الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل تعقد أميركا صفقة مع إيران شبيهة بتلك التي عقدتها سابقاً مع سوريا؟

هل تعقد أميركا صفقة مع إيران شبيهة بتلك التي عقدتها سابقاً مع سوريا؟

16.04.2014
اميل خوري


النهار
الثلاثاء 15/4/2014
السؤال الذي لا جواب عنه حتى الآن هو: ما الذي يحصل إذا لم يتحقق التقارب السعودي – الإيراني ولا الاتفاق الأميركي – الروسي والأميركي – الايراني، وما الذي يحصل إذا تحقق كل ذلك؟
 
الجواب عن هذا السؤال يتوقف على نتائج المحادثات حول الملف النووي الإيراني وعلى استكمال تدمير السلاح الكيميائي السوري وعلى التوصل إلى حلّ للأزمة الأوكرانية إذ لا بحث في اي موضوع بما في ذلك الحرب في سوريا قبل ظهور هذه النتائج.
في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن الولايات المتحدة الأميركية ومن معها تعدّ نفسها لمرحلة الاتفاق ولمرحلة الخلاف في آن واحد، خصوصاً بالنسبة إلى الحرب في سوريا لأن حسمها هو المنطلق لحلول كثيرة في المنطقة. ولا تستبعد المصادر نفسها أن تردّ الولايات المتحدة الأميركية إذا لم يتمّ التوصل إلى اتفاق مع روسيا، كما ردَّت في الماضي إبان الحرب في لبنان وكانت الحرب الباردة بينهما على أشدها بحيث بلغت حدّ استخدام أعمال العنف التي استهدفت السفارة الأميركية في بيروت ومقار القوات الأميركية والفرنسية التي كانت تؤلّف جزءاً من القوات المتعدّدة الجنسية وقد أرسلت إلى لبنان.
لقد ردَّت الولايات المتحدة الأميركية يومذاك على الاتحاد السوفياتي بعقد صفقة مع الرئيس حافظ الأسد حول الوضع في لبنان فأوكلت إليه أمر وقف الاقتتال فيه بموافقة عربية تمّت في الرياض ثم في الطائف وعدم ممانعة اسرائيل بعدما ضمنت بموجب هذه الصفقة إخراج المسلحين الفلسطينيين من لبنان إلى تونس. ولم يأبه الرئيس الأسد لتدخل السوفيات لديه ولا للمعاهدة الدفاعية المعقودة معه بأن لا يرسل جيشه إلى لبنان لئلا يصطدم بأصدقاء السوفيات فيه. لكن الصفقة المغرية جعلت الرئيس الأسد يمضي في تنفيذها ويخضع لبنان لوصاية دامت ثلاثين عاماً. فهل تردّ الولايات المتحدة على روسيا اليوم إذا لم تتوصل معها إلى اتفاق بعقد صفقة مع إيران بالتفاهم مع المملكة العربية السعودية تبقي روسيا خارجها وخارج المنطقة إذا تطوّرت الأزمة الأوكرانية وامتدت إلى دول أخرى كانت جزءاً في الماضي من الاتحاد السوفياتي؟
الواقع أن إيران تملك أوراق الحلّ في لبنان وسوريا والعراق وحتى في فلسطين كما كان الرئيس حافظ الأسد يملك أوراق الحلّ في لبنان وغيره في المنطقة، فما هو الثمن الذي تطلبه لبيع هذه الأوراق؟
ثمّة من يقول إن إيران تريد أن يكون لها دور ونفوذ في المنطقة ولا سيما في العراق وسوريا ولبنان لتوقف تدخلها في دول الخليج تطميناً للسعودية. ويبدو أن الولايات المتحدة الأميركية لا تمانع إذا تمّ التوصل إلى اتفاق على توزيع مناطق النفوذ في المنطقة بين إيران والسعودية وكان ضرب الارهاب ومكافحته هو الهدف الأساسي والغاية، فيقوم في العراق وفي سوريا حكم تطمئن إليه إيران ويكون قادراً على تثبيت الأمن والاستقرار ومكافحة الارهاب. أما بالنسبة إلى لبنان، ونظراً الى تركيبته الدقيقة فيكون له وضع خاص هو وضع الحياد كما حدّدته بنود "إعلان بعبدا"، وإيران قادرة على أن تجعله كذلك بعد أن تكون قد نالت حصتها في المنطقة لا سيما في العراق وفي سوريا وربما في غيرهما.
لكن الدخول في تفاصيل عقد مثل هذه الصفقة إنما هو رهن التوصل إلى اتفاق أولاً حول الملف النووي كي تطمئن اسرائيل ولا تبقى ممانعة لعقدها وتطمئن أيضاً إلى استكمال تدمير الأسلحة الكيميائية السورية ولا تعود ممانعة لقيام أي شكل من أشكال النظام في سوريا وإن خاضعاً للنفوذ الإيراني.
وعندما ينجح لبنان في اعتماد سياسة الحياد التي تجعله مستقراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً ولا يعود يتحمل تداعيات دخوله في صراعات المحاور، فانه لا يعود يواجه خلافاً حول إلغاء الطائفية السياسية بل يصير الأصلح والأكفأ والأنظف هو الذي يتولى الحكم فيه إلى أي حزب أو مذهب انتمى، إذ إن ما كان يفرض توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف الثلاث الكبرى هو الخوف على الكيان اللبناني من أن يذوب في كيانات أخرى، أو أن ينحاز في صراعات المحاور العربية والاقليمية إلى محور ضد آخر فيعاني لبنان عندئذ انقسامات داخلية تهز الأمن والاستقرار فيه وتولّد الأزمات التي يستعصي عليه حلّها.
لذلك فان حياد لبنان أو تحييده هو السبيل إلى تجنيبه الأزمات، والمحافظة على التوازنات الداخلية، والاطمئنان إلى بقائه دولة مستقلة سيدة حرّة منفتحة على الجميع ولها علاقات طيبة مع الجميع ما عدا اسرائيل إلى أن يتحقق السلام الشامل والعادل معها. وإذا كان لـ"حزب الله" تحفّظ حالياً عن حياد لبنان، فإن هذا التحفظ يزول عندما تتمّ الصفقة مع إيران وتزول معه مبررات وجود سلاح خارج الدولة. فهل هذا يتطلب المحافظة حالياً على وضع "الستاتيكو" في انتظار عقد صفقات بين الدول الكبرى فيتمّ اختيار رئيس للبنان على صورة المرحلة، ويصبح لبنان عندئذ سويسرا الشرق فعلاً لا قولاً.