الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "جيش العزة": لا قناة اتصال مع الروس

"جيش العزة": لا قناة اتصال مع الروس

15.09.2019
أمين العاصي


العربي الجديد
السبت 14/9/2019
اعترف قائد العمليات في "جيش العزة"، العقيد مصطفى البكور، أن هذا الجيش التابع للمعارضة السورية المسلحة "تعرض لهزة كبيرة بسبب خروجه من أهم معاقله في ريف حماة الشمالي"، مؤكداً في حوار مع "العربي الجديد" أن جيش العزة "ما زال يمتلك السلاح الأقوى الذي يؤمّن استمراريته وهو الدعم الشعبي". وأضاف: تدرك الحاضنة الشعبية منذ فترة طويلة أن "جيش العزة" كان يحمل عبئاً كبيراً يفوق قدرته، خصوصاً بعد محاصرته من قبل الداعمين، لأنه رفض أن يكون أداة بيدهم بعيداً عن أجندته الوطنية السورية الثورية. وأشار إلى أن "مصير جيش العزة يحدده مسار الثورة السورية وموقف الحاضنة الشعبية، لأنه منذ البداية كان اعتماده على الله ثم الحاضنة الشعبية"، مضيفاً: استطاع "جيش العزة" وخلال فترة قياسية، أن يستعيد توازنه ويعيد ترتيب صفوفه ويعود إلى خطوط الرباط والمواجهة مع العدو الروسي والإيراني والأسدي.
وأكد البكور، وهو طيار منشق عن قوات النظام، بأن "انقطاع الدعم عن جيش العزة أسهم بشكل ما بخلق ظروف صعبة"، مشيراً إلى أن قيادة الجيش "سعت للتغلب على هذه الظروف وتلاقي تأثيراتها السلبية، وقد نجحت بفضل الله والدعم الشعبي في هذا الأمر بشكل جزئي". وأضاف: إلا أن الحملة العسكرية الروسية والإيرانية والأسدية غير المسبوقة بكافة أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة المحرمة دولياً والمدعومة بصمت دولي مريب، كان لها الدور الأكبر بما حصل من تراجع لدى "جيش العزة" وغيره من الفصائل. وكان "جيش العزة" انسحب من مسار أستانة التفاوضي في العاصمة الكازاخية منذ بدايته، بسبب استمرار قصف المدنيين في مختلف المناطق السورية، وهو ما جعله وفق البكور "عرضة للاستهداف الدائم من قبل النظام وداعميه الروس والإيرانيين". ولم ينكر البكور تلقّي "جيش العزة" دعماً من الجانب الأميركي في وقت سابق، ولكنه استدرك بالقول: الدعم الذي كان يتلقاه كان في إطار غرفتي "الموم" و"الموك" مثله مثل باقي الفصائل الأخرى من الأميركيين أو من غيرهم. وكانت غرفة "الموم"، التي كانت مركز ارتباط عسكري مقره تركيا وضمت دولاً عدة دعمت الجيش السوري الحر في شمال سورية، قد قطعت في سبتمبر/أيلول 2017 الدعم عن "جيش العزة" لتغيير مساره، والعودة إلى مسار أستانة، إلا أنه رفض ذلك.
ولطالما اتُهم "جيش العزة" بقربه من "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، في شمالي غرب سورية، من خلال التنسيق المشترك في المعارك لصدّ تقدم قوات النظام والمليشيات التابعة لها في ريفي حماة وإدلب. وفي هذا الصدد، أكد البكور "أن لدى جيش العزة هدفاً واحداً في مسيرته الثورية هو إسقاط نظام الأسد، وتحرير الأرض السورية من الاحتلال الأجنبي"، مضيفاً: كل من يعمل في هذا الإطار ولتحقيق هذا الهدف، فهو قريب منا ونحن قريبون منه بغض النظر عن الاسم أكان "هيئة تحرير الشام"، أو غيرها من الفصائل. ومبدئياً إن قربنا من الفصائل مرتبط فقط بمقدار ما يقاتلون ويقدمون في سبيل تحقيق هدفنا الرئيسي بإسقاط النظام.
وبدأت في الآونة الأخيرة ترتفع الأصوات المطالبة بحل "هيئة تحرير الشام"، فخرجت تظاهرات في مدن وبلدات عدة في محافظة إدلب تدعو لتفكيك الهيئة، ولسحب كل الذرائع من الروس، كي لا تستمر حملتهم العسكرية على المحافظة والتي من المتوقع أن تتسبب في حال استمرارها بكوارث إنسانية جمة.
في السياق، رأى البكور أن "هيئة تحرير الشام تحظى بتأييد جزء من الحاضنة الشعبية"، مشيراً إلى أنها "تعتبر الفصيل الأقوى عسكرياً في الشمال السوري المحرر". واستبعد أن تحلّ نفسها، مضيفاً: إذا كان لا بد من حلّها فإنني أرى أنه من الأفضل اندماجها مع باقي الفصائل للاستفادة من قدرتها العسكرية المادية والبشرية. وأشار البكور إلى أن "من يقصف المستشفيات والمدارس والمساجد، ليس بحاجة لذرائع من أجل استمرار القصف"، منوّهاً إلى أنه "لو عدنا بالتاريخ للخلف قليلاً فإننا نستذكر كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عندما قال: كل من يعارض نظام بشار الأسد إرهابي ويجب القضاء عليه. بذلك نستنتج بأن طرح فكرة حل "هيئة تحرير الشام"، إذا ما نجحت، فستليها طرح أفكار لحلّ فصائل أخرى، مثل "جيش العزة" و"أحرار الشام" و"جيش الأحرار" و"صقور الشام" وغيرها من الفصائل الأخرى، ويُتخذ من ذلك ذريعة لاستمرار القصف وارتكاب المجازر بحق المدنيين والتقدم باتجاه المناطق المحررة، تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
وأكد البكور أن "جيش العزة مرتبط أساساً بوحدة الهدف والمصير مع فصائل المعارضة الأخرى"، مضيفاً: هدفنا واضح هو إسقاط نظام الأسد وتحرير الأرض السورية من الاحتلال الأجنبي، فمن يسير معنا في نفس الطريق ولتحقيق نفس الهدف فهو أخ وشريك لنا، ومن سيسير في طريق آخر لا يحقق هذا الهدف، فله طريقه ولنا طريقنا. وأبدى اعتقاده "أن استمرار الحرب في سورية لأطول فترة ممكنة مطلب دولي"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر يفسر أسباب الحظر الدولي على امتلاك الجيش الحر مضادات جوية فعالة ولأسباب غير مقنعة". وأضاف أن: وجود مضادات جوية لدى الجيش الحر يعني تحييد الطيران فسقوط النظام خلال أشهر، وهذا الأمر على ما يبدو لا يحظى بتوافق دولي عليه. وحول مصير الشمال الغربي من سورية في ظل الهدنة الراهنة، رأى البكور "أن الروس والايرانيين ونظام الأسد يستمرون في محاولات السيطرة على كامل الشمال السوري المحرر، وقد صرح المسؤولون العسكريون الروس أكثر من مرة بذلك"، واصفاً علاقة "جيش العزة" بالجانب التركي بـ "الجيدة". ونفى وجود قنوات اتصال بين جيش العزة وبين الجانب الروسي، مشيراً إلى أنه "هنالك محاولات من قبل بعض الأشخاص الذين يعملون لصالح النظام والروس للاتصال معنا على فترات من باب التفاوض لتبادل الأسرى". وأضاف: لكن لم تنجح أي من هذه المفاوضات بسبب تعنت نظام الأسد حول الأسرى والمعتقلين الذين نطلب إخراجهم من سجون الأسد.
ويُعدّ "جيش العزة" من أبرز فصائل الجيش السوري الحر في شمالي غرب سورية، وقد تأسس عام 2014 من خلال اندماج العديد من الفصائل الفاعلة في ريف حماة الشمالي. ويتولى قيادة الجيش ضباط منشقون عن جيش النظام، وهذا ما يميّز هذا الجيش عن غيره من فصائل تتبع للجيش السوري الحر. ويأتي "جيش العزة" في مقدمة فصائل المعارضة المسلحة التي صنفتها واشنطن على قائمة "الفصائل المعتدلة"، وتلقى دعماً بصواريخ "تاو" المضادة للدروع والتي استطاع عبرها صدّ أكثر من هجوم من قبل قوات النظام على ريف حماة الشمالي، لعل أبرزها الهجوم واسع النطاق أواخر عام 2015 في بدايات التدخل الروسي في سورية. وهدد "جيش العزة" مع فصائل أخرى منها "جيش النصر"، أكثر من مرة مدينة حماة أهم معاقل النظام وسط سورية، ووصل مقاتلوه إلى مسافات قريبة من المدينة بعد أن سيطروا على مدن هامة في ريفها الشمالي. ولكن هذا الجيش مع فصائل أخرى تابعة للمعارضة السورية المسلحة، اضطر للانسحاب من مدن وبلدات في ريف حماة الشمالي كانت معاقله، نتيجة القصف الجوي غير المسبوق من قبل الطيران الروسي.