الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حرب الطائرات الورقية

حرب الطائرات الورقية

05.07.2018
يونس السيد


الخليج
الاربعاء 4/7/2018
هل كان على "إسرائيل" أن تستبدل طائرات "إف - 35" الحربية، وهي الأحدث بين مثيلاتها في العالم، بطائرات ورقية لمواجهة أطفال غزة، حيث دعا المستوطنون إلى الاحتشاد يوم الجمعة المقبل في مستوطنات "غلاف غزة" لإطلاق ألف طائرة ورقية على القطاع، للتذكير بجنودهم الأسرى بعد أن سئموا من مماطلة حكومتهم في عقد "صفقة تبادل" لإطلاق سراحهم.
وهل كان على "إسرائيل" إرجاء الإعلان عن تخريج أول كتيبة دبابات "نسائية" لإثبات قوة الاحتلال في مواجهة الدبكات والأغاني الفلسطينية على طول الحدود مع القطاع. من العبث الدخول في مقارنات من هذا النوع، وهي كثيرة، على أية حال، لا من حيث الكلفة ولا النوع ولا الفعالية، لكن الإبداعات الفلسطينية لا تتوقف في مواجهة العنجهية "الإسرائيلية"، ولقد أثبتت طائرات أطفال غزة البدائية وبالوناتهم الحارقة فعالية أكبر من ال "إف -35" ودبابات "الميركافاة" في تحقيق الأهداف التي استخدمت من أجلها، تماماً كما فعلت الحجارة خلال الانتفاضات الفلسطينية السابقة.
ليست المرة الأولى التي يخوض فيها الفلسطينيون "حرب حرائق" مع "إسرائيل"، فقد واكبت مثل هذه الحرب مراحل كثيرة في الانتفاضات الشعبية السابقة، لكن ما يميزها، هذه المرة، أنها تأتي في سياق الرد على الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال منذ انطلاق المسيرات، وهي تأتي في ظل تحشيد واستنفار كامل لجيش الاحتلال ومستوطنيه لقمع هذه المسيرات.
صحيح أن طائرات ودبابات الاحتلال وقناصيه، تستطيع أن تغتال فلسطينياً هنا أو هناك، أو تقنص طفلاً يلعب مع أقرانه، على حين غرة، كما حدث مراراً وتكراراً على سبيل الانتقام، ولكنها لم تمنع اندلاع عشرات بل مئات الحرائق في المستوطنات والأراضي الزراعية المحاذية للقطاع، وإلحاق خسائر بها تقدر بعشرات ملايين الدولارات، رغم استخدام منظومة ليزرية كاملة في محاولة لإحراقها في الجو. ففي يوم الجمعة الماضي وحده، التهمت البالونات الحارقة الفلسطينية عشرات الدونمات التابعة لأكثر من عشر مستوطنات في محيط غزة، واضطرت قوات الاحتلال لإجلاء 150 سائحاً من إحدى المحميات الطبيعية في منطقة الغلاف، بعد اندلاع الحرائق فيها.
في سياق هذه الحرب، دعت عائلة الضابط "الإسرائيلي" الأسير، هدار غولدين، إلى حملة لدعم المستوطنين وللتذكير بجنودهم الأسرى، تتضمن إطلاق 1000 طائرة ورقية على القطاع و نشر بوستات ومنشورات في تطبيقات ومواقع على الإنترنت، فيما ذهب عضو "الكنيست" ورئيس جهاز "الشاباك" السابق آفي ديختر إلى التحذير من أن الطائرات الورقية والبالونات الحارقة يمكن أن تقود إلى تجدد صراع مفتوح، مهدداً بالعودة إلى حرب الاغتيالات.
إنها السياسة القديمة المتجددة، فاليمين المتطرف يقرع طبول الحرب، والاحتلال يصعّد عسكرياً بين الحين والآخر، لكن فصائل المقاومة بدورها بدأت تفرض إيقاعاً جديداً ربما يصل إلى نوع من "توازن الردع"، ويبدو أن ما من سبيل لوقف هذه الحرب في المدى المنظور.