الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ضرب إيران في سوريا

ضرب إيران في سوريا

19.09.2018
صادق ناشر


الخليج
الثلاثاء 18/9/2018
ليست المرة الأولى التي تعلن فيها "إسرائيل" استهدافها للوجود الإيراني في سوريا، لكنها الأولى التي تشير فيها إلى توجيهها ضربة لطائرة إيرانية كانت رابضة في مطار دمشق الدولي، السبت، وتدمير ما كان في جوفها من أسلحة، وفق "القناة الإسرائيلية الثانية"، التي أشارت إلى أن الضربة استهدفت الطائرة الإيرانية بعد ساعات من هبوطها في المطار السوري، وأنها لم تكتف باستهداف الطائرة فحسب، بل دمرت ورشاً ومخازن مخصصة للصيانة، تم تمويهها بوضع شعارات الأمم المتحدة وشركات عالمية على سطحها.
لم تعد جديدةً ولا مفاجئة، الأنباء التي تأتي من دمشق عن استهداف مواقع عسكرية في سوريا وقواعد إيرانية في أراضيها، فقد لوحظ مؤخراً تزايد الضربات "الإسرائيلية" من دون أن يكون هناك رد فعل من قبل روسيا، التي تتكفل بحماية النظام ودعمه، حيث أعانته على كسر شوكة خصومه في أكثر من منطقة، ولم تتبق سوى إدلب، التي من الممكن أن تندلع فيها معركة في أي وقت.
تعترف "إسرائيل" أنها نفذت ما يقرب من 200 غارة على أهداف إيرانية في سوريا خلال العام الماضي وحده، وأنها أسقطت ما يقرب من 800 قنبلة وصاروخ، معظمها من طائرات مقاتلة على أهداف في سوريا، والهدف بالطبع القضاء على وجود إيران العسكري هناك، خاصة قرب حدود الجولان المحتل.
التبريرات "الإسرائيلية" لا تخلو من مراوغة وكذب بكل تأكيد، لكن من الواضح أن سوريا تحولت إلى ساحة من ساحات تصفية الحسابات بين الدول المجاورة لها، فإيران حاضرة في البلد، تماماً كما هو حال تركيا وروسيا والولايات المتحدة، وكل دولة لها أجندتها الخاصة، ويخطئ من يظن أن حضور روسيا ورمي ثقلها في سوريا هو من أجل الوقوف إلى جانب رئيس النظام وحماية دولته، لأن هناك ما هو أبعد من المساعدة والعون العسكري، حيث تمارس روسيا لعبة كبيرة ضد الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وسوريا في قلب هذه اللعبة.
والحال نفسه ينطبق على إيران وتركيا، والبلدان لهما حساباتهما السياسية والجغرافية، وكما أن إيران حاضرة بقوة استناداً إلى موقف النظام الإيجابي منها، فإن تركيا حاضرة بحكم النفوذ الذي تتمتع به في المنطقة منذ عقود، وهذا الحضور يجعلها قطباً مهماً في الصراع القائم، والعنصر الأبرز في المعركة التي يمكن أن تندلع في إدلب، حيث ترى أنقرة أن مصالحها ستكون مهددة، في حال كانت موازين القوى لصالح النظام.
العربدة "الإسرائيلية" في سوريا دليل واضح على أن البلد تحول إلى أضعف مكون في المشهد، صحيح أن النظام تمكن من التخلص من خصومه في أكثر من بؤرة كانت قد خرجت عن نطاق سيطرته منذ 2011، قبل التدخل الروسي لمصلحته، إلاّ أن الروس صاروا من يتحكمون بمستقبل سوريا، سواء عبر الحوار مع المعارضة أو حتى صياغة الدستور، الذي من المفترض أن يحل محل الدستور الحالي.
وفي كل الأحوال، فالتدخلات الأجنبية في الشؤون السورية لن تتوقف، وستجد سوريا نفسها ذات يوم موزعة بين مصالح أكثر من دولة وتضيع سيادتها وقرارها بشكل نهائي.