الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من المسؤول عن الهجوم على الرتل الروسي في درعا… النظام السوري أم الإيراني؟

من المسؤول عن الهجوم على الرتل الروسي في درعا… النظام السوري أم الإيراني؟

17.07.2019
هبة محمد


القدس العربي
الثلاثاء 16/7/2019
دمشق – "القدس العربي" : تتصاعد المؤشرات والعوامل التي تسير في درعا جنوبي سوريا إلى واجهة التوتر، جرّاء إمعان النظام وحلفائه الدوليين في سياسة التضييق والحصار الأمني على مهد الثورة السورية التي أخضعها الحليفان بموجب اتفاقيات تسليم، تبعها حصار وإحكام أمني مشدد وحملات اعتقال ومداهمات، ما نقل المحافظة الحدودية مع الأردن والكيان الصهيوني إلى صفيح ساخن يغلي شبانها المجبرين على الالتحاق بالخدمة العسكرية ضمن تشكيلات سرية مسلحة تهدد المنطقة بالانفجار، بيد أن تحركات مشبوهة ونشاطات لم يتبنها أحد، سُجّلت خلال الأيام الفائتة، ضد رتل عسكري روسي، ما دفع بالتساؤل حول هوية المستفيد من هذه الأعمال.
وبعد نحو عام على تهجير أهلها ومقاتليها، ووسط حالة من الفوضى والفلتان الأمني، بات النظامان السوري والروسي يدركان تماماً مدى فشلهما في إحكام السيطرة على درعا، التي أعلنت روسيا عن تعرض دورية عسكرية تابعة لها لاستهداف عبر عبوة ناسفة.
وقال مدير مركز "حميميم للمصالحة في سوريا"، اللواء ألكسي باكين، السبت، إن "المسلحين في محافظة درعا السورية، فجروا قنبلة في طريق دورية للشرطة العسكرية الروسية، حيث تم تفجير عبوة ناسفة بدائية الصنع، في طريق دورية للشرطة العسكرية الروسية في محافظة درعا، على الطريق الواصل بين بصرى الشام وبلدة السهوة".
ووفقاً له، لم يصب أي من العسكريين الروس، كما أن المعدات العسكرية من الآليات لم تصب بأي أعطال، وقد تم تنفيذ الهجوم من قبل "مسلحين من جماعات إرهابية تنشط في جنوب سوريا من أجل زيادة حدة الوضع في المنطقة".
ولفت إلى أن "قيادة القوات المسلحة الروسية في سوريا اتخذت تدابير إضافية لضمان أمن الجيش الروسي"، فيما قالت مصادر محلية إن مجهولين فجّروا الطريق الواصل بين بلدتي (السهوة – بصرى الشام) بعبوة ناسفة أثناء مرور مصفحة روسية عليه، ما أسفر عن أضرار مادية.
ونفت مجموعة مسلحة تطلق على نفسها اسم "سرايا الجنوب"، وهي مجموعة تنشط في درعا وتتبنى عادة الهجمات النوعية ضد النظام، مسؤوليتها عن الهجمة.
ويقول مراقبون وقيادات من المعارضة السورية، لـ "القدس العربي"، إن طرفاً آخر يحاول تأجيج المنطقة، مشيرين بأصابع الاتهام إلى ضلوع قوات النظام بالعملية، وفي هذا الإطار، يقول القيادي مصطفى سيجري إنه وعلى الرغم من أن القوات الروسية المتواجدة في سورية لا يمكن التعاطي معها إلا على أنها قوات احتلال وداعم أساسي لنظام الأسد الإرهابي، وشريك في سفك الدم الروسي، إلا أننا ننظر للأمر على أنه محاولة من طرف ثالث لتأجيج المنطقة على اعتبار أن هناك تفاهماً قائماً بين الفصائل والشرطة العسكرية الروسية.
وأضاف لـ "القدس العربي" أن المجموعات العسكرية المشكلة من أبناء المنطقة لم تعلن المسؤولية عن العملية، لذلك اعتقد "بأن مجموعات موالية للنظام هي من قامت بالعملية" لتبرر شن عملية أمنية واسعة في المنطقة وتكون تحركاتها بدعم ومساندة من الاحتلال الروسي، بحجة ضرورة السيطرة الكاملة على أمن المنطقة.
الوضع في الجنوب السوري ذو خصوصية عربية وإسرائيلية، وخصوصاً محافظة درعا التي كانت روسيا هي الضامن لها، ونفذت التسوية عبر محور أستانة "روسيا وتركيا وإيران" وهم الرعاة لمسار له مصالح ضخمة في سوريا، متداخلة بين اقتصادية وجغرافية وسياسية وعرقية ودينية.
الباحث السياسي السوري، طلال عبد الله جاسم، تحدث لـ "القدس العربي" عن هذه القوى الفاعلة في المنطقة، والتي لا يربطها أي تحالف إستراتيجي، إنما تتسم علاقتها ببعضها بين صد ورد، حيث قال المتحدث إن "هناك تنافراً بين ثلاثي أستانة، في عدة مجالات وتزداد وتتعمق كل يوم، ويمكننا أن نصفه بتحالف الحاجة والضرورة، حيث إن هذه الأطراف تتحكم بنسبة كبيرة في الحراك المسلح على الأرض السورية".
وأضاف المتحدث، من خلال مسار أستانة تم وقف القتال في مناطق عديدة وإجراء ما سموه بالمصالحات أو التسويات، واستطاعت قوات النظام السوري والميليشيات الداعمة له السيطرة على مناطق واسعة. وكذلك أكملت سيطرتها على محيط دمشق وجنوبها، وتوسعت جنوباً إلى درعا. هذه الاجتياحات كانت مدعومة بغطاء جوي وعسكري روسي إضافة للغطاء السياسي، وكذلك بمشاركة عسكرية إيرانية على الأرض ولكن بشكل مؤقت، وموافقة إسرائيلية وأردنية ولا شك بموافقة أو على الأقل عدم اعتراض أمريكي ودولي على ما حدث، حيث تمت التسوية بضمانات روسية قدمتها روسيا لكل الأطراف ومنها المعارضة السورية المسلحة.
أهم الضمانات الروسية هي أمن إسرائيل ومنع النظام من الاستفراد بالمعارضة أو الانتقام من أشخاصها وخاصة العسكريين، والثالث وهو الأهم ضمان عدم وجود نفوذ إيراني عسكري أو حتى استخباراتي بعد انتهاء العملية العسكرية في المنطقة الجنوبية ومنها درعا.
وقال المتحدث إن نجاح موسكو في هذه المنطقة هو خطر على إيران، فإبعادها عن هذه المنطقة لا يخدم مصالحها الإستراتيجية، لذلك فإيران وحلفاؤها هم أكثر المستفيدين من إفشال الروس في درعا والمنطقة الجنوبية عموماً، هذا على صعيد الجانب الإستراتيجي.
أما التوقيت، حسب المتحدث، فهو أيضاً يشير إلى تورط إيران بما يحصل لأنها تريد أن ترسل رسائل متعددة لأمريكا أولاً ولروسيا ثانياً، بأنها ما زالت موجودة قريباً من إسرائيل وتستطيع أن تحدث أضراراً، مضيفاً أنه "لا شك أنها تريد أن تفعل ذلك في سوريا لتحسن موقعها في مواجهة الأمريكان والسعودية والإمارات ومعها الأردن وإسرائيل، خاصة بعد بروز توجهات لفرض منطقة حكم لا مركزي في المناطق الجنوبية القنيطرة درعا السويداء، وهناك اهتمام عربي أمريكي بتطوير هذه المنطقة وإعادة إعمارها".
لكن رغم أن الأدلة والمصالح كلها تشير إلى إيران، إلا أنه لا يمكننا استبعاد أن يكون هذا الاستهداف من جهات سورية تتبع لجهة عربية أو إقليمية أو حتى إسرائيلية، وذلك لإحداث خلل بين روسيا وإيران وإجبار روسيا على منع أي تواجد أو نفوذ إيراني في المنطقة، وكذلك هناك أطراف من المعارضة السورية والتي تم استبعادها من تسوية درعا لها مصلحة في هذا التصعيد ضد الروس والنظام وأيضاً لإثبات أن من يتعامل مع روسيا من المعارضين السوريين بشكل سري أو علني لا يملكون التأثير ولا النفوذ الكافي.
وبرأي عبد الله جاسم، فإن مناطق الجنوب ستواجه تحديات كبرى، وخاصة بعد قرار ترامب الانسحاب من سوريا والمواجهة مع إيران ومع الانتكاسات في المصالحات ومع الوضع الخدمي المتردي وانتهاء فترة الإعفاء من الخدمة العسكرية، حيث يقوم النظام بزج أبناء الجنوب في المعارك، وما يحصل في إدلب يوضح ذلك.