الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يكون "داعش" هو ثالثةَ الأثافي في المنطقة؟

هل يكون "داعش" هو ثالثةَ الأثافي في المنطقة؟

27.07.2014
الطاهر إبراهيم



القدس العربي
السبت 26/7/2014
كانت حماس تمثل قمة الاعتدال الفلسطيني. فلا تزال كلمة الشيخ أحمد ياسين يرحمه الله (الدم الفلسطيني خط أحمر) ترن في الآذان، لذا فقد حاولت واشنطن شيطنة حماس، لتصبح مكروهة عند حكام العرب، فيسهل على واشنطن اقتلاعها من غـــــزة، وعندها يتفرق آلاف المسلحين من غزة في الدول العربية. وكما حصل للأفغان العرب، فسوف يتحول هؤلاء إلى خطر ويوجهون سلاحهم إلى دول عربية كانت تظن أنها في مأمن. بدأ مخطط واشنطن منذ نصف قرن مع منظمة التحرير، عندما لم تكن حماس موجودة، فاصطفت واشنطن من الحكام من ينفذ هذا المخطط، فبدأت بسورية وحافظ الأسد.
لن أستغرق كثيرا في تاريخ حافظ الأسد وحربه على أهل السنّة، فقد أصبح ذلك معروفا للقاصي والداني، منذ أول يوم استلم الحكم في سورية عام1970. فقد بدأ بتحشيد القوة في جبل العلويين، فأنشأ المطارات فيه. ورأينا ان الجيش الحر عندما استولى على مطارات الداخل أو دمرها، كانت الطائرات تقلع من مطارات في الجبل لتقصف البراميل على أبنية الداخل السوري. ومن قبل كان حافظ الأسد نصب المدافع بعيدة المدى على جبل قاسيون المطل على دمشق، ولم يمت إلا بعد ان اصبحت سورية ترسانة أسلحة لحماية حكم من سيرثه بعد موته.
كانت إسرائيل قد شكت من قوة جيش صدام، خصوصا بعد أن صمد في حربه ضد إيران سبع سنين، وكان ندا قويا لها، فكسر أنفها كما يقال في المثل. ووجه صواريخه إلى تل أبيب بحرب 1991، وأصابها إصابات مباشرة، فطلبت إسرائيل من واشنطن شطب الجيش العراقي من المعادلة. وعندما اجتاحت جيوش أمريكا العراق في نيسان/ابريل 2003 كان أول شيء فعله بول بريمر الحاكم الأمريكي في العراق، تسريح الجيش العراقي، وتم إنشاء أجهزة أمنية لضبط الأمن في العراق كما أراد بريمر. وعندما شكل نوري المالكي جيشا آخر في العراق كان جيشا كرتونيا لم يستطع أن يصمد ساعة واحدة أمام داعش وثوار العراق من السنة.
وبحسبة بسيطة عندما ينتزع الحكم من بشار أسد، وهو لا بد حاصل مهما تشبث بالحكم، فستكون سورية مدمرة لن تستطيع أن تهدد إسرائيل حتى بعد عشرين عاما. (استطرادا، مع انه ليس داخلا في موضوعنا، فقد عادت مصر لتكون بلدا مسالما مع إسرائيل بعد انقلاب السيسي على محمد مرسي، ونرى مصداق ذلك في سكوتها على العدوان الحالي على غزة).
أما باقي حكام المنطقة فكانوا يغطون في نوم عميق، ما كرس الاستبداد والقهر في سورية والعراق. ولم تكتف واشنطن بذلك فقد أغرت أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم دولة العراق والشام، بقصد منه أو غير قصد، لتقوية حلف المالكي والاسد، وأن يكون ثالثة الأثافي. وسكتت عن توسعه في سورية والعراق عندما أراد أن يكون له شأن بدون تبصر بما هو غير مسموح بمنطقة غنية بالنفط. وقد يكون استدرج إلى خطة وضعتها واشنطن، فلم يأخذ العبرة مما حصل مع صدام حسين، حيث كان العراق لاعبا مهما بعد انتهاء حربه مع إيران عام 1989، فاستدرجته واشنطن إلى أن يحتل الكويت، ودخل في حرب مع المجتمع الدولي، ليخرج العراق منها مهيض الجناح، وليأتي بعد ذلك جورج بوش الابن وينهي دولة كان اسمها العراق. نقول هذا الكلام مفترضين سلامة نية من قبل البغدادي مع خطأ التصرف، وقد رأى البغدادي (رأس الذئب المقطوع) معلقا في ساحة الفردوس في بغداد في ابريل 2003.
نرى اليوم أن إسرائيل تقصف مدن غزة، والعرب، كل العرب يتفرجون عليها. بعضهم ينتظر أن تستطيع إسرائيل شطب حماس من الخارطة واقتلاعها من غزة. البعض الآخر سكت عجزا أو استهانة بما يمكن أن يحصل في ما لو تم لإسرائيل هدفها، لكنهم لم يحسبوا نتيجة اقتلاع حماس من غزة، على الأقل على مصالحهم الآنية… فهل يعي العرب مخطط أمريكا قبل فوات الأوان؟
٭ كاتب سوري