الرئيسة \  واحة اللقاء  \  على أبواب آستانة

على أبواب آستانة

04.08.2019
د. رياض نعسان أغا


الاتحاد
السبت 3/8/2019
المفاوضات التي بدأت في جنيف، حول الحل السياسي في سوريا، تمكن الروس من نقلها إلى آستانة، كانت خطة ذكية لسحب لافتة الأمم المتحدة وخلق مسار جديد، كنا في هيئة التفاوض ندرك خطر هذا الانتقال، لكن المفاوضات في جنيف كانت معطلة (عملياً)، لكون الأزمة تم اختصارها في مكافحة الإرهاب فقط، كان التخلي الأميركي قد أضعف موقف المعارضة دولياً، وكانت هيئة التفاوض في الجلسة التي سيتخذ فيها قرار الذهاب إلى جنيف 3 تتجه إلى الرفض، وتصر على تنفيذ مرحلة ما قبل التفاوض كما نص القرار الدولي، لكن جون كيري وجه للهيئة رسالة ضمان بتنفيذ مطالبها، ووعد بالعمل السريع لوقف إطلاق النار، مؤكداً دعم الولايات المتحدة للقضية الأساسية وهي (الانتقال السياسي)، وكان الموقف العربي (في السعودية والإمارات) داعماً بقوة للوصول إلى تنفيذ القرار 2254 حسب فهمنا له.
المهم، أننا وجدنا أنفسنا في جنيف نعود للحديث عن وقف إطلاق النار، وعن فك الحصار، وعن إدخال المساعدات، وعن ما يمكن تسميته (الملف الإنساني)، وكان ضاغطاً بقوة، لا سيما حين صار الجوع في ريف دمشق، (وبخاصة مضايا وداريا والمعضمية)، سلاحاً قاتلاً، فضلاً عن القصف اليومي الذي كان يشتد ويتصاعد مع بدء كل جولة مفاوضات، ولا سيما في حلب، ليحول محاور الجولة من التفاوض حول الانتقال السياسي إلى مطالبات بوقف القصف.
كانت روسيا قد عرضت أن ينتقل ملف وقف إطلاق النار إلى أستانا، وأن يكون عسكرياً محضاً، وأن يتم التفرغ في جنيف للبدء في قضايا الحل النهائي، وبخاصة (الانتقال السياسي) وقد أعلنا حذرنا من نقل أية مفاوضات إلى خارج جنيف، لكن تم جذب الأمم المتحدة إلى آستانة، وحرصنا في الجولة الأولى أن يكون في الوفد عسكريون وخبراء يمثلون الهيئة.
وقد أعلن ممثلو الهيئة، رفضهم أي حديث حول القضايا الخاصة بجنيف، حيث كان مفاجئاً، أن يتحدث الروس عن الدستور، والانتخابات، فانسحبت الهيئة، وبقي ممثلون عسكريون من خارج الهيئة، وكانت روسيا تصعد القصف وكان النظام يصعد الحصار، وبتنا نسمع عن آليات خفض التصعيد بدل وقف إطلاق النار، وتم إهمال الفريق السياسي وتعطيل مسار جنيف لصالح آستانة ثم سوتشي، وانفردت روسيا بالحل. ورغم مرور أكثر من أربعة أعوام على صدور القرار 2254، لم يتحقق منه أي بند بسبب إهمال مجلس الأمن لقراراته، وللتخلي الأميركي العملي، ولإصرار روسيا على الحل العسكري، ورغم أن روسيا تمكنت من حل هيئة التفاوض السابقة وأدخلت منصة موسكو في الهيئة الجديدة، إلا أنها لم تقدم خطوة جادة نحو الحل السياسي، بل إنها لم تفرج عن معتقل واحد، وجل ما فعلته أنها فرضت على الشعب المحاصر مصالحات صورية، وكان مؤلماً ما حدث في الجنوب السوري حين لم يتم تنفيذ وعود روسيا، وتم تسليم المنطقة للنظام، وهذا ما جعل خطتها المشابهة نحو إدلب تفشل، وأمام الجولة الثالثة عشرة من جولات آستانة، بتنا نحذر من فخ جديد.