الرئيسة \  واحة اللقاء  \  حجة القضاء على "داعش" لدعم الأسد

حجة القضاء على "داعش" لدعم الأسد

02.09.2014
عبدالهادي الخلاقي



الشرق القطرية
الاثنين 1-9-2014
عندما تهيأت الفرصة للعراقيين باستعادة دولتهم من قبضة الاحتلال الإيراني المتمثل بحكومات العراق الطائفية، هب العراقيون في المحافظات "السنية" التي عانت من اضطهاد وقتل وتمييز طائفي على أيدي نظام المالكي ومن سبقه منذ سنة 2003، أُعدمت فيها مقومات الحياة ورُملت النساء واغتصبن واعُتقل الرجال وقُتلوا وعُذب الأطفال ويُتموا واُحرقت المنازل ودُمرت، وصبروا على هذا الإجرام والتعذيب على أمل أن تعود حكومة المالكي إلى رُشدها وتنهض بالعراق وتنصف شعبه ولكن أصحاب القرار فضلوا إلا أن يُدمر العراق وتُنهب ثرواتهُ ويُقتل أبناؤه وتُرمل نساؤه ولكن "للصبر حدود".
عندما توسع نطاق عمليات الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" لم يكن من أجل انتفاضة ضد حكم المالكي الطائفي ولا ضد نظام بشار الأسد، مع إن الثوار العراقيين استبشروا خيراً بأن وجدوا من يدعم انتفاضتهم وإخراجهم من جحيم عاشوا فيه منذ أكثر من أحد عشر عاماً عجاف، بعد أن سُلمت العراق للنظام الإيراني الذي عاث في أهل الرافدين من السنة قتلًا وتهجيراً، وتدمير مدنهم واغتصاب نسائهم، ولكن الواقع الذي سرعان ما صُدموا به من مكر تنظيم "داعش" وحقيقته بموالاته لنظام ملالي إيران والنظام السوري أضحت واضحة وليس فيها مجال للشك، ولو روج البعض خلاف ذلك، الذي كانوا متوقعين أن تزحف قوات "داعش" باتجاه بغداد لتحريرها ولكن تغييرهم لمحور القتال وتوجههم لمقاتلة الأكراد دليل على أن هذا التنظيم ما وجد إلا لتشويه صورة الإسلام وذريعة لدخول القوات الأمريكية إلى العراق مرة أخرى لحماية مصالحها وتثبيت حكم موال لإيران وتسهيل مهمة مساعدة النظام السوري للقضاء على الثورة السورية.
الآن أصبح لدى الإدارة الأمريكية والغرب ذريعة للتدخل العسكري في الأراضي السورية لدعم نظام بشار الأسد بحجة القضاء على تنظيم "داعش"، هذا التحالف كانت بوادره ومقدماته هو خلق تنظيم إسلامي يحمل الفكر التكفيري بهيئة "سنية" يقتل ويبطش ويروج له بأنه تنظيم إرهابي يتوسع في المنطقة وينذر بالخطر وعلى الدول الغربية أن تتدخل لمقاتلته ووقف توسعه، تصريحات ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا التي أكد من خلالها أن بلاده على استعداد للتحالف مع إيران من أجل صد خطر "داعش" الإرهابي، صحيفة ذي جارديان نقلت عن كاميرون إنه مستعد لتجاوز الخلافات بين بريطانيا وإيران من أجل التعاون معاً في الجهد الدولي الرامي لمكافحة خطر "داعش" في العراق والشام.
مستشار الأمن القومي الأعلى للرئيس الأمريكي صرح بأن الولايات المتحدة سوف تفعل ما هو ضروري بالتعاون مع النظام السوري للتدخل في سوريا لحماية المصالح الأمريكية. وضرب أماكن تواجد عناصر "داعش"، وهذا يعطي الأمريكان ذريعة للتدخل في سوريا وضرب مواقع تمركز الثوار السوريين، حيث إن الهدف ليس "داعش" وإنما "داعش" مجرد مطية ووسيلة للقضاء على الثوار السوريين.
دخول القوات الأمريكية في الأراضي السوري بالتنسيق مع نظام الأسد والتعاون معه دليل على أن النظام الأمريكي لا يعترف إلا بنظام بشار الأسد على الأراضي السورية وهذا يدحض تصريحات أوباما التي قالها سابقاً: "لا يمكن للأسد أن يستعيد الشرعية بعد قتل الآلاف من شعبه" فكيف لأوباما اليوم أن يجعل قواته تنسق مع نظام هو لا يراه شرعياً؟! وبعد أن كانت إدارة الرئيس أوباما قد طالبت بشار مراراً وتكراراً بالتنحي واتهمته بتنفيذ جرائم حرب في حق الشعب السوري اليوم تضع يدها بيد نظامه لمحاربة كيان هم من أوجده.
كل هذا يؤكد لنا أن ما يحدث في العراق والشام إنما هو مخطط أمريكي غربي بنكهة إسرائيلية تدرجت مراحله لكي يتم القضاء على الثورة السورية والقضاء على الثوار العراقيين بحجة محاربة "داعش"، والأهم من ذلك إجبار الدول العربية على تجريم الجهاد الإسلامي بكافة صوره واستنزاف وتدمير البنى التحتية للدول العربية لتظل سجينة الحكومات الدكتاتورية لعقود قادمة، وأهم المكاسب بقاء المصالح الأمريكية قائمة ويستمر نهب ثروات العراق والأهم من ذلك كل هو تأمين الحدود الإسرائيلية وبقاء الكيان الصهيوني آمناً مستقراً في فلسطين.