الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هنا موسكو

هنا موسكو

30.08.2015
سميح صعب



النهار
السبت 29/8/2015
فرضت روسيا نفسها ممراً الزامياً لحل الازمة السورية. ويظهر ذلك في حركة الاتصالات التي تقودها موسكو سواء مع وفود المعارضة السورية على اختلاف مشاربها الى اللقاءات المنتظمة مع المسؤولين الاميركيين والعرب ولا سيما منهم الخليجيين الذين كانوا يرفضون عند نشوب الازمة السورية مجرد الحديث عن أي دور روسي في الحل.
لا شك في أن أميركا ودول الخليج وتركيا كانت تعتقد انه لا حاجة الى دور روسي لتجاوز الازمة في سوريا لأن هؤلاء الاطراف اعتقدوا ان في الامكان حسم الامور لمصلحتها وان روسيا في طريقها للخروج نهائياً من سوريا والشرق الاوسط بمجرد ان يسقط نظام الرئيس بشار الاسد. لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أظهر عزماً لا يلين على الوقوف الى جانب دمشق سواء في مجلس الامن باستخدام الفيتو لمنع تكرار التجربة الليبية أو بالدعم العسكري للجيش السوري.
ومع مرور السنوات على الازمة السورية وبروز التنظيمات الجهادية وضمور المعارضة السورية التي رعاها الخليج واميركا، بدأ التبدل في مواقف الاطراف وخصوصاً بعدما صار خطر "داعش" على الابواب، وسقطت مقولة ان الجهاديين هم من اختراع النظام السوري نفسه كي يبرر استخدامه القوة لقمع المعارضة، بعدما تبين ان المشروع الجهادي تخطى سوريا الى العراق ومصر وليبيا وتونس واليمن ونيجيريا وان دولا اوروبية تعجز عن منعه من شن هجمات ارهابية على اراضيها.
هذا الصعود الجهادي لم يكن في امكان الولايات المتحدة ان تواجهه من غير ان تدخل تعديلاً على جوهر سياستها المتعلقة بسوريا والعراق. كما ان دولا في المنطقة مثل مصر عبد الفتاح السيسي وجدت ان استجابة موسكو لمساعدتها في الحرب على الارهاب اسرع بكثير من استجابة الولايات المتحدة ودول اوروربية لا تزال تبدي تحفظا عن اطاحة حكم محمد مرسي.
وليست أميركا وحدها من غيّر اقتناعاته، بل ان السعودية هي أيضا رأت ان تقاربها مع موسكو ضروري لمواجهة التحديات في المنطقة فضلاً عن رغبتها في عدم ترك ايران تستأثر وحدها بعلاقات وطيدة مع الكرملين، وكذلك حال سائر دول مجلس التعاون الخليجي.
وبذلك أضحت روسيا بوابة لاعادة ترتيب الاولويات في المنطقة والتخلي عن الكثير من الاقتناعات التي برزت في السنوات الاربع الاخيرة والتي لم تسفر سوى عن بروز المشروع الجهادي. ولهذا تشكل روسيا اليوم تقاطعاً لكل الدول الراغبة في مواجهة هذا الخطر . ومن هنا التسليم الاميركي وتالياً الخليجي بالدور الروسي المتعاظم لايجاد حل للازمة السورية.