الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عن الاحتفال الإيراني بـ"نهاية تنظيم داعش"

عن الاحتفال الإيراني بـ"نهاية تنظيم داعش"

04.12.2017
ياسر الزعاترة


الدستور
الاحد 3/12/2017
تابعنا خلال الأسبوعين الماضيين ذلك الاحتفال الإيراني المحموم بما سمّاه رموزها وأتباعها “نهاية تنظيم داعش” في سوريا والعراق.من سليماني إلى روحاني، وصولا إلى نصر الله في بيروت، مع تبريكات للمرشد أو “الولي الفقيه”؛ تابعنا فصول ذلك الاحتفال، بينما كان سليماني يجوب “البوكمال” رافعا شارات الانتصار.
هناك بطبيعة الحال حقيقة يجري إغفالها، وهي أن النهاية التي يتحدثون عنها ليست حقيقية بالكامل، أعني لجهة وجود جيوب للتنظيم في عدد من المناطق، فضلا عن حقيقة أنه (أي التنظيم) من دون أرض يسيطر عليها قد يكون أكثر خطورة منه وهو يقاتل دفاعا عن مناطق تحت سيطرته، كما كان عليه الحال قبل اندفاعته الثانية بعد الربيع العربي، ورد المالكي على الاعتصامات السلمية بالرصاص.
والحال أن هذه النتيجة التي يتحدثون عنها، أي فقدان التنظيم لمعظم الأراضي التي يسيطر عليها لم تكن مفاجئة بأي حال، وتحدثنا عنها مرارا؛ حتى وهو يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق، والسبب يتعلق بكل بساطة بميزان القوى أكثر من أي شيء آخر، وهو ميزان مختل على نحو سافر جدا لصالح من يقاتلونه، مع إجماع إقليمي ودولي على مطاردته.
هنا تحديدا يتبدى الجانب الساخر في المشهد، فإلى جانب الاحتفالات الإيرانية بنهاية التنظيم، كانت هناك احتفالات أمريكية، وإن كانت أقل صخبا، وأكثر تواضعا، مع أن القاصي والداني يدرك حقيقة أنه من دون غطاء الطيران الأمريكي ما كان بالإمكان حسم المعركة ضد التنظيم في العراق تحديدا، بل لربما كان بوسعه الوصول إلى بغداد في لحظة من اللحظات.
منذ الأنبار وتكريت وديالى وحتى الموصل، لم يكن الجيش والحشد العراقي يتحركان إلا تحت غطاء كامل من الطيران الأمريكي، وفي كثير من الأحيان يتقدمان في ظل سياسة الأرض المحروقة، فعن أي انتصار يتحدث أتباع خامنئي، وهل كان بوسع أي منهم أن يشير ولو مجرد إشارة لذلك الغطاء الأمريكي؟! كلا بالطبع؛ لأن ذلك سيخدش مشاعر الأتباع الذين يجري إقناعهم بأن ما جرى هو انتصار على أمريكا، وليس انتصارا لها، وأقله انتصار تم بدعمها ورعايتها؛ لأن الأتباع كانوا يتابعون دروسا سخيفة عن “تبعية الإرهابيين لأمريكا”!!
في سوريا لم يكن الحال مختلفا كثيرا، فالطيران الأمريكي كان حاضرا هنا أيضا، وإن تقدم الروسي أكثر، لكن النتيجة أن “الشيطان الأكبر” كان حاضرا في المعركتين، جنبا إلى جنب مع جنود ومليشيات “الولي الفقيه”.
لا يعني ذلك أن هناك تحالفا بين أمريكا وإيران كما يذهب البعض؛ لكننا نتحدث عن فضيحة قوم كان يعبّئون الأتباع بخطاب عبثي عن “عمالة التكفيريين” لأمريكا والكيان الصهيوني، وبالطبع لتبرير معركتهم ضد ثورة الشعب السوري، لكأن الأمة بلا ذاكرة كي تنسى أنهم وقفوا ضد تلك الثورة وهي تبذل الدم شهورا في الشوارع قبل أن تطلق رصاصة واحدة، أو كأن على الأمة أن تنسى أن سياسات إيران هي التي أعادت للتنظيم قوته بدعم سياسات المالكي الطائفية ضد العرب السنّة، وبدعم دموية بشار، وفي النهاية جنون الحوثي.
يبقى سؤال مهم هو: هل “نهاية داعش” كما يسمونها تعني أن المشروع الإيراني قد بات على وشك تحقيق أحلامه. الجواب هو لا بكل تأكيد، ولهذا الأمر وقفة أخرى أكثر تفصيلا؛ لأن المعركة لم تنته فصولا بعد، وغالبية الأمة هي من تواجه وترفض هذا المشروع. فكيف إذا كان وجود التنظيم الذي يحتفلون بنهايته هو ما منح الفرصة لإيران كي تشيطن الثورة السورية (عسكرتها كانت قرارا مدروسا من قبل النظام)، وكي تحشد العالم ضدها؟!!