الرئيسة \  تقارير  \  خمس أفكار من تحقيق “الغارديان” عن “فريق خورخي” الإسرائيلي

خمس أفكار من تحقيق “الغارديان” عن “فريق خورخي” الإسرائيلي

14.03.2023
آرشي بلاند

خمس أفكار من تحقيق “الغارديان” عن “فريق خورخي” الإسرائيلي
10:34 م2023-03-12
آرشي بلاند* – (الغارديان) 16/2/2023
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الغد الاردنية
13/3/2023
كشف تحقيق استمر ثمانية أشهر أجرته صحيفة “الغارديان” ونشرت نتائجه في منتصف شباط (فبراير) عن العمل القذر الذي يقوم به “فريق خورخي” الإسرائيلي لنشر المعلومات المضللة على شبكة الإنترنت والتدخل في الانتخابات. وفيما يلي إضاءات أخيرة على هذا التحقيق.
* *
في الخامس عشر من شباط (فبراير)، نشرت صحيفة “الغارديان” نتائج تحقيق استمر ثمانية أشهر عن فريق من المقاولين الإسرائيليين الذين يزعمون أنهم أثروا سرًا في أكثر من 30 انتخابات حول العالم، من خلال القرصنة، والتخريب، والمعلومات المضللة المؤتمتة على وسائل التواصل الاجتماعي.
كشف مشروع “عمليات المعلومات المضللة السوداء” Disinfo black ops، الذي تم إنتاجه بالشراكة مع صحفيين من 30 منفذًا إعلامياً بما فيها “هآرتس” و”لو موند” و”ديرشبيغل”، عن أعمال “فريق خورخي” Team Jorge، جزئيًا من خلال التحقيق، وحدد هوية العميل السابق في القوات الخاصة الإسرائيلية الذي يديره، تال هنان. لكنه ينفي ارتكاب أي مخالفة.
وقدمت إحدى القصص التي نشرتها “الغارديان” أحد الأمثلة على كيفية عمل فريق هنان: حملة للتأثير على الانتخابات الرئاسية الحاسمة في نيجيريا في العام 2015، والتي تم تنفيذها جنبًا إلى جنب مع حملة ترادفية أدارتها شركة الاستشارات السياسية البريطانية الشهيرة، “كيمبريدج أناليتيكا”، وتظهر إحدى الشرائح من عرض تقديمي حول عمل “فريق خورخي”، والتي تصف كيف تم قصف المستشارين السياسيين المعارضين في نيجيريا بمكالمات لجعل هواتفهم عديمة الفائدة، ما يلي: “إثارة الفوضى خلال يوم الانتخابات الأفريقية”.
هذه الاكتشافات مهمة بسبب الإضاءة المحددة التي تلقيها على تأثير “فريق خورخي” على الانتخابات والنزاعات التجارية. لكن لها أيضًا أهمية أكبر: باعتبارها عمودًا قويًا من الضوء ينصب على صناعة تضليل عالمية عبر الإنترنت، والتي عادة ما يذهب تأثيرها من دون أن تُرى إلى حد كبير.
سوف تدور الرسالة الإخبارية اليوم، مع مراسِلة التحقيقات في “الغارديان”، مانيشا غانغولي، حول ما عرفناه -وكم من الأشياء ما تزال تحدث في الظل. وفيما يلي العناوين الرئيسية.
* *
خمس نقاط رئيسية يمكن استخلاصها من عمليات المعلومات المضللة السوداء.
في السنوات الأخيرة، كانت أعمال التضليل المعلوماتي مقابل أجر -حيث تتعاقد الشركات الخاصة لإنشاء أو تضخيم روايات مضللة عبر الإنترنت لصالح عملائها- مزدهرة. في العام 2021، وجد معهد أكسفورد للإنترنت دليلًا على قيام شركات خاصة بتصميم وإدارة حملات تلاعب في وسائل التواصل الاجتماعي في 48 دولة في العام السابق، أي ما يقرب من ضعف الرقم للعام 2019. ولكن، بسبب طبيعتها السرية، يصعب تعقب آثار هذه الصناعة وإثبات تأثيرها وممارساتها الحقيقية.
ويشكل هذا جزءًا من السبب في أهمية المعلومات التي كشفت عنها صحيفة “الغارديان” وشركاؤها حول “فريق خورخي”. وتقول مانيشا غانغولي، وهي من الصحفيين الذين عملوا في مشروع “عمليات المعلومات المضللة السوداء”: “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها حقًا، عن قرب، كيف يعمل مرتزقة المعلومات المضللة. كنا على علم بوجود روبوتات وحسابات مزيفة تعمل على ’تويتر‘ و’فيسبوك‘، لكن الحجم الهائل لهذه العملية، التي تقوم بها وحدة واحدة فقط، مذهل”.
فيما يلي بعض الأفكار الرئيسية التي ظهرت من التحقيق.
* *
الأمر لا يتعلق بالانتخابات فحسب
كما توضح القصص حول عمل “فريق خورخي” في التدخل في الانتخابات الرئاسية في نيجيريا وكينيا، فإن المعلومات المضللة تشكل تهديدًا مباشرًا لعملية جديرة بالثقة للديمقراطية الانتخابية. ويزعم مؤسس ورئيس الفريق، تال هنان، أنه أثر في 33 “انتخابات على المستوى الرئاسي”.
ولكن، هناك أيضًا تجارة مزدهرة في مجال توكيل المهام الذي يقوم به زبائن الشركات الذين يبدو أنهم يتمتعون بنفوذ خبيث على الديمقراطية بمعنى أوسع، من خلال تشكيل الرأي العام سرًا حول كل شيء، من صناعة اليخوت في موناكو إلى منح عقود معدات الوقاية الشخصية في المملكة المتحدة. ولا يبدو أن “فريق خورخي” قد التزم بأي تمييز -وحتى في حالة وجود دليل الآن على التأثير، فقد يظل الزبون الأصلي غير خاضع للمساءلة.
تقول مانيشا: “إننا نرى كل شيء، من نقاط الحديث عن الانتخابات إلى النزاعات التجارية، إلى الأفراد الذين ينتقمون من مبعث الثأر. وحتى عندما تكون هناك أدلة على هوية الذي يقف وراء هذه العمليات، فإن الأدلة تظل ظرفية”.
* *
المعلومات المضللة على وسائل التواصل لا توجد في فراغ
تقول مانيشا: “في الماضي، بدت حملات التضليل عبر الإنترنت وكأنها تعمل بمعزل عن غيرها. لكن الشيء اللافت في هذا المثال الجديد هو أنهم لا يقومون فقط بإدارة مسألة المعلومات المضللة على الإنترنت. إنهم يشاركون أيضًا في العمليات ’على الأرض‘. وهذا مزيج خطير حقًا”.
على سبيل المثال: تمكن الصحفيون من التعرف إلى احتجاج مزيف نُظم خارج مقر إدارة شركة في لندن، حيث صور المتظاهرون الملثمون أنفسهم وهم يلوحون بلافتات -وهي حيلة تم نشرها وتداولها بعد ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي.
إذا كان من المنطقي في أي وقت من الأوقات التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي كمكان منفصل يمكن تجاهله، مع الاستمرار في الثقة بقنوات أخرى للمعلومات، فإن الاكتشافات حول “فريق خورخي” تنسف هذه الفكرة.
في إحدى الحالات، أوقفت القناة الإخبارية الفرنسية الأكثر مشاهدة، BFMTV، المذيع رشيد مباركي وأطلقت تحقيقًا داخليًا بشأن حزمة إخبارية ادعى تال هنان أنه أثر عليها، إضافة إلى عدد آخر من الأخبار التي بثتها القناة.
(ليس من الواضح ما إذا كان فريق هنان قد زرع القصص حقًا، وقد نفى مباركي أي سوء سلوك متعمد، وقال إن قصصه “حقيقية وتم التحقق منها”).
تقول مانيشا: “هذا يدل على مدى دهاء هذه الشبكة. لنفترض أن أحد العملاء يقارب ’فريق خورخي‘، ويبدأ حملة روبوتات (حسابات مزيفة)، ثم يستخدم جهات الاتصال في وسائل الإعلام لتفعيل هذه التقارير الإخبارية، ثم يتم تضخيم هذا التقرير مرة أخرى بواسطة شبكة الروبوتات.
من الخارج، يبدو الأمر حقًا مثل تغطية إعلامية مشروعة تقوم بمشاركتها مجموعة معينة من المواطنين الغاضبين. هناك رابط مباشر بين العالم المتصل بالإنترنت والعالم غير المتصل به”.
* *
شبكات المعلومات المضللة تزداد تطورًا باطراد
من خلال مقارنة نسختين من البرنامج الذي يستخدمه “فريق خورخي” لإنشاء ملفات تعريف مزيفة على الإنترنت والتحكم فيها، برنامج “حلول وسائط التأثير المتقدمة” (أهداف)، من الممكن معرفة مدى سرعة تقدم المجال -بحيث يصبح من الأصعب على الشبكات الاجتماعية التقاط هذه الحسابات.
تقول مانيشا: “في غضون ست سنوات، يمكنك أن ترى حقًا تطور التكنولوجيا وتحولاتها. كانت المشاركات من الحسابات في الإصدار الأول تبدو شبيهة كثيرًا بعمل الروبوتات.
كان عليك إضافة الأصدقاء أو جهات الاتصال يدويًا وقبول طلبات الصداقة. ومع الإصدار الجديد، كل شيء أصبح مؤتمتًا. ووفقًا لهنان، فإن الروبوتات/ الحسابات الوهمية تسخِّر الذكاء الاصطناعي لنشر المزيد من المشاركات المقنِعة”.
ثمة جزء مما هو جدير بالملاحظة بشأن الحسابات الروبوتية التي يختلقها برنامج “أهداف”، والتي قامت مانيشا بتحليل العديد منها، هو كيفية تعزيزها بهوية مزيفة كاملة عبر الإنترنت -ربط مجموعة متنوعة من حسابات الوسائط الاجتماعية برقم هاتف تم التحقق منه عبر الرسائل القصيرة، وتزويدها بملف تعريف على “أمازون” مع رصيد مرفق ببطاقة ائتمانية على سبيل المثال.
قد يفكر المرء في أفلام الجاسوسية المثيرة حيث يتم إعطاء العملاء “أسطورة” للتغطية، مع كل شيء من جواز السفر إلى عائلة مزيفة. لم يعد الأمر متعلقًا بـ’البَيض على تويتر‘(1) بعد الآن”.
تقول مانيشا: “إنه جيد جدًا في محاكاة كيف يتصرف البشر حقًا على الإنترنت. لذلك، على سبيل المثال، تم إنشاء حساب بريطاني لنشر وتضخيم كل شيء، من أخبار الـ’بي بي سي‘ إلى المنشورات عن الملِكة أو الطقس -وحتى إرفاق الملف بصورة مسروقة لشخص ما وهو يلبِس خاتم الخطوبة لشريك، أو منشورات يتحدث فيها عن تعرضه لنوبات هلع.
وبمجرد ترسيخ المصداقية للحسابات، تبدأ في مهاجمة كيان ما -ويبدو الأمر وكأن الحساب شخص حقيقي يغضب من قراءة الأخبار. يبدو الروبوت عضويًا تمامًا”.
* *
الشبكات الاجتماعية وأنظمة الاتصال هشة أمام الخطر
يدعي هنان أنه أنشأ شبكة من 30 ألف ملف مزيف على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتعاون مع المراسلين الصحفيين في “لوموند” و”دير شبيغل”، تمكنت مانيشا من التعرف على 2.000 ملف شخصي على “فيسبوك” و”تويتر”.
وقامت شركة “ميتا”، مالكة “فيسبوك”، بحذف الروبوتات المرتبطة ببرنامج “أهداف”، بينما طلبت “تويتر” من صحيفة “الغارديان” الحصول على تفاصيل عن الحسابات الروبوتية بعد النشر حتى يتمكنوا من التحقيق فيها.
وقالت مانيشا: “هذه مشكلة صعبة للغاية ومتكررة. ولكن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت منصات وسائل التواصل الاجتماعي تولي هذه المسألة القدر الكافي من الاهتمام كما ينبغي”.
مرة أخرى -لا يتعلق الأمر فقط بوسائل التواصل الاجتماعي. أخبر هنان المراسلين الصحفيين السريين بأنه كان قادرًا على اختراق محركات الأقراص وأنظمة الرسائل شديدة الحساسية، مما يشير إلى أنه فعل ذلك من خلال استغلال نقاط الضعف في نظام إشارات الاتصالات العالمي SS7، الذي ما يزال يعد نقطة ضعف منذ سنوات طويلة.
تقول مانيشا: “إنك عندما تنشئ حسابًا على الإنترنت، غالبًا ما يكون التحقق ذو العاملين (2) هو عنصر الأمان.
ولكن إذا حدث التحقق/ المصادقة عبر الرسائل القصيرة، SMS، فإنه يمكن اعتراضه، ويمكن لأي شخص في أي مكان أن يقوم باختراق حسابك”. (نصيحة مفيدة للجميع المصادقة ذات العاملين ضرورية، لكن استخدام تطبيق للتحقق على هاتفك سيكون أكثر أمانًا بكثير من استخدام رمز من رسالة SMS).
* *
التأثير كبير وواسع النطاق
في هذه المقالة التي كتبتها ستيفاني كيرشغيسنر، يجادل نير غرينبرغ، الأستاذ المساعد في جامعة بن غوريون في إسرائيل، بأن التأثير الأكبر للحملات مثل تلك التي أجراها “فريق خورخي” هو الشك الذي تثيره حول جميع أنواع التفاعلات والمعلومات عبر الإنترنت -حتى في الأشياء الحقيقية. وقال إن لديها “واجهة زائفة لتنشيط الفعالية أكبر من الحياة”.
وقالت مانيشا إن أي شخص يتابع القصة يجب أن ينظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي بقدر كبير من الريبة، وسوف يتساءل عما هو حقيقي.
لكن الأمر لا ينتهي عند هذا الحد. إن هذا النوع من النشاط يلحق ضررًا كبيرًا -ليس فقط بإيماننا بوسائل التواصل الاجتماعي، ولكن أيضًا بالتيار الرئيسي السائد لصناعة المعلومات جملة وتفصيلاً -وهذا هو التهديد الحقيقي للديمقراطية”.
*جيمس فرانكلين أرشيبالد “أرشي” بلاند Archie Bland: (من مواليد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1983): صحفي بريطاني يكتب النشرة الإخبارية الصباحية اليومية لصحيفة الغارديان، الطبعة الأولى.
شغل سابقًا منصب نائب رئيس تحرير صحيفة ‏‏الإندبندنت‏‏، وهي صحيفة بريطانية وطنية، وهو المنصب الذي تم تعيينه فيه في نيسان (أبريل) 2012، عن عمر بلغ 28 عامًا. ‏كان أيضًا محررًا لطبعة السبت من ‏‏صحيفة الإندبندنت‏‏. كان واحدا من أصغر الأشخاص الذين تم تعيينهم في منصب تحريري رفيع في صناعة الصحف الوطنية البريطانية، ووصف بأنه “أصغر نائب رئيس تحرير في تاريخ الصحيفة، والأصغر في الصحف الوطنية اليوم، وربما على الإطلاق، في شارع فليت”.
*مانيشا غانغولي Manisha Ganguly: مراسلة صحفية متخصصة في التحقيقات تعمل مع صحيفة “الغارديان”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The secret disinformation group who claim to influence elections worldwide
هوامش المترجم
(1) ‏على “تويتر”، “البيضة” هي ‏‏الشخص الذي تكون صورة ملفه الشخصي صورة بسيطة لبيضة‏‏ -التي هي الصورة الافتراضية للحساب قبل وضع صورة. وهذا يعني أن المستخدم لم يختر صورة يرفقها بملفه الشخصي بعد.‏
‏(2) المصادقة متعددة العوامل multi-factor authentication: هي طريقة تحقق ومصادقة إلكترونية يتم فيها منح المستخدم حق الوصول إلى موقع ويب أو تطبيق، فقط بعد تقديم دليلين أو أكثر بنجاح لآلية التوثيق: المعرفة، والحيازة، والملازمة.‏ وفي حالة طرق المصادقة الثنائية ذات العاملين two-factor authentication على قيام المستخدم بتزويد كلمة مرور كعامل أول، إضافة إلى عامل ثان مختلف‏‏ -عادة إما رمز أمان أو عامل بيومتري، مثل بصمة الإصبع أو مسح الوجه.‏