الرئيسة \  تقارير  \  ما أسباب تحرّك الميليشيات الإيرانية إلى الشرق السوري؟

ما أسباب تحرّك الميليشيات الإيرانية إلى الشرق السوري؟

30.01.2023
سوريا تي في

ما أسباب تحرّك الميليشيات الإيرانية إلى الشرق السوري؟
إسطنبول ـ متابعات
سوريا تي في
الاحد 29/1/2023
تثير الميليشيات الإيرانية والمدعومة من إيران تساؤلات عديدة حول تحركاتها وإعادة انتشارها المستمر في سوريا، وخاصة التحرك الذي تشهده ميليشيا "الحرس الثوري الإيراني" في انتقالها من مناطق سيطرتها وتمركزها في الجنوب السوري والشمال (حلب) باتجاه شرقي البلاد منذ أكثر من عام. وذلك على خلاف بقية القوى الأجنبية الأخرى التي حافظت نسبياً على مناطق انتشارها وتمركزها في سوريا.
فالقوات الروسية حافظت على تمركزها في قواعد بحرية وجوية معظمها بريفي طرطوس واللاذقية غربي سوريا على شواطئ المتوسط. في حين تكتفي القوات الأميركية إلى جانب قوات "التحالف الدولي" بالتموضع في شمال شرقي سوريا بالقرب من آبار النفط.
وترى صحيفة "إندبندنت البريطانية" في تقرير لها، أن الغارات الجوية الإسرائيلية على المواقع الإيرانية المتناثرة في جنوب البلاد، تعدّ أحد أهم الأسباب في ذلك التحرك، وفق ما نقلت عن "مراقبين".
وصول خبراء وعناصر إيرانيين إلى دير الزور
وتفيد معلومات بتزايد وصول خبراء عسكريين مدعومين من إيران إلى منطقة دير الزور بشكل مستمر، كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أول أمس الجمعة، وصول العشرات من عناصر "حزب الله" اللبناني والميليشيات الإيرانية من دمشق إلى شمال شرقي سوريا عبر طائرة الشحن الروسية (اليوشن)، بالتزامن مع وصول مجموعة من عناصر للميليشيات الإيرانية إلى مدينة البو كمال في ريف دير الزور الشرقي، قادمين من ريف حلب وحمص يقدر عددهم بنحو 70 عنصراً.
آلية تجنيد ميليشيات إيران للعناصر الجدد بمدينة دير الزور
وبينما تزعم بعض التحليلات أن دوافع ذلك التحرك هو "التوسع في قواعد الردع والدفاع في مناطق قريبة من الجزيرة السورية والحدود العراقية، كي لا تتفرد أميركا وحدها في هذا المكان"، تؤكد تحليلات أخرى بأن الضربات العسكرية الإسرائيلية الموجعة التي لم تتوقف طوال أكثر من عام، أجبرت الإيرانيين على نقل العدة والعتاد إلى دير الزور وأريافها.
كل ذلك يأتي في ظل استمرار سلاح الجو الأميركي وقوات "التحالف الدولي" بتمشيط المناطق التي تفصل نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد" عن الميليشيات الإيرانية في الشمال الشرقي. وتفيد معلومات بتحليق أميركي مستمر لرصد أي تحرك إيراني في المنطقة يهدد مواقع القوات الأميركية، لا سيما قواعد آبار "كونيكو" للغاز في شرقي سوريا، وفق تقرير "الإندبندنت".
هل لروسيا دور في التحرك؟
في المقابل، يرجّح بعض المتابعين وجود دور روسي خفي وعلني في إبعاد فصائل "حزب الله" اللبناني و"فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الإيراني" عن مواقع بريف دمشق ومطار العاصمة ومواقع في درعا والسويداء جنوباً إلى القنيطرة.
ولعل ذلك يأتي بعد اتفاق تم التوصل إليه في عام 2018 بين الكرملين وتل أبيب، نتج عنه وعود بإبعاد القوات الإيرانية لمسافة 85 كيلومتراً، بحسب ما أفاد قبل يومين تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية. وفي ذلك الوقت، أعلن المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف عن ذلك الاتفاق مع نشر قوات روسية للإشراف على تنفيذه.
بينما تحدثت تقارير استخبارتية أميركية عن نية طهران بناء قاعدة لنظام دفاع جوي تحتوي على صواريخ تعمل بالوقود الصلب منها (صياد بي 4) وصواريخ "أرض – جو" طراز (باور 373) يتجاوز مداها 187 كيلومتراً، بينما زادت الغارات الإسرائيلية على غالبية مواقع الدفاعات الجوية.
توتر بين إيران والنظام السوري
إضافة إلى كل ما سبق، تشهد العلاقات بين النظام السوري وإيران توتراً في الآونة الأخيرة على خلفية تأخر طهران بإرسال توريدات "الخط الائتماني" من واردات النفط، ما أدى إلى أزمة طاقة خانقة شعر بقسوتها السوريون المقيمون في مناطق سيطرة النظام خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول الماضيين، بعدما طلبت الحكومة الإيرانية مكاسب من قبيل إعطاء حقوق للإيرانيين في سوريا تماثل حقوق المواطن السوري، بالإضافة إلى مجموعة مسودات لمشاريع اتفاقيات دفعت النظام السوري إلى التريث، وتأجيل زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم روحاني بالتوازي مع مضاعفة أسعار النفط الوارد إلى النظام.
إلا أن وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان زار دمشق في الـ13 من كانون الثاني الحالي بالرغم من تسرّب أنباء التوتر بين دمشق وطهران، الأمر الذي رأى فيه سياسيون عودة تحسّن العلاقات بينهما وخاصة  مع وصول ناقلات النفط مجدداً إلى مصفاة بانياس. حيث رصدت مواقع تتبع السفن والملاحة البحرية عن توجه ناقلة (أزارجون) الإيرانية في الـ27 من كانون الثاني الجاري إلى منطقة قريبة من السواحل العمانية في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر المتوسط، ومن المرجح أن تصل إلى ميناء اللاذقية قريباً.
الولايات المتحدة والقلق الإسرائيلي
ومع تنامي النفوذ الإيراني العسكري في دير الزور منذ عام 2020، تزايد قلق كل من واشنطن وتل أبيب. ويرى مراقبون أن طهران ستجد موطئ قدم لها، ولذلك لن تتفرد الولايات المتحدة في هذه البقعة من الأرض التي وصلتها منذ عام 2015 بذريعة محاربة تنظيم "داعش" عبر حليفتها "قسد" .
مواقع الميليشيات الإيرانية وأنشطتها وقادتها في دير الزور
من جهته، يرى الناشط السياسي والحقوقي كاظم بركات أن "الانتشار الإيراني واضح وهدفه تأمين طريق إيران، العراق، دمشق أو محور إيران - اللاذقية نحو المتوسط، أو طريق إيران - العراق – لبنان، وبالتالي تحقيق حلم لطالما راود الجمهورية الإيرانية بصناعة حلف سياسي واقتصادي بين تلك الدول".
ويضيف أنه "ليس لدى الميليشيات الإيرانية المحارِبة من خيار إلا الاتجاه نحو الحدود العراقية، كمنفذ بري وحيد متاح لها، فالتقديرات الأولية لعدد الخبراء والعناصر يفوق عشرة آلاف يمكن أن ترتفع حسب طبيعة العمليات الجديدة شرقاً، ويمكن نقل السلاح والعتاد للفصائل في لبنان وسوريا".
لم يخفَ على تل أبيب هذا التحرك الإيراني باتجاه الشرق، وهي تدرك القوة الضاربة لـ "الحرس الثوري الإيراني" هناك، ولذلك تشنّ إسرائيل الغارة تلو الأخرى على مقار ومراكز الميليشيات الإيرانية شرقي سوريا وعلى قوافلها القادمة من جهة العراق.