الرئيسة \  مشاركات  \  هل يُفلِحُ السوريون في تصحيحِ مسارِ ثورتهم ؟

هل يُفلِحُ السوريون في تصحيحِ مسارِ ثورتهم ؟

04.12.2016
د. محمد عادل شوك




يبدو أنّ الفواجع التي ألمّت بالسوريين، عقب التدخل الروسي لمؤازرة النظام في: 30/ 9/ 2015م، ستجعلهم في حاجة ملحة لمراجعة مسيرة ثورتهم و تصحيح مسارها، و قد زاد من الدفع في ذلك سلسلة الانتكاسات في جبهة أحياء حلب الشرقية مؤخرًا.
فممَّا وقف عليه المراقبون من تداعيات ذلك، جملةٌ من المطالب التي حملتها ردود أفعال الحواضن الاجتماعية للثورة، التي بدَت بمستوى من الوضوح غير المسبوق، تكاد أن تكون في معظمها موجّهة نحو قادة الفصائل، سواءٌ منها المنضوية شكلاً و مضمونًا في الثورة، أو المتدثرة دثارها خدمةً لمشاريعها الآيديولوجية.
و قد حملت مظاهرات جمعة: 2/ 12/ 2016، شعارات دعت في مجملها هذه الفصائل إلى تدارك الموقف قبل فوات الأوان، و تجلَّت في الأمور الآتية:
1ـ تغليب المصلحة العامة على المصالح الفصائلية، و السعي لتكوين قيادة مركزية للثورة: سياسية و عسكرية، و جعل القرار العسكري في يد السياسيين دونما غيرهم، فليس ثَمَّة ثورة أنجزت أهدافها بمثل ما هي عليه الثورةُ السورية من تشتّت المرجعية و تعدّدها.
2ـ التخلّص من آفة التخوين و التصنيف، التي جعلت جسد الثورة مهلهلاً إلى أبعد مدى، و جعلت شريحة من أبنائها تنزوي جانبًا، بعدما لحق بها بعض تبعات تلك الآفة.
3ـ نبذ المسمّيات و الرايات المتعدّدة، و التمسك عوضًا عنها براية الثورة الجامعة.
4ـ الإسراع في تشكيل الجيش الموحّد؛ فعدوّهم يرميهم عن قوس واحدة، و هم أصحاب أقواس متعددة.
5ـ الاِلتفات إلى ما يؤلِّف بين السوريين، لا ما يفرقهم، و يتجلّى ذلك في الظرف الراهن في المصالح المادية، لا في الآيديولوجيات الطارئة على ثورتهم؛ فالعامل الآيديولوجي حافزٌ للحواضن الاجتماعية كي تثور و تنهض، و لكنه ليس جامعًا لها، فلقد كسر ظهر الثورة السورية ما شهدته من الاقتتال البينيّ بين إخوة المنهج، و ما كان بينهم و بين الفصائل الأخرى ذات السمة المحلية، و ما كان بين التيار السلفي و الآخر المشيخي مؤخرًا في الغوطة الشرقية.
و تذهب الآراء إلى أنّ أحد الأسباب المهمّة في تضعضع جبهات حلب الشرقية، ما كان من الاصطفاف الآيديولوجي حينما باغتَتْ عدّة فصائل تجمّع ( فاستقم كما أُمرت ) في الأحياء المحاصرة، في: 4/11/2016، و صادرت مستودعاته، و سطت على أسلحته؛ فجعلت ظهره مكشوفًا أمام الميليشيات التي سيطرت على عدد من أحيائها لاحقًا.
6ـ السعي إلى نسج شبكة من العلاقات مع الدول المتعاطفة مع الثورة، في المحيطين: الإقليميّ و الدوليّ، و مخاطبتها بلغة المصالح، و الكفّ عن رميها بعبارات التآمر عليها، و هو الأمرُ الذي نجح فيه النظام؛ فجعلَ عددًا من الدول تليِّن مواقفها تجاهه.
إنّه لم يَعُد بمقدور الثورة السورية أن تطيق المزيد من المواقف المتشنِّجة، من الفصائل ذات المواقف العقدية أو السياسية المتباينة مع تلك الدول، التي تتعاطف مع السوريين بقدر ما تتاح لها الظروف.
7ـ ترك التباكي على أعتاب الدول الداعمة، و لاسيّما في المجال اللوجستي، و فتح مخازن السلاح المُدَّخر لدى الفصائل على مصراعيها؛ فهي أحوج ما تكون إليه اليوم، و عليها أن تدرك أنّ الدول يحكمها في مواقفها و سياساتها تفاهماتٌ مع بعضها، لا تتجاوزها بتلك السهولة التي يتصوّرها السوريون.
فما يفتأ السوريون يلحُّون للحصول على منظومة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، وحريٌّ بهم أن يعرفوا أنّ مثل ذلك قد كان للثوار الفيتناميين الشماليين، فإنّه على الرغم من أنّ الأمريكان قد أسقطوا عليهم في ثلاث سنوات، ما زاد مجموعه على ما أُسقِط على ألمانيا و إيطاليا و اليابان طيلة الحرب العالمية الثانية كلّها؛ و مع ذلك لم يقم الاتحاد السوفييتي بتزوديهم بمنظومة صواريخ ( أرض ـ جو ) ذات الفاعلية، للحدّ من حركة أسراب الطيران الأمريكي، التي تلقي تلك الحمم فوق رؤوس حلفائهم الفيتناميين، و ذلك نزولاً عند رغبة الرئيس الأمريكي نيكسون.