمة الأميركي حينها قبل أن تقفز إلى قمرة القبطان وتقود هي القطار، لتصبح الصين خلال سنوات قليلة رقمًا اقتصاديًا صعبًا على مستوى العالم، لكن ماذا عن إيران والعراق ولبنان وسورية؟ ما هو مشروع إيران في المنطقة سوى إخضاعها لولاية الفقيه وانتظار خروج المهدي؟ ما هو مشروع العراق غير الحشود الطائفية وسرقة ثروات البلد من طرف زعماء الميليشيات، والعودة بالعراق عشرات السنين إلى الخلف، وواقع العراق المرئي يشهد بذلك منذ عام 2005 حتى اليوم؟ ما هو مشروع الدولة اللبنانية غير المحاصصة الطائفية وتقاسم الصفقات وتحويل لبنان إلى غنيمة تتنازعها أطراف الحكم؟ ماذا قدمت الدولة اللبنانية منذ عام 1990 حتى اليوم؟!
وما هو مشروع الدولة السورية، مقارنة بالصين؟! ماذا فعل النظام السوري منذ عام 2000 حتى 2011 غير تسليم اقتصاد سورية إلى رامي مخلوف وأمثاله؟ ولن نتحدث عن إنجازات الدولة السورية منذ عام 1963 أو منذ عام 1970. ولكيلا نذهب بعيدًا بمقارنة مضحكة مبكية، نسأل السفير السوري السابق، هل الدبابات هي من بنى البلاد؟ وهل حروب الإبادة هي مقدمات ضرورية للنهوض الاقتصادي؟
لا شك في أن نظام دمشق يشعر بالرعب من الثورتين العراقية واللبنانية، فالهيكل الذي بنته إيران في المنطقة هو هيكل هش مبني على رمال متحركة، وسقوط جزء من الهيكل يعني سقوط الهيكل كاملًا لتبتلعه الرمال، وهذا ما سيكون.