الرئيسة \  واحة اللقاء  \  من سراييفو إلى حلب

من سراييفو إلى حلب

24.10.2016
محمد الطميحي


الرياض
الاحد 23-10-2016
زرت سراييفو قبل أسابيع مسكوناً بقصص ومآسي الحرب الأهلية التي دارت في البوسنة والهرسك في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، ورغم تماثل المدينة للشفاء بعد أكثر من عشرين عاماً على انتهاء الحرب إلا أن آثار الدمار والرصاص لا زالت ماثلة في مباني المدينة خاصة تلك التي هجرها سكانها هرباً من الموت والحصار، وحملات التطهير العرقية التي تعد الأبشع في العصر الحديث.
للوهلة الأولى.. تشعر بأن الجميع قد تناسوا الإبادة التي عاشوا ويلاتها والمجازر الجماعية التي ارتكبت ضدهم في (سربرنيتشا) وغيرها من المدن البوسنية، لكنك ما أن تبدأ الحديث مع أحدهم أو تغوص في الأعماق حتى تجد بقايا من ألم عجزت اتفاقية دايتون للسلام بين البوشناق(المسلمين) والصرب والكروات أن تمحو آثارها أو أن تمثل العزاء الحقيقي لعشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء الذين راحوا ضحية ثلاث سنوات من القتل والتهجير القسري.
في تلك الفترة من التاريخ فرض الصراع بين القوى العظمى (السلام) بعد أن تدخل الرئيس الأميركي بيل كلينتون لدعم عمليات حلف شمال الأطلسي لقصف مواقع صرب البوسنة المدعومين من الروس، ما أجبرهم على وقف عملياتهم العسكرية التي كانت تهدف إلى تقاسم المناطق ذات الغالبية المسلمة مع الكروات.
ثلاث سنوات كانت كافية ليقف العالم الحر في مواجهة الظلم الذي لحق بالأبرياء في البوسنة، ولكن لماذا يقف عاجزاً الآن عن نجدة الشعب السوري بعد نحو ست سنوات على بداية الأزمة؟
لماذا لم يتكرر السيناريو في حلب هذه المرة التي تعيش نفس القدر من القتل والتدمير والتطهير المذهبي المتعمد ضد المدنيين؟ لماذا لم يبادر باراك أوباما إلى التوجيه بقصف مواقع قوات النظام والميلشيات الإيرانية العراقية اللبنانية المدعومة من موسكو كما فعل كلينتون بالقوات الصربية التي كان يدعمها الروس؟ لماذا تترك حلب وغيرها من المدن السورية عرضة للقصف والتدمير بينما يستمر التراشق السياسي العقيم بين موسكو وواشنطن؟ هل اختلفت الظروف؟ أم موازين القوى؟ أم الأعداء؟ أم ربما القادة والرؤساء؟
مؤخراً.. أهدى مصنع صربي زوجة المرشح للانتخابات الأميركية عن الحزب الجمهوري ميلانيا ترامب زوجين من الأحذية، الأول كما يقول أصحاب المصنع لكي يساعدها على التنقل بسهولة لدعم حملة دونالد ترامب الانتخابية، والآخر لكي تسير به كسيدة أولى إلى البيت الأبيض، يبدو من ذلك أن الصرب لم يتجاوزوا بعد موقف كلينتون في حرب البوسنة لذلك كان دعمهم لافتا لغريم زوجته حتى لو تمثل هذا الدعم بالأحذية!!
ومهما كان نوع الحذاء الذي ستدخل به هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض كرئيسة محتملة، أتمنى أن تكون على الأقل بشجاعة زوجها وأن تضع حداً لمأساة شعب عانى من خذلان المجتمع الدولي وتراجع الدور الأميركي في المنطقة، وإذا لم يكن إنقاذ السوريين هو الهدف، فعلى الأقل من أجل أن تثبت لمنافسها ترامب بأنها تتمتع بالذكاء والقوة الكافية للوقوف في وجه الرئيس فلاديمير بوتين، ولعل البداية من حلب.