الرئيسة \  واحة اللقاء  \  شرق الفرات: الحرب مستمرة رغم الاتفاقيات

شرق الفرات: الحرب مستمرة رغم الاتفاقيات

04.11.2019
منهل باريش


القدس العربي
الاحد 3/11/2019
وسعت القوات التركية وفصائل الجيش الوطني هجومها على محور العمليات شرقا، وبات المهاجمون على أبواب بلدة تل تمر ذات الغالبية العربية والآشورية، إحدى أكبر البلدات على طريق حلب – القامشلي M4. وسيطر المهاجمون على قرى خربة جمو، عبد السلام، خربة خلاج، القاسمية والريحانية شمال بلدة تل تمر، ووصلت الاشتباكات إلى حدود مزرعة الأبقار شمال البلدة حتى يوم مساء الجمعة. وتهاوت الجبهة الشمالية الشرقية قرب الشريط الحدوي على طريق الدرباسية بعد انسحاب قوات النظام السوري، وبقاء المقاتلين الأكراد بمفردهم هناك، مع اشتداد القصف المدفعي وشدة هجوم الجيش الوطني. وتمكن مقاتلو الفيلق الثاني في الجيش الوطني المعارض من السيطرة على قرى خضراوي والمشرفة والأسدية.
انسحاب الوحدات
رغم إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، يوم الثلاثاء الماضي، خروج قوات سوريا الديمقراطية من المنطقة الآمنة في الشمال السوري، إلا أن استمرار المعارك والفيديوهات المسربة من شرق رأس العين ينفي انسحاب المقاتلين الأكراد. حيث بثت أشرطة مصورة لمقاتلي وحدات الحماية الكردية إلى جانب قوات النظام السوري هناك ما ينذر باستمرار العمليات مع الصمت الروسي وعدم تدخل القوات الأمريكية التي لم تعد مهتمة في المنطقة الحدودية مع تركيا من الجهة الغربية، فيما تتجه لإعادة الانتشار شرق دير الزور والحسكة لمنع النظام السوري من الاستفادة من منابع النفط.
وحول خسائر الجيش الوطني، قال رئيس الحكومة السورية المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، إن “الجيش الوطني قدم 132 شهيدا و491 جريحا، وقدم أشقاؤنا في الجيش التركي 10 شهداء و144جريحا حتى يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي”.
وفي إطار الاتفاق الروسي التركي، سلمت تركيا 17 أسيرا من قوات النظام بينهم ضابط برتبة ملازم ليل الخميس بعد يومين من أسرهم. ولاقت العملية انتقادا واسعا من الناشطين على وسائط التواصل الاجتماعي بحق الجيش الوطني. حيث سلم الأسرى من دون مقابل على الإطلاق، وهو ما شكل فضيحة بحق قيادة الجيش الوطني التي فضلت الصمت وإغلاق هواتفها والامتناع عن التعقيب على ذلك.
على صعيد آخر، دخلت قيادة قوات سوريا الديمقراطية في سجال مع النظام حول مسألة انضمامها لجيش النظام، ودعت وزارة الدفاع في حكومة الأسد، الأربعاء، في بيان لها عناصر المجموعات المسماة “قسد” إلى الانخراط في وحدات الجيش للتصدي للعدوان التركي الذي يهدد الأراضي السورية وذلك بعد بسط سيطرتها على مناطق واسعة من الجزيرة السورية حسب البيان.
وقالت الوزارة إن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة مستعدة لاستقبال العناصر والوحدات من الراغبين في الانضمام إليها من هذه المجموعات وتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية والمطلوبين أمنياً.
ولفتت إلى “أننا في سوريا نواجه عدوا واحدا ويجب أن نبذل مع أبناء سوريا الموحدة من عرب وأكراد دماءنا لاسترداد كل شبر من أراضي سوريا الحبيبة”.
وفي السياق نفسه، أعلنت وزارة الداخلية في النظام عن جاهزيتها لتقديم كافة الخدمات المتعلقة بشؤون الأحوال المدنية لجميع أهالي منطقة الجزيرة السورية الذين منعتهم ظروفهم الصعبة من الحصول عليها. وعلى خطى وزارة الدفاع، أكدت الداخلية أنها تستقبل كل من يرغب في الالتحاق من قوات الأمن الداخلي في وحدات قوى الأمن الداخلي من المجموعات المسماة “أسايش”.
 ويحاول النظام التدخل في شرق الفرات من خلال أكثر المشاكل استعصاء وهي قضية التعليم، حيث يعاني الطلاب من عدم الاعتراف بشهادات مدارس الإدارة الذاتية سواء في مناطق سيطرة النظام أو في دول الجوار. وأعلنت وزارة التربية لدى النظام جاهزيتها “لمعالجة أوضاع الطلاب الدراسية في منطقة الجزيرة السورية وتعويضهم عما فاتهم من تحصيل علمي، وسيحصلون على شهاداتهم بعد خضوعهم للامتحانات وفقا للأنظمة والقوانين”. حسب ما نقلت وكالة “سانا”.
وتعتبر الوثائق الرسمية واحدة من أكبر المشاكل التي تعاني منها المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وتزداد صعوبة في مناطق “قسد” التي كان يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية” لأربع سنوات، فيما هي أقل في مناطق شمال غرب سوريا حيث تلاقي شهادة التعليم الثانوي اعترافا تركيا، وتستقبل الطلاب السوريين في فروع الجامعات التي استحدثتها في ريف حلب الشمالي، أو داخل تركيا.
دوريات تركية روسية
وانطلقت الدورية البرية المشتركة الأولى بين القوات الروسية والتركية، يوم الجمعة، قرب مدينة القامشلي، وسارت رافعة العلم الروسي، في ناحية الدرباسية التابعة لرأس العين غربي محافظة الحسكة. فيما غاب العلم التركي عن الآليات التركية، بطلب روسي تجنبا لاستفزاز الأهالي الأكراد في المنطقة، حسب ما أفاد نشطاء محليون. وتقسم منطقة الدوريات إلى ثلاث هي، المنطقة الممتدة من غرب تل أبيض إلى نهر الفرات، وضمنها مدينة عين العرب/كوباني. والمنطقة الممتدة من رأس العين إلى القامشلي. ومن شرق القامشلي وصولا للحدود العراقية قرب نهر دجلة.
وفي إطار تفاهم سوتشي في 22 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وصل وفد عسكري روسي إلى أنقرة مساء الجمعة، وهو الثاني بعد الوفد الذي وصلها قبل أيام وعقد اجتماعات في وزارة الدفاع التركية يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين. وتباحث عسكريون من البلدين حول الجوانب التكتيكية والفنية في إطار التفاهم الذي توصلا إليه.
وبشأن المتغيرات في شرق الفرات، دفعت روسيا بمجموعة إضافية تضم 300 عسكري و20 آلية مدرعة جديدة إلى شمال شرق سوريا. وتحاول تركيا، سد الفراغ الحاصل بعد السيطرة على تل أبيض ورأس العين، حيث سارعت إلى ترميم وتشغيل مستشفى تل أبيض بواسطة مديرية الصحة في ولاية شانلي اورفا، ورفدته بكوادر تركية وأخرى محلية من أبناء المنطقة. وتعمل تركيا كذلك على خطة تتعلق بالمجال الصحي والتعليمي.
وقامت الحكومة السورية المؤقتة بتعيين مجلس محلي جديد في 30 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وعين عضو المجلس المحلي القديم (قبل سيطرة قسد) وائل الحمدو رئيسا للمجلس وتم إحداث تسعة مكاتب بينها مكتب للمهجرين والسلم الأهلي. في حين أجلت الحكومة المؤقتة تسمية مجلس لرأس العين إلى حين انتهاء العمليات العسكرية في محيطها.
ومع قرار الانسحاب الأمريكي من عدة مناطق في شرق الفرات يبدو أن تعقيدا سيحصل في آتي الأيام في أقصى شرق محافظة الحسكة. حيث تتداخل المصلحة الأمريكية قرب حقول النفط في الرميلان والمالكية مع رغبة النظام بالانتشار هناك وبين الاتفاق الروسي التركي الذي حدد جزءا من تلك المنطقة ضمن خط الدوريات المشتركة أو ضمن عمق الـ30 كم الذي يتوجب خروج الوحدات الكردية منه. لذلك فان فتيل الأزمة الذي انتزع مبدئيا في منبج والطبقة وعين العرب/ كوباني سيعود للاشتعال بسبب بقاء الوحدات الكردية بحماية أمريكية هناك.