الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل ستندلع حرب بين السعودية وإيران؟

هل ستندلع حرب بين السعودية وإيران؟

29.11.2017
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 28/11/2017
هناك الكثير من الكلام في الإعلام عن نيّة المملكة مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. كل خطوة تقوم بها المملكة داخلياً أو إقليمياً يتم النظر إليها من هذه الزاوية، ويقوم الإعلام بالترويج لها على أنّها تحضير لمواجهة إيران، لدرجة أن البعض ذهب إلى إمكانية اندلاع حرب مباشرة بين السعودية وإيران.
هذا الاحتمال غير ممكن عملياً، لأن المملكة لا تمتلك القدرة على مواجهة النظام الإيراني. الجبهة الداخلية السعودية مفتتة حالياً، صحيح أن هناك من يذهب إلى الحرب عندما يشعر بأن جبهته الداخلية بدأت تضعف، وعادة ما يكون الهدف من هذه الحرب توحيد الجبهة الداخلية، إزاء الخطر الخارجي، واستعادة الشرعية المحلية، ونقل النقاشات السياسية الداخلية إلى مستوى آخر، لكن وضع المملكة الداخلي تخطى مجرّد الضعف، والدخول في أي حرب من هذا النوع مع طهران ستكون نتيجته الحتمية الخسارة.
أما السبب الثاني، فهو أن وضع المملكة المالي لا يسمح لها بفتح حرب من هذا النوع. الحروب من هذا النوع طويلة ومكلفة، وتحتاج إلى اقتصاد حرب، وليس هناك ما يشير إلى امتلاك المملكة هذه القدرة الآن. هم يقولون إنهم يقومون بحملة لاعتقال الأغنياء في المملكة لاستعادة أموال منهوبة من الدولة، من أجل استخدامها في دعم مشاريع للتنمية كما يزعمون، ومن غير المنطقي الدخول في حرب في وقت اعترف به مسؤولون سعوديون بأنهم يتجهون للإفلاس، إذا ما استمر الوضع على حاله بضعة سنوات.
السبب الثالث يتعلّق بمدى كفاءة القوات المسلحة السعودية. صحيح أن القوات التقليدية الإيرانية متهالكة وقديمة، لكن إيران لا تخوض حروبها بالطرق التقليدية، وهذا هو سرّ قوتها، ومكمن المشكلة في كيفية التعامل معها عسكرياً. بحسب تقديرات المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، فإن ما أنفقته المملكة على الدفاع في العام ٢٠١٦ يساوي حوالي 39 % من حجم ما أنفقته كل دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك دول مثل العراق، وإسرائيل، والجزائر، وإيران. لا شك أن المملكة تمتلك أسلحة حديثة، لكن تعوزها الكفاءة في القدرات البشرية، وفي التخطيط، والتنفيذ، وقد أظهرت حرب اليمن مدى تواضع قدراتها العسكرية، مقارنة بحجم الإنفاق العسكري الهائل لها، والذي تتفوق فيه على دول نووية، مثل: روسيا.
السبب الرابع هو أن المملكة فشلت، حتى الآن، في مواجهة إيران في كل الساحات الإقليمية، بما في ذلك في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ومن غير المنطقي افتراض أن المملكة ستنجح في الامتحان الأصعب، في وقت لم تنجح فيه في الاختبارات الصغيرة نسبياً. حتى لو تجاهلنا جميع هذه الحقائق، وافترضنا أن المملكة ستعوّل على واشنطن وتل أبيب لإنجاز هذه المهمة، فإن لكل منهما أهدافه وحساباته الخاصة، فهذه الدول لا تخوض ولن تخوض حروباً بالنيابة عن أحد، حتى لو كانت السعودية.
هناك من يفترض أن المواجهة ستكون بالوكالة، لكن هناك سؤال يطرح نفسه، من هم وكلاء السعودية في هذه الحالة؟ لقد دخلت المملكة في صراع مع الجميع. الإسلاميون المعتدلون متطرفون بالنسبة إليها، والليبراليون/ العلمانيون فاسدون، والسلفيون إرهابيون، وهي تعاني من مشكلة مزمنة مع القوميين واليساريين، فبمن ستخوض المملكة معركتها؟!;