الرئيسة \  واحة اللقاء  \  إلى متى يظل البحر يبتلع مئات السوريين وأحلامهم؟

إلى متى يظل البحر يبتلع مئات السوريين وأحلامهم؟

23.01.2020
د. محمد عبدالرحمن عريف



القدس العربي
الاربعاء 22/1/2020
هي الأخبار تنقل لن ما يجدد الأحزان.. حيث أنه لقي 15 لاجئاً بينهم 11 شاباً من مختلف المحافظات السورية، و4 عراقيين حتفهم نتيجة غرق قارب مطاطي كانوا يستقلونه قرابة السواحل اليونانية، إثر محاولتهم الهجرة بحراً إلى أوروبا بطريقة غير شرعية. بين الحين والآخر تتكرر هذه التجربة الحزينة، ليصبح اللاجئ السوري بين غرق إقليمي وتجاهل دولي.
طريق العبور إلى القارة الأوروبية
هنا حضرت وزارة الداخلية التركية، في بيان لها "إن ثمانية أشخاص لقوا حتفهم في غرق قارب كان يحمل نحو 15 مهاجرًا قبالة السواحل التركي. وأضافت الوزارة، أن الحادثة قد وقعت ليلة الأول من كانون الثاني/ يناير 2020، في بحر ايجه، على بعد حوالي ثمانية كيلومترات من مدينة فتحية التركية (جنوب غرب)، منوهًا إلى أن خفر السواحل الذين ذهبوا إلى موقع حطام السفينة اكتشفوا جثث خمسة رجال وثلاث نساء. وأشارت مصادر إعلامية إلى العثور على 5 جثث أخرى بعد فقدان الاتصال بهم قبل أيام على بعد كيلومترات قليلة من السواحل اليونانية أثناء جولة تفقد قام بها خفر السواحل اليونانية.
الواقع أنه سبق أن لقي مئات السوريين مصرعهم غرقًا في مياه البحر المتوسط، خلال السنوات الأخيرة، في طريق العبور إلى القارة الأوروبية، أملًا في مستقبل أفضل وحياة أكثر أمانًا. ومنذ اندلاع الثورة السورية، خسر مئات الآلاف من السوريين المدنيين أرواحهم، وسط هذا الصراع، كما اضطر الملايين إلى مغادرة منازلهم وأراضيهم واللجوء إلى الدول المجاورة بشكل رئيسي، وباقي أنحـاء الـعالم.
لقد غرق المئات منهم في مياه البحر المتوسط، في طريق الحلم الأوروبي، على متن قوارب متهالكة تفتقد لأبسط معايير السلامة. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين منذ اندلاع الثورة في البلاد قبل قرابة التسعة أعوام، حوالي خمسة ملايين، ينتشرون في بلدان عدة، أبرزها دول الجوار، مثل تركيا، ولبنان، ومصر، والأردن، والعراق. وحسب تقرير المنظمة الدولية للهجرة، لعام 2018، فإنه بالرغم من تناقص أعداد الغرقى في البحر المتوسط، مقارنة مع العام 2016، إلا أنه ما زال من أكثر الوجهات المميتة بالنسبة للاجئين.
وإن جاء السوريون في مقدمة المهاجرين من حيث الأعداد، لعام 2018، حيث تستمر معاناة قسم منهم في الدول الأولى التي وصلوا إليها مثل إيطاليا، وإسبانيا، واليونان، وبلغاريا، في انتظار التوجه إلى دول أخرى شمالًا، بينما خسر المئات منهم أرواحهم غرقًا في مياه البحر. ولا توجد إحصائيات دقيقة بخصوص الغرقى السوريين في البحر المتوسط.
هي التقارير تأتي بالفاجعة، فضمن إطار مشروع "المهاجرون الضائعون"، يقوم مركز تحليل بيانات المهاجرين العالمي، ومركزه في العاصمة الألمانية برلين، بجمع إحصائيات حول اللاجئين منذ عام 2014، يوجد حوالي 497 غريقًا سوريًا على الأقل، وسبق أن قالت المسؤولة بالمشروع "مارتا سانشيز ديونيس"، إنه يجب أن يتم تحديد هويات الضحايا لتسجيل أرقام دقيقة حول أرقام الغرقى. وأضافت "قد يغرق اللاجئون وتبقى جثامينهم في البحر، وفي حالات أخرى لدى استخراج الجثامين، قد لا يتمكن الموظفون المعنيون من تسجيل معلومات الجثث، الأمر الذي يشكل عائقًا أمامنا من تسجيل أرقام دقيقة حول جنسيات الغرقى".
هنا وبشأن أعداد الغرقى السوريين في البحر المتوسط، خلال السنوات الأخيرة، أوضحت ديونيس: "لقد تمكنّا من تحديد جنسية 497 غريقًا سوريًا، بينهم 219 على الأقل في شرقي البحر المتوسط، و278 في المنطقة الوسطى من البحر المتوسط. كما تم خلال الفترة نفسها، تسجيل وفاة 298 سوريًا، في مناطق أخرى مثل، 265 شخصًا منهم في تركيا، والعراق، ولبنان، و33 شخصًا خلال محاولة العبور إلى أوروبا برًا.
البنية التحتية السياسية والاقتصادية
وأشارت إلى أنه تم تحديد غرق 67 طفلًا سوريًا، خلال الفترة نفسها، 53 منهم في شرقي البحر المتوسط، و14 طفلًا في وسط البحر المتوسط". وإن أكدت في الختام على أن هذه الأرقام ليست دقيقة، وأنها أقل بكثير من الأرقام الحقيقية.
الواقع على الأرض للعام التاسع أن تركيا تستضيف قرابة أربعة مليون سوري وتضم إسطنبول وحدها أكثر من نصف مليون سوري وفقاً لوزارة الداخلية التركية. هي بدايات جاءت مع استمرار الحرب في سوريا، حيث تعيّن على الجهات الفاعلة أن تستجيب لأزمة اللاجئين السوريين، وأن تغيّر الدول استجاباتها على مستوى السياسات، من كونها استجابات طارئة إلى نهج مستدام على المدى الطويل. هذا الواقع يحمل انعكاسات مهمّة على سياسات المجتمع الدولي والدول المانحة.
نعم عندما ظهر الخوف من الوجود السوري الدائم في المجتمعات المضيفة، تآكلت الفوائد الأولية التي جنتها الحكومة. وقد كشف السوريون نقاط الضعف المتوطّنة في البنية التحتية السياسية والاقتصادية وتلك المتعلقة بالموارد. وفي ظل تزايد الإحباط العام، اجتازت الحكومة عقبة التوتر المتصاعد عن طريق الحدّ من توفير الخدمات وتقييد وصول اللاجئين السوريين. مع ذلك، فإن التلاعب بسياسات اللجوء لن يفعل شيئاً يُذكر لتهدئة التحدّيات التي كان الجوار يعاني منها قبل وقت طويل من وصول اللاجئين السوريين، ما يؤكّد الطبيعة المسيّسة للسياسة المتبعة تجاه اللاجئين. كما أن تهميش اللاجئين أكثر سيدفع السوريين إلى المزيد من العوز وسيؤدّي، في الواقع، على المدى الطويل .
ليس ثمّة حافز لدى المجتمع الدولي للنهوض بأعباء اللاجئين السوريين، في حين يواجه تحدّيات وطنية خاصة به. وبما أن المجتمع الدولي يقلّص باستمرار تمويل الاحتياجات الناجمة عن تدفّق اللاجئين، فقد شهد اللاجئون السوريون تقييداً مماثلاً لنطاق الحماية في دول الجوار. وعلى الرغم من أن هذا الأخير شهد في الواقع زيادة صافية في المساعدات الدولية، فإن شعور المانحين بالإعياء يثير المخاوف من أن يصبحوا مسؤولين عن مجموعة أخرى من اللاجئين على المدى الطويل.
تبقى هذه لحظة حاسمة في أزمة اللاجئين السوريين. ولذا يتعيّن على المجتمع الدولي أن يتحوّل نحو نهج مستدام طويل الأجل للنهوض بأعباء السوريين النازحين والمجتمعات المضيفة. يستحق اللاجئون الحصول دعم الدول المانحة لمواجهة تحدياته الأكثر انتشاراً على صعيد الموارد والاقتصاد والحوكمة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على نطاق الحماية الإنسانية الأساسية للاجئين السوريين.
لَمِّ شمل الأسر
عليه نناشد الحكومات وخاصة ودول الجوار السوري عامةً العمل على تسهيل لَمِّ شمل الأسر السورية التي قيدتها قوانين فرض تأشيرات الدخول إليها. مع ضرورة الاهتمام بالرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعية والحق في العمل؛ للاجئين السوريين في بلاد اللجوء .مع العناية بتعليم السوريين أكثر في جميع الدول، وضرورة استيعاب الكفاءات السورية على اختلافها، والعمل على تعديل شهادات الأكاديميين السوريين ومن في حكمهم أسوةً بتعديل الشهادة الثانوية، وفرض غرامة مالية كبيرة على من يثبت عليه تقديم وثائق مزوّرة .مع الطلب من الحكومات توفير المدارس المهنية للطلبة الراغبين بالدراسة من اللاجئين السوريين. من دون ذلك فسيبقى اللاجئ السوري بين حقوق واجبة وقادم مجهول.. وسيظل البحر يبتلع مئات السوريين وأحلامهم.