الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خطر "داعش" واستراتيجية أوباما

خطر "داعش" واستراتيجية أوباما

02.09.2014
جون ماكين



الاتحاد
الاثنين 1-9-2014
بعد أكثر من ثلاثة أعوام قتل خلالها أزيد من 200 ألف شخص في سوريا، بينما أصبح العراق على وشك الانهيار بسبب صعود أكثر الجماعات الإرهابية شؤوماً في العالم، وهي "داعش" التي غزت قطاعات واسعة من البلدين.. من المذهل أن يعترف الرئيس الأميركي باراك أوباما الأسبوع الماضي بأن "ليس لدينا استراتيجية بعد" للتعامل مع هذا الخطر! ومن الواضح أن الرئيس يريد التحرك بشكل مدروس واستشارة الحلفاء والكونجرس، حول ما يجب فعله تجاه "داعش". لا أحد يجادل في هذا الهدف، لكن التهديد الذي تمثله "داعش" يتزايد مع مرور الوقت. والجماعة لا يمكن احتواؤها بل يتعين مواجهتها. وهذا يتطلب استراتيجية شاملة وقيادة من الرئيس وإحساساً أكبر بإلحاحية الخطر. وإذا غيّر أوباما مساره وتبنى نهجاً استراتيجياً لإلحاق الهزيمة بـ"داعش" فإنه يستحق أكمل دعم ممكن.
وتتطلب مثل هذه الاستراتيجية أن يشرح القائد الأعلى للقوات المسلحة للأميركيين الخائفين من الحرب الأسباب التي تمنعنا من تجاهل هذا التهديد. و"داعش" الآن واحدة من أكبر وأغنى المنظمات الإرهابية في التاريخ. إنها تحتل ملاذاً يتزايد أمنا يمتد على أرض بمساحة ولاية انديانا الأميركية في قلب الشرق الأوسط، وصفوفها تضم آلاف المتشددين الذين يحملون جوزات سفر غربية وبينهم أميركيون. وهؤلاء لا يحتاجون لتذكرة سفر كي يعودوا إلى مدن الولايات المتحدة؛ ما جعل وزير الأمن الداخلي يصف سوريا بأنها "مسالة أمن داخلي". وردد تحذيراته وزير العدل الأميركي ومدير الاستخبارات القومية، وأكدها وزير الدفاع. ويحتاج الأميركيون لمعرفة أن "داعش" ليست مجرد مشكلة للعراق وسوريا. إنها تهديد للولايات المتحدة أيضاً. والتقاعس عن التصدي لها خلق مشكلةً والتقاعس أكثر من ذلك ليس حلاً.
ومن البديهي أنه لا يوجد حل عسكري لمشكلة "داعش"، وأن الاستراتيجية يتعين أن تكون شاملة، وأن تتضمن منع التمويل عن "داعش" وتشكيل حكومة تجمع كل الأطياف في العراق وأن يشارك السنة في السلطة والثروة بدلاً من نبذهم كي ينضموا لـ"داعش". وتتطلب إنهاء الصراع في سوريا والتوصل إلى حل سياسي هناك، لأن نظام بشار الأسد لا يمكن اعتباره شريكاً يعتمد عليه ضد "داعش"، ذلك أنه ساعد على صعوده أصلا كما يسر من قبل مهمة "القاعدة" في العراق.
وكذلك تستلزم استراتيجية مواجهة "داعش" حشد جهود شركاء أميركا في مسعى منسق متعدد الأطراف. لكن في نهاية المطاف، تمثل "داعش" قوة عسكرية تتعين مواجهتها عسكرياً. صحيح أن أوباما بدأ بتنفيذ أعمال عسكرية ضد "داعش" في العراق، لكنها كانت رد فعل تكتيكي غير متكامل. ومواصلة التصدي لـ"داعش" في العراق دون سوريا ستكون مثل القتال بيد واحدة بينما اليد الأخرى موثوقة إلى الظهر. إننا نريد خطة عسكرية تلحق الهزيمة بـ"داعش" أينما وجدت.
وينبغي أن تضع مثل هذه الخطة في اعتبارها دعم الشركاء الذين يقاومون "داعش"، مثل قوات البشمركة الكردية وعشائر السنة العراقية والمعارضة المعتدلة في سوريا والوحدات الفاعلة في قوات الأمن العراقية. فهؤلاء الشركاء يمثلون جنوداً على الأرض ينبغي للولايات المتحدة مدّهم بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والمساعدات العسكرية الأخرى. وهذا لا يعني دعم القوات الإيرانية التي لا يؤدي وجودها إلا لتفاقم التوترات الطائفية التي تعزز قوة "داعش". وينبغي إرسال قوات خاصة أميركية إضافية ومستشارين إلى شركائنا في أرض القتال، ليس ليشاركوا في القتال بل كي يساعدوا الشركاء في قتال "داعش" وتوجيه ضربات جوية مباشرة لها. فالدور المحوري في هذه المهمة يجب أن يضطلع به الحلفاء الإقليميون. لا أحد يدعو إلى غزو واحتلال وبناء دولة. بل يجب أن يكون الأمر أقرب شبهاً بما حدث في أفغانستان عام 2001، حيث ساعد عدد محدود من المستشارين القوات المحلية مع تقديم مساعدات عسكرية وتوجيه ضربات جوية لدحر الجيش الإرهابي هناك.
لكن يتعين علينا مواجهة الحقائق، ومنها أن الاستراتيجية الشاملة لإلحاق الهزيمة بـ"داعش" تتطلب المزيد من القوات والموارد والوقت. ومثل هذه المهمة ينبغي أن يشارك فيها الكونجرس. ولطالما دافعنا عن مراجعة قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية الذي يشترط دعم الكونجرس لعمليات مكافحة الإرهاب منذ سبتمبر 2001. وربما يكون قد حان الوقت الآن لتعديل هذا التفويض في ضوء تطور التهديدات الإرهابية مثل "داعش". ولو قدّم أوباما استراتيجية متماسكة وأظهر قيادة ماضية العزم لاستطاع الفوز بدعم الكونجرس. وسواء استمتع لنا أم لا، فالأهم أنه مطالَبٌ بالاستماع للقيادات التي لها سجل ناجح في مكافحة جماعات مثل "داعش"، ومنهم جون آلان وريان كروكر وجاك كين وديفيد بترايوس.
التغيير هو أصعب ما يتعين على الرئيس إنجازه، وحكم التاريخ غالباً ما يكون في صف الرؤساء الذين يستجمعون شجاعتهم ويقدمون على التغيير. فقد غير جيمي كارتر سياسته بشأن الاتحاد السوفييتي بعد أن غزا أفغانستان، وغيّر بيل كلينتون سياسته في البلقان وتصدى لعملية تطهير عرقي. وجورج بوش غير نهجه في العراق وأنقذ أميركا من هزيمة. و"داعش" تمثل تحدياً مشابهاً لأوباما، قد يجبره على البدء بتغيير نهجه وإن على مضض. وعليه القبول بضرورة تحقيق مزيد من التغيير وتبني استراتيجية لإلحاق الهزيمة بـ"داعش". وإذا فعل فهو يستحق دعماً من الحزبين. وإذا لم يفعل فإن "داعش" ستواصل نموها لتصبح خطراً أكبر على حلفائنا وعلينا.
جون ماكين
سيناتور جمهوري عن ولاية أريزونا
ليندسي جراهام
سيناتور جمهوري عن ولاية ساوث كارولاينا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"